[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/khamis.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]خميس التوبي[/author]
تتضافر الأدلة بصورة متوالية على أن معشر المتحالفين على هدم استقرار المنطقة، وضرب أمنها القومي، وتدمير جيوشها، وتمزيق دولها، قد وجدوا ضالتهم في استيلاد الإرهاب من منابعه الفكرية والأيديولوجية وفق الحاجة ومقتضيات الأهداف المراد تحقيقها، وهذا النجاح يضاف إلى نجاحهم في إقامة خنادق العمالة وبؤر الخيانة، ما أمكنهم تركيبهما في جسم واحد أطلقوا عليه زورًا وكذبًا مسمى "معارضة" و"ثوار"، ويتم تسويق هذا الجسم اللقيط عبر شعارات براقة وخادعة على النحو الذي بات يشاهده اليوم كل مواطن عربي غيور على عروبته وقوميته وكرامته وشرفه وأرضه وعرضه.
هذا الجسم اللقيط لا يزال الاستثمار فيه يشكل علامة فارقة تجمع معشر المتحالفين المتآمرين من المضاربين الغربيين والكثير من التابعين الإقليميين، بل يشكل نقطة تقاطع مصالح وأطماع، ومحور تلاقي مهام وأدوار وظيفية، ترسم عناوين التعاطي الغربي مع المنطقة، وطريقة المتاجرة بدماء شعوبها ومستقبلها بواسطة مجموعة من المنتفعين الدوليين والأجراء الإقليميين.‏
والمؤسف أن المكون الأول (ونعني به الإرهاب) من هذا الجسم اللقيط الذي يجتاح المنطقة ويحاول أن يضرب أمنها واستقرارها في مقتل، لا تزال شعارات مكافحته موضعًا لمزايدات رخيصة، يُرفع فيها السعر والصوت حين تلوح في الأفق إمكانية تحقيق هدف من الأهداف الموضوعة، أو أن الطرف المستهدف تمكن من إنجاز شيء ما لصالحه في ميدان المواجهة، ما يتطلب المسارعة إلى منعه وإرباكه والتشويش عليه. هذه المزايدة الرخيصة تمثل واحدًا من أخطر مظاهر النفاق الغربي، وأغلب قادته يجلسون على تراكماته الهائلة ليبنوا سيلًا من الانهيارات في منظومة المبادئ الغربية السياسية والأخلاقية والإنسانية.
ولعل ما يحدث في سوريا؛ في الرقة السورية ودير الزور كفيل بكشف مدى الانهيار الحاصل في منظومة القيم والمبادئ والأخلاق، وحقيقة المزايدات حول مكافحة الإرهاب، لتبرز بوضوح المسرحيات الهابطة، والدور الرخيص الذي يلعبه الجسم اللقيط ـ الذي أشرنا إليه آنفًا ـ في تسهيل مهمة الموِّلدين له. فالأنباء الآتية من هناك أضحت معلومات متواترة عن حقيقة ما يزعمه الإعلام الموالي لمعشر المتآمرين عن المواجهات الدائرة بين تنظيم "داعش" الإرهابي والميليشيات الأميركية، حيث تمضي عملية تسليم الأحياء من قبل التنظيم الإرهابي وتوجيهه عبر ما يسمى الممرات الآمنة إلى دير الزور، وتجميع عناصره الإرهابية تحديدًا في مدينة الميادين، وذلك لتجهيز هذا التنظيم الإرهابي في مواجهة الجيش العربي السوري، حتى تحين لحظة استلام دير الزور من التنظيم الإرهابي على النحو الحاصل في الرقة، ذلك أن هذا التنسيق العالي بين مكوِّني الجسم اللقيط (أدوات الإرهاب والخيانة والعمالة) وبين الأسياد، يقتضيه نجاح المخطط الأميركي بالسيطرة على الحدود السورية ـ العراقية ـ الأردنية. وفي هذا الصدد أشارت وكالة "أسوشيتد برس" إلى أن قادة الإرهابيين استقروا بمدينة الميادين السورية بمحافظة دير الزور، التي تقع وسط وادي بالقرب من شاطئ نهر الفرات على الحدود العراقية.
وقد كشف عمار الأسد عضو مجلس الشعب السوري يوم الثلاثاء (13 يونيو2017) في تصريحات له لوكالة "سبوتنيك" أن هناك تنسيقًا أميركيًّا على مستوى عالٍ مع "قوات سوريا الديمقراطية" التي تتشكل بعض قياداتها من الأميركيين وحلفائهم من البريطانيين والفرنسيين ومن بعض دول المنطقة، وما يحدث على الأرض عكس ما يقال في الإعلام، فهناك الكثير من المفاجآت على الأرض، فمنذ ثلاثة أسابيع نزل طيران التحالف في الرقة وأخرج عددًا من قادة "داعش" الكبار إلى مناطق غير معلومة، ولا يوجد أدنى شك بأنهم ليسوا سوريين أو عراقيين أو شيشانيين، هؤلاء هم أمراء "داعش" من الجنسيات الغربية.
وما يلفت الانتباه مع تواتر هذه المعلومات، هو أن فتح الممرات لتنظيم "داعش" الإرهابي، ونقل عناصره جوًّا، يتزامن مع نشر الولايات المتحدة راجمات الصواريخ "هيمارس" التي يصل مداها حوالي ثلاثمئة كيلومتر، وهو ما عارضته موسكو مشددة على أن أي نوع من الأسلحة من قبل قوات أجنبية على الأراضي السورية يتطلب موافقة الحكومة السورية. ولفتت وزارة الخارجية الروسية في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني إلى أن مدى استخدام راجمات الصواريخ من طراز هيمارس لا يسمح باستخدامها ضد إرهابيي "داعش" في الرقة متسائلة: "ما هي الأهداف الحقيقية التي تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيقها في سوريا وضد من تنوي واشنطن القتال هناك"؟ معتبرة الوزارة أن الولايات المتحدة "قد تشن ضربات على وحدات من الجيش السوري باستخدام راجمات الصواريخ".

خميس بن حبيب التوبي
[email protected]