أنهت وزارة التراث والثقافة مؤخراً أعمال التنقيبات الاثرية الانقاذية للمقابر الاثرية بمنطقة العيون بنيابة سناو التي تعود الى فترات زمنية مختلفة تم خلالها العثور على مقتنيات ذات دلالات هامة يجري توثيقها ودراستها وهي حصيلة مبدئية لتلك التنقيبات الاثرية نتيجة وقوع هذه المقابر على مسار مشروع طريق سناو – محوت – الدقم الجديد الذي تنفذه وزارة النقل والاتصالات.
جاء ذلك في تصريح لسلطان بن سيف البكري مدير دائرة التنقيب والدراسات الأثرية الذي أشار الى ان أعمال المسح التي تمت بالتعاون والتنسيق مع وزارة النقل والاتصالات في هذا المشروع بالكشف عن مئات المقابر الاثرية التي تعود الى فترات زمنية مختلفة منتشرة على مسافة 100 كم، قامت الوزارة بتنفيذ حفريات إنقاذية لـ 35 قبراً واقعا على مسار مشروع الطريق بحوالي 22 كم جنوب نيابة سناو. وتؤكد نتائج التنقيب بأن هذه المقابر تعود الى فترتين زمنيتين، المجموعة الاولى تعود الى الالف الثالث قبل الميلاد وتحديدا الى الحقبة الانتقالية ما بين فترة حفيت وفترة أم النار، والمجموعة الثانية تعود الى الالف الاول قبل الميلاد وضمت المقابر العديد من اللقى الاثرية كالفخاريات وأواني الحجر الصابوني .
وأضاف مدير دائرة التنقيب والدراسات الى انه كان من أبرز وأهم الاكتشافات الأثرية التي عثر عليها قبر يعود الى 2300عام ويضم رفات رجل توفي في عمر الخمسين دفن مع أسلحته الشخصية ودفن بالقرب من قبره جملان ذكر وأنثى تمت التضحية بهما بعد الوفاة ودفنهما في حفرتين مشيدة جدرانها من الحجارة. وقد دفن الرجل على جانبه الايمن ومعه سيف طوله 88 سم بالإضافة الى خنجرين ورداء وقبعة من الصوف. ووضع السيف أمام الميت ومقبضه باتجاه الوجه مباشرة والمقبض مغطى جزئيا بمادة العاج وصنع على شكل منقار النسر. كما وضع الخنجران على خصري الميت الأيمن والأيسر. وقد صنع السيف والخنجران من مادة الحديد وتم تبطينهما بالفولاذ ويعتقد أن مصدر أسلوب هذه الصناعة يرجع للحضارة الهندية التي ربما صنعت أول السيوف الفولاذية في العالم وانتشرت منها الى الحضارات المجاورة ومنها عُمان. وسوف يتم إجراء الدراسات مستقبلا على السيف والحنجرين من قبل الخبراء في مجال المعادن واذا ثبت ذلك فإنه سيكون دليلا علميا أنه أحد الانتاجات المبكرة للإنسانية لهذه النوعية من الاسلحة على مستوى العالم. ويبدو أن الميت الذي دفن في القبر كان من علية القوم ويحتمل أنه كان زعيم القبيلة وهذا ما دل عليه السيف الذي كان يحمله والرداء الذي يلبسه والجملان اللذان دفنا معه. ومن خلال دراسة بقايا المواد العضوية يلاحظ أن الميت دفن ورأسه موضوع على وساده ويرتدي حذاء من الجلد وبالقرب منه وضعت قبعته المخروطية المصنوعة من الصوف، بالإضافة إناء من البرونز وضع عند جانبه الأيسر.
وستقوم وزارة التراث والثقافة عما قريب بصيانة وترميم هذه الأسلحة بالإضافة الى إعادة بناء نموذج لهذا القبر النادر في المتحف الوطني المزمع افتتاحه مع نهاية هذا العام . كما سيتم إجراء المزيد من المسوحات والدراسات الاثرية في نيابة سناو بهدف توثيق جميع الشواهد الاثرية وحمايتها مستقبلا من التوسع العمراني والتنموي ولزيادة المعرفة بطبيعة الاستيطان الذي كان قائما في المنطقة والعوامل التي كان لها دور في ازدهار مجتمعها اقتصاديا واستمرار الاستيطان بالمنطقة عبر حقب زمنية متعاقبة .