للمحافظة على الإرث الفكري والثقافي وحمايته ليبقى شاهدا على الأصالة والعراقة والرقي الفكري العماني
الدائرة الفنية إحدى الركائز الأساسية المعنية بالمحافظة على الوثائق والمخطوطات التاريخية العمانية
الترميم يعطي فرصة نادرة للأجيال اللاحقة للاطلاع على المخطوطات ورؤية نماذج من شواهد الفكر والحضارة التي أبدعها أسلافهم
قسم الدعم الفني يطبق أهم نظامين في أرشفة المخطوطات والوثائق لحمايتها وحفظها
تعتبر الدائرة الفنية بقطاع التراث واحدة من الركائز الأساسية التي تشكل منظومة متكاملة مع مختلف الدوائر الأخرى التي تُعنى بالوثائق والمخطوطات التاريخية، للمحافظة على هذه المفردات على مر العصور، وجمعها وحمايتها من التلف ضمن أطر وتشريعات مناسبة، من خلال نشاطات ومشاركات وتفاعلات داخلية وخارجية. كما تُعنى الدائرة الفنية بتقديم دعم فني للمخطوطات والوثائق التاريخية مما يحقق الأهداف المرجوة على المدى القريب والبعيد، فإن وجود هذا الإرث الفكري الثقافي العريق، يحتم علينا الاجتهاد من أجل المحافظة عليه وحمايته ليبقى ما بقي الدهر شاهداً على أصالة هذا البلد وعراقته والرقي الفكري الذي كان يتمتع به الأسلاف، وتتمكن الأجيال القادمة الاستفادة منه والانتفاع به.

ترميم وصيانة المخطوطات والوثائق
قسم ترميم وصيانة المخطوطات والوثائق أحد الأقسام المهمة بالدائرة الفنية بالوزارة، والذي يؤدي دورا مهما وأساسيا في الحفاظ على المخطوطات العُمانية سواء تلك الموجودة بمكتبة المخطوطات، أو تلك التي يمتلكها الأهالي ويرغبون في ترميمها.
إن ترميم المخطوطات علم له أصول وقواعد وهناك مهارات وأدوات يجب أن يتقنها ويستوعبها ويحسن التدرب عليها من يعمل في هذا الحقل، ولما كانت المخطوطات ذات أهمية كبيرة فقد كان لزاما أن تكون العناية بها بالغة وأن تهيأ الظروف المناسبة التي تضمن حفظ هذا الموروث النادر بعيدh عن الضرر والتلف الذي قد يؤدي إلى التلاشي نهائيا.
ويمكن تعريف عملية الترميم بأنها عملية تكنولوجية دقيقة ذات عرف خاص موحد عالميا، وفي الوقت نفسه عملية فنية ذوقية جمالية تحتاج إلى حس عال ومهارات فائقة، وتتضمن عمليات تجميع وتثبيت وتقوية وتجميل وإعادة المواد الأثرية إلى شكل أقرب إلى الأصل، وهي بتعبير آخر عملية علاج لإزالة بصمات الزمن ومظاهره المتعددة مثل التشققات والكسور والتهتكات والثقوب واختفاء أجزاء معينة تختلف باختلاف حجمها وموقعها داخل المادة المراد معالجتها.
من هنا برزت الحاجة إلى علم أو فن يُعنى بالمخطوطات حفظا وصيانة وترميما.

أهمية
وتتجلى أهمية ترميم وصيانة المخطوطات في:
* المحافظة على إرث المخطوطات الإنساني المهم وإكسابه عمرا جديدا قد يطول لعقود وربما مئات من السنوات.
* يعطي فرصة نادرة للأجيال اللاحقة للاطلاع على هذه المخطوطات وأن يروا رأي العين نماذج من شواهد الفكر والحضارة التي أبدعها أسلافهم مدونة على مخطوطات باقية كما هي بورقها وحبرها وخطوطها وأغلفتها وزخارفها البديعة.
* تمهد وتسهل إمكانية الاطلاع والبحث في هذه المخطوطات من قبل الباحثين والمهتمين للتنقيب ونقل ما بين السطور الأمر الذي يتيح ظهور ونشر حقائق تاريخية وفكرية وعلمية.
وهناك العديد من العوامل التي تؤثر في حالة المخطوطات، وتؤدي إلى التلف، كالعوامل الطبيعية والكيميائية والبيولوجية والفيزيائية.
كما أن هناك خطوات عدة لا بد أن تمر بها المخطوطة المراد ترميمها ومعالجتها، بدءا بالتسجيل ثم التعقيم ثم التنظيف بنوعية الجاف والمائي ومعالجة الحموضة والتدعيم والتقوية بالورق واللاصق ثم التجليد وكل هذه الخطوات تتضمن تفاصيل فنية دقيقة.
مبادئ الترميم

* الحفاظ على أصالة المخطوط في جميع مراحل العمل.
* احترام أولوية الترميم والتأكد من حاجة المخطوطة للترميم.
* عدم إحداث أي تغيير بالنص كما لا يجوز إفساده أو الإضافة إليه لأن الترميم ليس هدفه تزيين المخطوط ولا تغيير أي شيء فيه وإنما الحفاظ عليه وتقويته والقضاء على الأسباب والمشاكل التي أدت به للحالة التي هو عليه.
* يجب أن يكون تدخل المرمم واضحا وقابلا للتراجع في أي مرحلة من مراحل العمل (عكسي) كما يجب أن تكون المواد والأساليب المستعملة ضامنة لأقصى ما يمكن من تدعيم للمخطوط.
* استعمال أقل ما يمكن من المواد الكيميائية.

أنواع الترميم
ينقسم الترميم إلى نوعين:
* الترميم اليدوي: الترميم بالأصل عملية يدوية خاصة تتصل بقوة التحكم ومهارة العمل وجمالية التعامل مع الآثار بصفة عامة والمخطوطات خاصة باستخدام أدوات خاصة، ورغم التطور العلمي والتقني فإنه ما زال معروفا أن الترميم اليدوي هو أغلى أنواع الترميم وهو الحرفة النادرة في العالم التي تعنى بإعادة الروح إلى المخطوطات النادرة القيمة وإرجاعها إلى أصلها وكذلك في المطبوعات والوثائق الثمينة.

* الترميم الآلي: يستخدم لترميم المطبوعات وفي حدود ضيقة للمخطوطات الصعب ترميمها يدوياً. وتتم عملية الترميم الآلي في جهاز باستعمال معلق لب الورق في الماء Leaf Casting ، وتعتمد فكرة الجهاز المستخدم على استعمال معلق لب الورق المضروب جيدا في الماء محسوبا وزنا ومساحة، ثم امتصاص هذا المعلق في الثقوب والمساحات الناقصة ليكون مساحات ورقية، ثم تأتي بعد ذلك مرحلة التجفيف تحت ضغط معين للحصول على النتيجة النهائية للترميم .

الدعم الفني
قسم الدعم الفني بالدائرة الفنية يعمل على حماية المخطوطات والحفاظ عليها من التلف والضياع، وذلك عبر تطبيق أهم نظامين في أرشفة المخطوطات والوثائق، ويمكن تلخيص دور القسم في عملية نقل وحفظ المادة العلمية للمخطوطات عبر هذين الوسيطين.
* نظام المصغرات الفيلمية (MICROFILMS): وهو عبارة عن تصوير وأرشفه المخطوطات على أفلام الميكروفيلم، حيث يعتبر هذا النظام الأهم من بين النظامين لارتباطه الجذري بالأرشفة والحفظ، وكفاءته العالية في تحقيق أهداف خدمة المخطوطات وأرشفتها، وكذلك لكون عمره الافتراضي أطول حيث يقدر بمئات السنين خاصة متى ما وفرت له ظروف التخزين الملائمة، وقد بدأ العمل بهذا النظام منذ عام 2000.
يمر نظام المصغرات الفيلمية بعدة خطوات ومراحل إنتاجية، تتمثل في التصوير حيث تتم هذه المرحله بواسطة جهاز تصوير ميكروفيلمي ذي كفاءة عالية مركب بداخله شريط خام ROLL FILM 35MM وبطول 30 مترا، ويستوعب كل شريط أكثر من ألف ورقة ويكون التصوير في غرفة مظلمة يكتفي فقط بالإنارة الساقطة من مصباح الجهاز نفسه وذلك من أجل جودة التصوير.
لقد تم الانتهاء من تصوير 1180 شريط ميكروفيلم ((Master Negative Film حوت 4000 مخطوطة من مخطوطات الوزارة وكذلك مخطوطات لمكتبات أهلية وأخرى لمواطنين.
والخطوة الثانية في النظام هي التحميض، فبعد الانتهاء من تصوير مجموعة من أشرطة الميكروفيلم، تأتي مرحلة التحميض التي تتم في غرفة خاصة بواسطة جهاز تخصصي لهذه العملية (processor machine) بوجود محاليل كيميائية كمادتي ((Developer و(Fixer)، الجدير بالذكر أن عملية التحميض تتم تحت إنارة خاصة، لأن أشرطة الميكروفيلم الخام إذا تسرب إليها الضوء فإنها تفسد وتكون غير صالحه للحفظ.
والخطوة الثالثة هي مراجعة الأشرطة (عملية المونتاج)، للتأكد من جودة الأشرطة بعد عمليتي التصوير والتحميض، وتتم هذه الخطوة على جهاز قارئ الميكروفيلم READR، وفي حالة وجود خطأ معين لا بد من الإعادة حتى تكون الأشرطة خالية من العيوب والأخطاء.
وتتمثل الخطوة الرابعة في النسخ، وذلك بعد التأكد من جودة الأشرطة الأصل MASTER NEGATIVE FILM يتم نسخها إلى نسخ أخرى، بنفس الجودة حتى تحفظ في مكان آخر بعيدا عن النسخة الأصل، وذلك لتفادي حدوث ما قد يؤدي إلى التلف كالحريق مثلاً، وقد تم نسخ 800 شريط ميكروفيلم من مجموع 1180 شريطا.
ثم تأتي مرحلة حفظ الأشرطة كمرحلة أخيرة، والتي تحفظ جميع الأشرطة الأصل والنسخ في خزانات خاصة مُعدة لهذه الأشرطة.

* نظام التصوير الرقمي (DIGITAL SCANNING ): وهو تصوير المخطوطات على ماسحات ضوئية عالية الجودة، ويعتبر هذا النظام الأسرع والأسهل في عملية الإنتاج والأرشفة، وبدأ استخدام هذا النظام بالوزارة في 2010 م كبداية فعلية وإتاجية.

مراحل وخطوات التصوير الرقمي

* التصوير(SCANING ): يتم التصوير على جهاز تخصصي ذي جودة عالية جدا ًويربط بالحاسب الآلي، حيث يتم التعرف على المصور، ويتم التصوير على صيغة (TIFF) لكونها الأحسن للحفظ والاسترجاع.
* مراجعة التصوير: بعد الانتهاء من تصوير المخطوط يتم مراجعتها للتأكد من الجودة وبعد التأكد يتم عمل نسخ أخرى للمخطوط بصيغة ( JPEG ) والأخرى بصيغة (PDF ).
* الفهرسة: لاستكمال انتقال المخطوط المصور للحافظات الالكترونية (SERVERS) لا بد من إدخال بياناته وذلك ليسهل البحث والاسترجاع.
* الحفظ: يتم حفظ المخطوطات المصورة على حافظات إلكترونية ذات سعة استعابية كبيرة وفي غرفة مهيأة للحفظ بدائرة نظم المعلومات في تلك الحافظات، وبالتالي تكون كل مخطوطة في ملف خاص بها يحمل رقمها العام، وإن لكل صيغة خاصية فصيغة (TIFF) هي للحفظ البعيد الأمد وللاسترجاع عند الحاجة، أما صيغة (PDF) فهي مهمة لمرحلة نشر المخطوطات على الشبكة العالمية، وصيغة (JPEG) فهي لخدمة الباحثين وأصحاب الدراسات للاستفادة من النسخ الرقمية للمخطوط.