[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
اسئلة كثيرة حول ما وصلت إليه الأمور في العراق من استيلاء " داعش " على محافظة نينوى وعلى الموصل وربما حتى خروج المقال إلى النور تكون محافظة صلاح الدين قد سقطت بيدها، وقد نكون بعد حين مع سقوط قلاع عراقية اخرى لا نعرف مداها .. وبهذا يكون العراق امام محنة ليس لها مثيل، قد تكون شبيهة بالاحتلال الاميركي واكثر، بل هي عملية اقتلاع لارض العراق من حيث جغرافيتها المتعارف عليها.
انها محنة تضاف إلى مآسي العراق، لكنها اشد وادهى، وهي بتعبير ادق ضربة قاصمة في عمق العراق وفي مستقبله السياسي والانساني والشعبي والاجتماعي .. ان تحتل "داعش" كل هذه المناطق لا يحمل غير معنى واحدا اما ان هذا التنظيم قوي الى درجة تضاهي اقوى الجيوش، ام ان هنالك دخولا على خط المواجهات من قبل قوى كبرى ادى إلى هذه النتيجة .. وفي الحالتين لا بد من الاعتراف ان الجيش العراقي الفتي ما زال يحبو، بل ان عناصره يعيشون الترهل الوطني الذي ادى إلى تلك القسمة المذهبية والطائفية بداخله، ونكاد ان نقول ان قلوبهم مع العراق فيما سيوفهم عليه، وتلك أزمة بل نفاذ إلى المصير الوطني الذي اصبح مشكلة لا حل لها.
لا شك ان تشكيل "داعش" ليس مجرد تنظيم محلي بل له كل الامتدادات الخارجية التي تعطيه الروح في الاستمرار والانتعاش وتحقيق الغايات .. فغايات هذا التنظيم تعود إلى إرادات مموليه، وافكار هذا التنظيم ليست سوى اشتقاق لما يسعى إليه الممولون، ليس من قوة بهذا الحجم الا وكان لها رأس مدبر هو في النهاية دولة او دول لأن المؤسسات مهما كانت تعجز عن تسيير جيش كبير مؤلف من آلاف ومدجج بكل انواع السلاح وله استراتيجيته الواضحة في التمدد التي تحتاج ايضا الى دفع ودعم.
اذا كان علينا ان نفهم البعد السياسي لعملية " داعش " البارحة، فمن المفهوم انها تصيب مباشرة الدولة بشخص رئيس وزرائها نوري المالكي وما يتبعه، وليس جديدا خطط القضاء على المالكي، بل نكاد القول ان الوضع العراقي برمته لن تتوقف احداثه الا اذا تغير شكل مؤسساته الدستورية الحاكمة..
نحن اذن أمام معضلة اذا ما اعترفنا ان الجيش العراقي في المناطق التي استولت عليها "داعش" قد انهار بهذه الطريقة، وهو امر بالغ الخطورة، ليس فقط لما هو عليه من فتاوة، بل لأنه مخترق في اعلى قواه، ولربما هي مسألة خاضعة للنقاش اذا استرجعنا ايضا كيف تمكنت الدبابات الاميركية من اختراق العاصمة بغداد بطريقة سهلة تكاد تشبه ما حصل البارحة.
لا نعرف ردود فعل النظام العراقي والدولة العراقية سوى انها تكاد تستسلم للمصير معربة عن املها بأن تتمكن من الدفاع عن المحافظات الأخرى، وهو امر يعني في بعده السياسي انها دولة فاشلة، خصوصا وان المالكي وجه بالأمس نداء الى العالم وجامعة الدول العربية والعرب وغيرهم، لكأنه لم يعد يملك القدرة على الفعل.
كنا قد استبشرنا سابقا بإمكانيات الجيش العراقي في تصديه لذلك التنظيم الخطير على مستقبل العراق والأمة .. لكن انقلاب الصورة يفتح الطريق امام "داعش" إلى مناطق أحرى ويقوي عضدها على الاراضي السورية وربما في اماكن اخرى.
انها معركة العراق المصيرية، بل لعلها المصير السياسي للدولة والنظام الذي بات امام مفترق خطير لا يخصه وحده بل يخص الأمة بكاملها .. المطلوب انهاء سيطرة "داعش " على كل شبر في العراق مهما كان الثمن، او الاصغاء السهل للقوى التي تحركها من اجل غاياتها السياسية، وبذلك على العراق السلام.