[author image="http://alwatan.com/styles/images/opinion/abdalahabdelrazak.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. عبدالله عبدالرزاق باحجاج [/author]
دخل شارع الرباط الاستراتيجي بصلالة ضمن ما يطلق عليها بشوارع الموت، دخلها بدرجة الامتياز المرتفعة بسبب حوادثه المميتة المتكررة، واي ميتة؟ لو رجعنا إلى الوراء قليلا، فسوف نجدها إما أن تكون دهسا من قبل عربات أخرى مارة بالطريق بعد سقوط الضحايا من السيارات على جانبه، وتتحول الجثث إلى اشلاء، والجزء من الشارع الذي تتواجد فيه على جهته المتقابلتين المحاكم والمراكز التجارية الكبيرة وبعض الخدمات الأخرى مثال على هذه التداعيات المأساوية أو تكون الميتة نتيجة تصادم عربتين وجها لوجه بعد انحراف احداهما نحو الحارة الأخرى المجاورة التي في الاتجاه المعاكس المتقابلة، ومثل هذه القضية ليست جديدة، والجديد فيها وفاة مؤخرا شابين في مقتبل عمرهما على الشارع نفسه وتحديدا في الجزء الممتد من دوار برج النهضة وحتى دوار أم الغوارف، مما أصبحت قضية الحوادث على هذا الشارع قضية رأي عام.
والمشكلة دائما هي نفسها القديمة الجددة، غياب الجسور والانفاق وعدم وجود حواجز اسمنتية تفصل الاتجاهين المعاكسين للشارع، كما تظهر لنا كجزء من المشكلة السرعة القانونية، وعدم انتظام الرقابة الآلية والبشرية على طوال اقسام هذا الشارع وبالذات بين دوار النهضة وحتى أم الغوارف رغم تواجدها لكنها ليست بصورة دائمة ولا حاسمة، بدليل تكرار التجاوزات على يمين سائقي العربات المحظورة، وتكرارها يعني غياب عنصر الردع الحاسم، وقضية السرعة قد أصبحت تطرح نفسها على هذا الشارع، ونخص بالذكر ذلك الجزء المحدد سابقا قد أصبحت قضية آنية بعد حادثة وفاة شابين في مقتبل عمرها مؤخرا فالسرعة القانونية فيها (100) كيلو للعربات الصغير و(80) كيلو للعربات الكبيرة، فهل ستسارع شرطة عمان السلطانية إلى تخفيضها إلى (80 و50) كيلو مترا على طول ذلك الجزأين المهمين من شارع الرباط، كرد فعل أولي بعد أن تحول هذا الشارع إلى شارع الموت، فوفاة الشابين في حادث على هذا الطريق قد هز محافظة ظفار كلها، حيث أودعتهم إلى مثواهما كبيرها وصغيرها، امتلأ بهم جامع السلطان قابوس بصلالة في مشهد جنائزي رهيب جدا، يعكس لنا حجم الالم الاجتماعي العام لهذا المصاب، وكذلك حجم الاستياء من حوادث هذا الشارع، لن تمحو من ذاكرتنا مشاهد سقوط الضحيتين على الطريق التي تناقلت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مشهد لا يمكن أن يكون الا سينمائيا أو بتدخلات الفوتو شوب، أما الواقع فهو يرفضهما جملة وتفصيلا، ولا بد من إيجاد الحل السريع له، والشيء نفسه اي الحل السريع تحتمه حوادث الاصطدام للسيارات المتقابلة، وهنا لا بد أن نتساءل عن سبب صمت وتفرج الجهات الحكومية المعنية على تكرار هذه الحوادث المميتة دون أن تفعل شيئا للحيلولة دون وقوعها مجددا، فهناك مشكلة كبيرة على هذا الطريق قد أصبحت تحصد الأرواح، والمنطق يقول لا بد من التدخل السرع لحلها؟ وقد كنا نتوقع أن تعمل الجهات الحكومية شيئا فوريا قبل حادثة شباب ظفار، لكنها لم تكن عند التطلعات، وهي فعلا قضية شباب ظفار بعدما رأينا حجم التضامن المجتمعي الكبير والواسع النطاق معها ليس على مستوى حضور الصلاة عليهما فقط، وإنما ردود الفعل الكبيرة التي توالت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لكنها اي الجهات الحكومية لا تزال تلتزم الصمت وتفضل سلبية الفعل بدلا عن التجاوب مع المطالب الاجتماعية الضاغطة، لماذا؟ ربما لا يعنيها موقف الرأي العام، ولو كان لهذا الرأي العام من تأثير في بقاء السلطة أو نزعها من المقصرين لسارع كل فاعل إلى الاعتداد بالرأي العام، وفي محاولتنا لفهم خلفيات الصمت والسلبية، فسرنا المسألة بأن الحل ربما يكون ضمن مشروع إضافة حارة ثالثة على الشارع نفسه، لكن مصادر خاصة جدا كشفت لنا أن المشروع خال تماما من اية حواجز اسمنتية أو غيرها تفصل ازدواجية أو ثلاثية هذا الشارع؟ وهذا انكشاف جديد لوجه جديد من أوجه القصور في حل المشاكل القائمة رغم انها قد أصبحت معلومة بالضرورة، ورغم أنها قد أصبحت تحصد أرواح غالية علينا، لماذا؟ وما هي الاسباب؟ ليس الحواجز الاسمنتية هي غاية في ذاتها وإنما وسيلة لتحقيق غاية، وإذا ما رأى أو اكتشف الخبراء والمهندسون وسيلة أخرى تعطينا نفس النتائج الايجابية ، فلا مانع من تبنيها، الاهم هنا، ان تشعرنا الجهات الحكومية المعنية، وهي كثيرة، أنها تعمل على بصورة جدية على عدم سقوط ارواح جديدة على الشوارع وبتلك الكيفيات المأساوية، ومن مفاجآتنا الكبرى التي اكتشفناها كذلك والتي يمكن أن تثير الرأي العام، ما افاد به لنا مصدر مطلع جدا بعدم وجود في مشروع الجسر القريب من مركز حمدان التجاري اي منفذ ارضي أو علوي يؤدي لسهل اتين للعربات القادمة من عوقد، وهذا يعني أنه يتعين على العربات الذهاب إلى دوار برج النهضة الذي عند قاعدة سلاح الجو ومن ثم الرجوع للجسر مرة أخرى للذهاب يمينا لسهل اتين أو لجبالها الرائعة، وإذا ما صحت هذه المعلومة، فهذا يعني قصورا تخطيطيا كبيرا لا بد من استدراكه سريعا قبل أن ينفذ المشروع المتعثر أصلا والذي يسير ببطء كبير، والسلحفاة اسرع منه، لكن التعثر من سببه؟ مصادر خاصة أخرى كشفت لنا أن للتعثر عدة أوجه غير الوجه الذي تظهر فيه الشركة المنفذة للمشروع، وهنا ندعو المجلس البلدي بظفار والهيئة العامة للرقابة المالية والادارية إلى البحث في أسباب التعثر الحقيقية، هل هي في الشركة المنفذة أم الجهات الحكومية المختصة؟ ولماذا لم يستوعب التخطيط كل الجوانب الفنية للأزمة للمشروع؟ وكيف يغرق حلمنا في الجسور على طول هذا الشارع في قضية الاوامر التغييرية؟
وما أدراكم ما الاوامر التغييرية في قضية مشروع شارع الرباط وبالذات جسوره أو من حث المبدأ العام؟ أنها استنزاف اموال الدولة بصورة تدعو فعلا لفتح ملفات التحقيق فيها، عموما، لو تركنا المشروع بعثراته الحالية فسوف تمر علينا عدة خريفيات وهو لم يبرح مكانه الحالي، ووضعه الحالي ليس في صالح الجهات الحكومية المختصة مهما كانت الاسباب، ويقدم اساءة جديدة لجهودها في تنفيذ مشاريعنا الاستراتيجية المعتمدة، ومعها سوف تظل قضية الحوادث المميتة على طول هذا الشارع قائمة، وقائم كذلك عدم الاعتداد بموقف الرأي العام الضاغط، من هنا، نكرر دعوتنا لشرطة عمان السلطانية بإعادة النظر في ماهية السرعة على هذا الشارع كحل جزئي عاجل لكنه مهم بعد فاجعة حادث شباب ظفار الاخير مهما كانت ردود فعل مستخدمي العربات، كما يحتم تفعيل اجهزة الرقابة وتخصيص دوريات دائمة عليه وليس في حالات دون أخرى ـ كما نشاهدها ـ على اعتبار اننا من مرتادي هذا الشارع في اليوم أكثر من ثلاث مرات، فالحق في الحياة يلزم اخذ كل السبل للحفاظ عليه خاصة بعد ما انكشفت فيه مشاكل فنية وإدارية وفكرية تهدد هذا الحق ـ والأعمار بيد الله.