[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/suodalharthy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سعود بن علي الحارثي[/author]

” هل الصراع الخارجي الذي يقوده الإنسان امتداد لصراع داخلي غريزي ثقافي تتناوشه قوى كثيرة، الروح والمادة الفضيلة والرذيلة العقلانية والجنون ... ؟ هل يليق بالإنسان سيد الأرض حامل الأمانة المتمتع بالعقل المأمور بعبادة الخالق وبالتفكر والتدبر في ملكوت الله المكلف بعمارة الأرض المساءل عن جميع أعماله أمام الخالق ... هل يليق به أن يهدر حياته ووقته وثرواته ويدمر إنجازاته الحضارية وينشر الفوضى ويهدد البيئة في صراعات وصدامات عبثية لا معنى لها ... ؟”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هل الصراع المحتدم بين الكائنات والقوى المتعددة في هذا الكون حتمي وضروري الوقوع من أجل استمرار الحياة؟ وهل تقوم الحياة فعلا وتستمر وتتجدد ويصلح حالها على وقع الصراع والتصادم المحققان للتوازن والانضباط قضاء لمشيئة الخالق وإرادته؟ وإن كان ذلك كذلك فهل من الطبيعي أن يسلك الإنسان سلوك الكائنات الحية في صراعها الدائم وهي التي حرمت من نعمة العقل والتفكير والمنطق والقدرة على التحكم في العواطف واستشراف المستقبل ؟ وهل من العقل والحكمة وبعد النظر أن يظل الصراع بين البشر من السمات البارزة التي ميزت مسيرة الإنسان جيلا بعد جيل خلال مراحل وتاريخ وجوده على هذه الأرض؟ وهل يبيح له الاختلاف مع الآخر من بني جنسه الاشتباك معه ومخاصمته والتطاول في ذلك حد الصراع المفضي إلى إفناء أحدهما الآخر لتحقيق إنجازات آنية وانتصارات وهمية ومكتسبات هامشية ؟ وهل أسباب هذا الصراع العنيف الذي يجري على أكثر من مستوى وبصيغ وأساليب ومبررات مختلفة وفي أكثر من مكان والذي يتدرج في نتائجه من حيث وقوع الضرر طبيعية ذات علاقة مباشرة بطبيعة الإنسان نفسه من حيث إنه جبل على الولع والشغف بالاشتباك والصراع مع بني جنسه أو مع غيره من الكائنات الأخرى؟ أم أن الأسباب مرتبطة في حقيقتها بالصراع على المصالح والنفوذ والمناصب والثروات واختبار القوة ... أم هو الخلاف في الرأي بين البشر بسبب اختلافهم في الرؤية والذي يتطور تدريجيا ليصل إلى مرحلة الصراع والعنف؟ وهل هذا الاختلاف ذا مصدر أيديولوجي عقدي أم سياسي أم اجتماعي أم ثقافي ... أم ذلك جميعه أفضى إلى الصراعات الهائلة والعنيفة بعد أن اختلف الناس باختلافهم على النظريات والثقافات والرؤى مذاهب وأشتاتا يسارا ويمينا جنوبا وشمالا؟ هل تعود أسباب الصراع إلى تحكم العاطفة والأهواء والنزعات والنزوات المتعددة، أم هو مرض يصيب الإنسان حاله كحال بقية الأمراض والعلل التي تصيبه غرورا وتكبرا وغطرسة وأنفة ؟ هل هو صراع على البقاء يجري بين أقوياء وضعفاء بغرض التحكم والتوسع والإشباع والاستحواذ في هجوم ضار يقابل بصد ودفاع ومقاومة واحتماء في سيناريو يتجدد وتختلف مناطقه على ضوء انتقال موازين القوى ... ؟ هل الصراع الخارجي الذي يقوده الإنسان امتداد لصراع داخلي غريزي ثقافي تتناوشه قوى كثيرة، الروح والمادة الفضيلة والرذيلة العقلانية والجنون ... ؟ هل يليق بالإنسان سيد الأرض حامل الأمانة المتمتع بالعقل المأمور بعبادة الخالق وبالتفكر والتدبر في ملكوت الله المكلف بعمارة الأرض المساءل عن جميع أعماله أمام الخالق ... هل يليق به أن يهدر حياته ووقته وثرواته ويدمر إنجازاته الحضارية وينشر الفوضى ويهدد البيئة في صراعات وصدامات عبثية لا معنى لها ... ؟ هل هذا التزاحم والتناسل والتكاثر للصراع البشري الذي لا يهدأ في مكان إلا ويشتعل في مكان آخر يدعم رؤية نيلسون الذي يرى في الصراع السمة المميزة للعلاقات الدولية وللحياة التي تحكمها الحروب، ولا يرى مكانا للسلام إلا (على الآلات الكاتبة وفي القبور، وساذج من يعتقد بغير ذلك)؟ هل قدر على الإنسان أن يعيش حياته بين صارع أو مصروع قاتل ومقتول ؟ ... أسئلة كثيرة يختزنها الإنسان في داخله أو يعبر عنها في مناقشاته وكتاباته وهو يشهد احتدام الصراع بين البشر على أكثر من مستوى بين الأفراد وبين الأنظمة والدول وبين الجماعات والتيارات والمذاهب والطوائف ... وفي أكثر من مكان في الشرق والغرب وفي الجنوب والشمال، صراع دموي لا يليق بالإنسان من منطلق أنه سلوك غير حضاري يتنافى مع الذوق والمنطق ومع اللغة السليمة الداعية إلى إشاعة أجواء الحوار وإلى تعزيز ثقافة السلام والتآلف والتعاون والإسهام في اعمار الأرض وتنميتها وبناء الإنسان والأخذ بأسباب التطور والتقدم والحفاظ على الإرث الإنساني، ولأن الصراع يقوم على نبذ الآخر وإقصائه ويفضي إلى الفوضى وإلى هدم ما بناه الإنسان وما أبدعه من فنون وآداب وثقافات أنفق عليها فكره وعمره وماله، أسئلة مكبوتة لأن البوح بها لم يعد يسفر عن شيء أمام هذا الجنون العاصف وهذه العبثية التي يقودها البشر وهذا التهور في السلوك الذي يتفجر براكين من العنف والصراعات والتصادم والحروب المباشرة منها والخفية تقودها دول عظمى وجماعات وأنظمة وأفرادا احترفوا عمليات القتل والتدمير والقمع وإحداث الفوضى وإهدار كرامة الإنسان وتدمير البيئة التي باتت تئن من جراء ما نالها من أفعال تخريبية فتحولت إلى أدوات هدم وقتل تزمجر أعاصيرها وبراكينها وزلازلها في كل مكان في هذا العالم كنتيجة حتمية لصراعات الإنسان وحروبه وصدامه العنيف مع الآخر.
إن الصراع الحقيقي يجب أن يوجه في حقيقة الأمر إلى النفس الإنسانية من أجل إصلاحها وتقويمها وإعادتها إلى جادة الصواب كلما حادت عن ذلك، صراع يسعى لمنع ضرر أو فساد أو شر عن إنسان أو بيئة أو كائن حي أو منشأة، أو مقاومة عدو ظالم أو ثقافة هدامة أو انحلال خلقي، يكون الصراع ضرورة لتثبيت الفكرة الصالحة والقرارات الصائبة وإيصال الكلمة الصادقة وإعادة التوازن بالحوار البناء والمحاولة تلو المحاولة والعمل الجاد وتوخي الأمانة والموضوعية وتغليب المصالح العامة وصياغة الأفكار وتحديثها ... أما الصراع القائم على غلبة السلاح وإشعال الحروب المدمرة وتحطيم النفس وتأجيج العنف والإرهاب وإزهاق النفس وقهر الإنسان وإذلاله واستغلال الضعفاء وتخريب البيئة ... فهي صراعات وأعمال وسلوكيات صنعها إنسان غير سوي بإيعاز من نفس أمارة بالسوء، أفعال يرتكبها الإنسان بمبررات وشعارات ونظريات ما أمرت بها شريعة من الشرائع ولا نزل بها كتاب مقدس ولا يؤمن بها عاقل اكتمل عقله ولم تصغها حتى القوانين الوضعية، الصراع الحتمي يفترض أن يجري لخير الإنسان وإصلاح النفوس وترسيخ المبادئ النبيلة وإعمار الأرض ... هذه هي سنة الله في الأرض، أما الصراع الذي تقوده الدول الكبرى ويغذيه الإنسان القوي وتستجيب له الدول والأنظمة السياسية الضعيفة المتكالبة المتحاسدة والذي يتجسد في عالمنا العربي خاصة فما هو إلا مخالفات وحماقات ومفاسد كبرى يرتكبها الإنسان في حق نفسه .

[email protected]