[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/khamis.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]خميس التوبي[/author]
مع استعادة الجيش العراقي جامع النوري الذي أعلن من على منبره أبو بكر البغدادي قيام دولة "الخرافة"، يتهيأ العراق لإعلان سقوط "خرافة" دهماء الإرهاب المسماة "داعش" التي أنتجها الأميركي بالتعاون مع أتباعه وعملائه، والتي ظلوا ينفخون في إرهابها لدرجة التوحش من تدريب وسلاح وكل عتاد يحتاجه، وفوقه دعم استخباراتي ومعلوماتي وتوجيه عبر الإحداثيات، وواكب كل ذلك ماكينات إعلامية سخرت لذلك، لكي تكتمل صورة الوحش المراد تضخيمه في مخيلة وذهن المستهدفين من عوام الناس والمغيبين والمعزولين عن واقع الأحداث، ومخططات التآمر، وذلك لأهداف مدروسة بعناية لفرض حالة الاستسلام التلقائي أمام طوفان إرهاب وحش "الخرافة"، والاقتناع بأنه مسلَّمة من مسلمات الواقع تستدعي الانضمام إليه، وقدر من الأقدار يجب الإيمان به، وإما لزرع الرعب في القلوب والأنفس فلا تجد منقذًا لها منه سوى "رامبو" الأميركي وأتباعه فقط، وهو ما يتطلب إقامة القواعد العسكرية وجلب الأساطيل والطائرات الحربية مختلفة الأنواع ومتعددة المهام، وهذا ما حصل بالفعل وفق ما أراد العقل المخطط الصهيو ـ أميركي لإحكام الهيمنة على المنطقة بأسرها، فقد استطاع هذا العقل توظيف دهماء "داعش" الإرهابي خير توظيف في خدمة مشاريعه، وتمكن عبرها من خداع عوام الناس وبسطائهم بأنه هو القادر على إنقاذهم من إرهاب دهماء "داعش"، فأعلن استراتيجية أسماها "استراتيجية مواجهة داعش" ثم أتبعها بتحالف يتكون من أكثر من ستين دولة، وبذلك حقق نصف الأهدف أو أكثرها. وتحت مظلة هذه الاستراتيجية وتحالفها الستيني أخذت دهماء "داعش" الإرهابي تتوسع وتتمدد في العراق وسوريا وحولهما وخارجهما، وبشماعة مواجهة "داعش" أخذ جلب الجنود والضباط من دول الاستعمار والاستكبار يتوالى تحت شعار خديعة التدريب وتقديم الاستشارات، وأخذ السلاح بشتى أنواعه يتدفق تحت كذبة دعم "المعارضة" لمحاربة "داعش" على النحو الماثل من الكذب وفائض النفاق في سوريا، حيث سخرت "استراتيجية مواجهة داعش" وتحالفها الستيني لاستهداف القوة الأوحد في الميدان التي تحارب الإرهاب وهي الجيش العربي السوري وحلفاؤه، وعرقلة تقدمه في ضرب بؤر الإرهاب بمختلف مسمياته "النصرة وداعش وجيش الإسلام وأحرار الشام وجيش الفتح" وغيرها من مسميات الإرهاب التي ما أنزل الله بها من سلطان.
النصر الذي يستعد العراقيون لإعلانه بعد تمكنهم من نزع شوكة التآمر والتدمير والتخريب والهيمنة المتمثلة في دهماء "داعش" الإرهابي، هو نصر ثانٍ يحققونه ويتبعون به نصرهم الأول حين خرجت قوافل الغزاة في جنح الليل مهرولة من أرض العراق بعدما أذاقهم المقاومون العراقيون الشرفاء معنى الأرض والعرض والكرامة والوطنية والانتماء، في تأكيد آخر للثابت التاريخي أن الأميركي ينجح في ضربته الأولى لكنه يحصد بعدها الخيبة والفشل والخسارة. فهو نعم نجح في تدمير العراق عن بكرة أبيه، ونجح في ضرب النسيج الاجتماعي ببذر بذور الطائفية، وتقسيم الشعب العراقي إلى طوائف ومذاهب متناحرة، ونجح في تجريف العراق من العلماء والتخلص منهم، ورمي بلاد الرافدين في مراتع الجهل والفتن والفقر، لكنه مع ذلك لم يجنِ سوى انهيار كامل في القيم والمبادئ والأخلاق، وفي المنظومة العسكرية، فتهاوت صورة الجندي الأميركي، وسقطت معه صورة السلاح الأميركي، وأصيب الاقتصاد الأميركي بشلل شبه تام، فتراكمت الديون الضخمة، في حين يذهب أغلب التحليلات إلى أن الولايات المتحدة عاجزة عن شن حرب عسكرية شاملة كما في أفغانستان والعراق حتى العام 2023م.
ومثلما سقط رهان الغازي الأميركي على النجاح في تحويل أرض العراق إلى مزرعة للفتن الطائفية والمذهبية، ها هو يسقط رهانه على بقاء تنظيم "داعش" وإبقائه في الموصل لإطالة أمد الحرب لاستنزاف القوات العراقية والقوات الرديفة، بما يمكنه من إعادة تموضع احتلاله للعراق سياسيًّا وعسكريًّا واجتماعيًّا؛ ولذلك المحاولات الدائبة التي ظل يبذلها "رامبو" الأميركي لتأخير معركة الموصل هي لأجل هذا الهدف، ثم أيضًا محاولاته المتكررة عند انطلاق معركة تحرير الموصل لتهريب فلول "داعش" نحو مدينة الرقة السورية، وكذلك عند بدئه معركة تحرير الرقة حاول تهريب فلول الإرهاب الداعشي باتجاه تدمر ودير الزور السوريتين، ما يعني أن كل المراهنين على دهماء "داعش" الإرهابي يتملكهم القهر والغيظ والحقد وهم يرون سقوط دولة "الخرافة" التي عملوا على تضخيمها ودعمها لدرجة التوحش، لهذا فإن الوضع مرشح للتصعيد لأن المراهنين على "داعش" الإرهابي لن يعدموا وسيلة للبحث عن بديل لـ"خرافته" إما بإعادة نفخ روح التوحش فيه مجددًا، وإما بإعادة استنساخ دهمائه بمسمى آخر، مع السعي الحثيث لإيجاد "الخدع والأكاذيب" على نحو "محاربة داعش" وفبركة هجمات بالسلاح الكيماوي وهذا ما يتم تحضير المشهد له. إلا أن الذي أسقط كل الرهانات والخرافات، وفضح جميع الخدع والفبركات، قادر على إسقاط ما يليها، بل هو الأكفأ.
حتمًا سيحاول الأميركي الترويج لدوره ولاستراتيجيته وتحالفه الستيني لحظة إعلان طهارة الموصل من رجس الإرهاب الداعشي، والادعاء بأنه لولاه لما حصل، لسرقة النصر والإنجاز من الشعب العراقي وقواته، وهذا ما يجب أن لا ينطلي على أي أحد، وأن يسارع العراقيون إلى تفنيده إن حاول الأميركي ذلك.

[email protected]