من أجل دراسة الكون

دارمشتات ـ د.ب.أ: إنها بداية انطلاق أحد أكبر المشاريع العلمية في العالم من أجل دراسة أساسيات فيزيائية. يسعى الباحثون من خلال المعجل الجزيئي فير الذي يوجد جزء منه تحت الأرض إلى حل ألغاز الكون. ويأمل الباحثون من وراء المعجل في كشف أسرار تعود للوقت التالي للانفجار الكبير قبل 8ر13 مليار سنة وحتى يومنا هذا. بدأ العمل في مشروع "الكون في مختبر" الدولي العملاق امس الثلاثاء. ويقوم المشروع، الذي يعرف اختصارا بـ "فير" على مساحة نحو 20 هكتارا، بالقرب من مركز هيلمهولتس (جي أس أي) للأيونات الثقيلة في مدينة دارمشتات الألمانية "وسيوسع المشروع حدود معرفتنا عن الكون" حسبما أوضح المدير التنفيذي لمعجل فير ومركز هيلمهولتس، باولو جيوبلينو (56 عاما). كما أوضح المدير الفني لمعجل فير ومركز هيلمهولتس يورج بلاوروك (53 عاما) أن وضع حجر أساس المشروع "بمثابة حجر الزاوية للمشروع برمته" مشيرا إلى أن المشروع عبارة عن منشأة شديدة التعقيد وأضاف: "نعتزم إجراء تجارب فريدة من نوعها". ومن المقرر أن يبدأ تشغيل المنشأة بشكل كامل عام 2025 بما يعنيه هذا التشغيل من تجارب متنوعة بشكل غير مسبوق. ترتكز المنشأة بشكل أساسي على معجل دائري بامتداد 1ر1 كيلومتر يسير على عمق 17 مترا تحت الأرض وسيصل إلى معجل مركز هيلمهولتس (جي أس أي) الموجود بالفعل والذي يبلغ حجمه نحو 200 متر. وستكتسب جسيمات مشحونة كهربيا وأيونات ومضادات بروتون، بقطر نحو عشرة على مليون من المليمتر، سرعة بالغة للغاية.
ومن المنتظر أن تصل سرعة هذه الجسيمات في المنشأة الجديدة إلى نحو 297 ألف كيلومتر في الثانية قبل أن تصطدم بمقاومة على شكل رقائق معدنية أو عينات خلايا حيوية.
يسعى الباحثون أثناء ذلك لمراقبة كيف تنشأ جسيمات وأشكال مواد عند التصادم جراء الضغط الهائل ودرجة الحرارة البالغة. يعتزم الباحثون من خلال ذلك استخلاص حقائق عن قصة تطور الكون. ومن المنتظر أن تتولد خلال التصادم درجات حرارة مرتفعة للغاية على نحو ما يحدث تقريبا في داخل الانفجارات النجمية. من المنتظر أن يصل سمك جدران المنشأة البحثية إلى ثمانية أمتار وذلك بسبب الإشعاع. يمهد معجل فير "الطريق إلى اكتشافات رائدة في الفيزياء الفلكية وفيزياء النواة وفيزياء الجسيمات" حسبما تأمل وزارة البحث العلمي في ألمانيا التي خصصت نحو 3ر1 مليار يورو للمشروع على أساس أسعار عام، 2005 تتحمل الحكومة الاتحادية 65% منها ،وتتحمل ولاية هيسن الألمانية 10%. كما تشارك فنلندا وفرنسا والهند وبولندا ورومانيا وروسيا والسويد وسلوفينيا في هذا المشروع العلمي العملاق، كما أن بريطانيا شريك في المشروع. ومن المنتظر أن يكون هناك ما يصل إلى 3000 باحث من 50 دولة على استعداد لإجراء أبحاث في المعجل الدولي. وإلى أن يبدأ العمل في المعجل سيتم تحريك مليوني متر مكعب من التربة حسب خطة البناء، وهي كمية تعادل كمية التربة التي يتم حفرها عند بناء 5000 منزل. كما سيتم بناء نحو 600 ألف متر مربع من الخرسانة، أي ما يعادل مساحة استاد فرانكفورت لكرة القدم ثماني مرات بالإضافة إلى 65 ألف طن من الفولاذ، أي ما يعادل حسب المسؤولين ستة أمثال كمية الحديد الذي بني به برج ايفل. وسيعمل ما يصل إلى ألف شخص في موقع البناء قبل أن يصبح معجل فير أحد معجلات الجسيمات التي لا يتجاوز عددها حفنة قليلة على مستوى العالم. وكثيرا ما يشبه هذا المعجل في مدينة دارمشتات بمعجل سرن الأوروبي بالقرب من جنيف، الذي يزيد طول حلقة التعجيل فيه كثيرا عن طولها لدى معدل دارمشتات حيث يبلغ طول هذه الحلقة نحو 27 كيلومترا. ويركز معجل سرن على دراسة الكون في الفترة التي تلت الانفجار العظيم مباشرة.