[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
تمثل تلك العقود الستة أهم مرحلة في تاريخ يهود العراق، وهي الفترة التي تمتد منذ ان جلب نبوخذ نصر اليهود للمرة الأولى من اورشليم في عام 597 ق.م الى أن وقعت البلاد بيد كورش ملك فارس عام 536 ق.م وقبل الخوض في المرحلة اللاحقة، التي عاشها يهود العراق في ظل الحكم الفارسي، لابد من الاشارة الى ان تلك المرحلة التي حكم فيها الكلدانيون لم تكن طويلة بالقياسات الزمنية، ولكن تشير المصادر اليهودية المستقاة من التوراة الى ان اليهود استطاعوا ان يؤسسوا لاوضاع زراعية وتجارية اضافة الى ممارسة طقوسهم وشعائرهم بحرية تامة، وما يمكن ان نسجله عن تلك الحقبة ان الشخصيات اليهودية كانت متنفذة ومثال ذلك النبي دانيال الذي كان قريباً من الملك نبوخذ نصر، كما ان النبي حزقيال قد تمتع بالحرية المطلقة، ومنح الملك الكلداني اليهود الفرصة للعيش الرغيد والإنتاج سواء كان ذلك في ميدان الزراعة او التجارة، وتؤكد المكتشفات الاثارية والكتابات التي تعود الى تلك الفترة من ان الكلدانيين كانوا يمتلكون الخبرة والدراية في ميداني الزراعة والتجارة كذلك في اعداد الجيوش وتدريب الفرسان والمقاتلين، وهذا يدلل على ان جلب اليهود لم يكن طمعاً بخبرتهم في الزراعة والتجارة وإنما كان بالتأكيد للسيطرة عليهم لما يمكن ان يثيروه من شغب وقلاقل، وخير مثال على ذلك ما قام به (صدقيا) الذي عينه الملك نبوخذ نصر ملكاً في اورشليم عام 597 ق.م وبعد عدة سنوات ذهب ليتحالف مع اعداء المملكة البابلية في سبيل اسقاطها وانهاكها، ومثلما اضطر الكثير من الباحثين والدارسين الى اعادة دراسة حقيقة الاحداث التي حصلت لليهود في القرون القليلة الماضية، والتي دون احداثها وتفاصيلها اليهود انفسهم او المتعاطفون معهم، مثال ذلك ما اسموه اليهود بعمليات (الطرد) الجماعي لليهود من اسبانيا وبلغاريا والمانيا وبريطانيا وبولونيا وفرنسا وروسيا، اضافة الى احداث القرن العشرين وما حصل في زمن الزعيم الالماني هتلر ومما أسموه بالمذابح (المحرقة الجماعية) الهولوكوست، والتي اظهرت الدراسات والحقائق العلمية، ان تلك التفاصيل مبالغ فيها كثيراً ان لم تكن غير صحيحة جملة وتفصيلاً، وباعتبار ان الفترة الممتدة من جلب اليهود الى بابل وحتى سيطرة كورش الفارسي عليها من المراحل التأسيسية المهمة لليهود في العراق، والتي افضت في ما بعد الى كتابة التلمود في ذات المكان، فلابد من اعادة دراسة تلك الفترة بالمقارنة بين ما ورد في التوراة، الذي كتبه حاخامات اليهود هناك وما هو مثبت في الرقم الطينية وبقية المكتشفات الاثارية، التي تم اكتشافها وفي الوقت نفسه، تنشيط عملية الاستكشاف الاثاري لسد أية ثغرة تواجه الباحثين والدارسين في هذا الميدان.