في الوقت الذي يصرح فيه ستافان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا في محادثات مؤتمر جنيف السابع أن فرص إنهاء الأزمة السورية قد تزايدت، تواصل "المعارضة السورية" دورها الوظيفي والمصر دائمًا على التغريد خارج السرب، ومحاولة حرف محادثات المؤتمر عن نتائجه التي يؤمل أن تخرج لصالح الدولة السورية والشعب السوري، بل يفترض بها أن تولد ولادة سليمة تنهي مأساة الشعب السوري.
فقد درجت هذه "المعارضة" إلى اتباع الأسلوب ذاته المتكئ على إرادة التشويه والتحريض، في محاولة لا تبدو سوى أنها يائسة لتبييض صفحتها من جهة، ومحاولة الانتقام عبر الإعلام والسياسة وتسجيل نصر لتعويض فشلها وانكسارها وهزائمها في الميدان من جهة أخرى. فما ذهبت إليه من أن لديها معلومات بأن "النظام" لا يزال يرفض العملية السياسية، مطالبةً الأمم المتحدة بالوفاء بالتزاماتها بتطبيق القرارات الدولية المتعلقة بالانتقال السياسي في سوريا، هو نسخة مكررة، أو أسطوانة مشروخة تعيد تدويرها عند كل مؤتمر ينعقد حول الأزمة بحثًا عن حلول لها.
إن هذه المعلومات بقدر ما تؤكد الحالة المتواضعة التي بدت عليها هذه "المعارضة" بقدر ما تثير الضحك والسخرية، ذلك أنه كيف لـ"نظام" تتهمه برفض العملية السياسية ويكون وفده أول الحاضرين إلى مؤتمرات جنيف وأستانة؟ وكيف لهذا النظام أن يرفض العملية السياسية في الوقت الذي يدعو فيه "المعارضين" ووكلاءهم وداعميهم إلى كلمة سواء، والجلوس لحوار وطني سوري ـ سوري؟
من الواضح أن ما ادعته هذه "المعارضة" من معلومات هو محاولة للهروب إلى الأمام والتملص من الالتزامات الواجبة عليها تجاه محاربة الإرهاب، حيث يبحث مؤتمر جنيف السابع عن اتفاق شامل بين الحكومة السورية و"المعارضة" على محاربة الإرهاب، حيث يفترض هناك لقاء بين المبعوث الأممي إلى سوريا وأعضاء هذه "المعارضة" يتناول هذا المحور. لذلك محاولة "المعارضة" السورية التدثر برداء الراغب في الحل السياسي، وتقمص دور المدافع والمنقذ للشعب السوري، هي محاولة تبدو مكشوفة ومفضوحة للجميع؛ لأن من يتقمص هذا الدور أو يتبناه يأتي بما يؤكده ويثبته، وأول توكيداته وإثباتاته التخلي عن الإرهاب ودعمه، وإعلان الالتزام التام والجاد لمحاربة الإرهاب، والتخلي عن الولاءات للقوى المعادية لسوريا ولشعبها ولجيشها ولقيادتها، والتسليم التام والجاد بأن الحل لا يصنعه إلا الوطنيون عبر حوار وطني سوري ـ سوري محض وجاد، يأخذ فوق كل اعتبار المصلحة العليا للوطن السوري ولسلامته ووحدته واستقراره وسيادته، وأمن وأمان شعبه وعودته من المنافي والشتات، وصون كرامته.
لذلك، لا يمكن أن ينظر إلى حالات التلكؤ والتذرع التي تفتعلها "المعارضة" السورية في كل منعطف وفي كل اتجاه يتجه إليه مؤتمر جنيف سوى أنها محاولات للتعطيل والعرقلة، وإفشال المؤتمر كما فعلت من قبل مع المؤتمرات السابقة، وبالتالي فإن مشاركتها في المؤتمر لا هدف لها سوى التعطيل والعرقلة، وهو ما يتزامن مع قيام هذه "المعارضة" بخرق وقف إطلاق النار في المناطق المسماة بمناطق خفض التوتر، لإثارة حالة من التشويش والإرباك وجر الحكومة السورية وحلفائها إلى مواقف أو ردات فعل تريد أن توظفها هذه "المعارضة" لأهدافها ومقاصدها الهدامة. لهذا تدرك سوريا وحلفاؤها أن مثل هذه المؤتمرات التي تشارك فيها أطراف موالية لقوى معادية للدولة السورية تحت مسمى "معارضة"، تعمل على افتعال المشكلات والبحث عن العقبات والركون إلى أساليب التشويه والتحريض، لن تكون هذه المؤتمرات منطلقًا لحل الأزمة الذي ينتظره الشعب السوري، وبالتالي تبدو الطاولة التي ستنجز في يوم من الأيام مسارًا سياسيًّا أو شبه سياسي لم تستكمل حضورها ووجودها إلا حين تكون هناك معارضة وطنية أو تكون الكلمة الأولى والأخيرة للميدان.