أدى التكاتف من قبل بعض المصنعين في العالم علي تضييق هوة الإنتاج والتصدير والاستحواذ علي الأسواق بنظم الإغراق بأسعار زهيدة لفقد المزايا التنافسية لدي الخليجيين، حيث أجبرت الأسعار والتكاليف الجديدة للمنتجين الخليجيين على الإذعان لها من خلال محاولة مجاراتها رغم أنها تمثل تحديات سعرية تضغط التكاليف وهامش الربح، وقد أدت ثورة الغاز الصخري الأميركي لصيحة سعرية غير محدودة بالنسبة للمنتجين الأصليين الذين بات هدفهم الوصول بالأسعار لنفس المستوى رغم فوارق التكاليف.. فظهر نتيجة الغاز الصخري منتجون جدد يعتمدون علي تقنيات متقدمة جدا خاصة في استهلاك الطاقة، وتوفير الغاز بأسعار بخسة، إلى جانب تعزيزهم البحث العلمي والابتكار كمزايا تنافسية للاستحواذ على أكبر نسبة من الأسواق، وأدي انفجار إنتاج الغاز الصخري في أميركا لثورة صناعية في البتروكيماويات كنهضة في الأسعار والتكاليف أضحت توفر المنتجات بأرخص الأسعار خاصة الإيثاين والبروبين, ولابد للمصانع الخليجية مواكبة هذا التطور المتنامي حتى لا تتعرض للإندثار والإنهيار, وعدم جدوى التشغيل في ضوء قيام أيضا بعض البلدان الآسيوية من جنوب شرق القارة خاصة الهند وباكستان بالسير علي نفس الدرب مما خلق منافسة محتدمة بالأسواق العالمية للبتروكيماويات، ومن العوامل التي يجب أخذها في الحسبان عند تحديد أسعار هذه المنتجات تكاليف القيم والغاز وسوائل الغاز وجودة السلع حسب رغبة المستهلك إلى جانب آليات العرض والطلب والتكاليف سواء الثابتة أو المتغيرة التي تخصم من هامش الربح السنوي للمصانع، وتقوم البلدان الخليجية حاليا بالتركيز علي جعل سعر خام النفط المورد لمصانع البتروكيماويات يتناسب مع أسعار الغاز بجانب رفع كفاءة العاملين بهذه القطاعات وزيادة معدلات الإنتاج بالجملة كي تنخفض التكلفة العامة، وتحديث مواد الكاتالاست الحافزة لخفض استهلاك اللقيم, وقد أدى انخفاض تكلفة الغاز باكتشاف الغاز الصخري الأميركي إلى تراجع تكاليف اللقيم عالمياً، وهذا ضغط على المصانع الخليجية لخفض الأسعار، ويلعب الموقع الاستراتيجي لمنطقة الخليج وقربها من مناطق التوزيع والاستهلاك بالشرق الأوسط وأفريقيا والغرب دورا في بقاء هذه الصناعة بجانب أن البلدان الخليجية لا تجد أعباء في توفير النفط والغاز لأنها أصلا منتجة للمواد الخام الداخلة في صناعة البتروكيماويات, ويشير الخبراء إلى أنه رغم التحديات الإنتاجية والسوقية التي تواجه الخليج في هذه الصناعة إلا أنه في وضع جيد يكفل له البيع بأسعار زهيدة, ولو حتى بالتكلفة للاستحواذ على الأسواق لكن التوقعات تشير إلى أن مرونة صناعة البتروكيماويات الخليجية فائقة لتحمل أي منافسة شرسة في ضوء احتدام هذه المنافسة مع الغرب وأميركا لأن الطلب العالمي يزداد علي هذه المنتجات, ولا توجد توسعات ضخمة في الإنتاج سوى القائمة على الغاز الصخري.

استكمال النجاح
تخطط دول الخليج لزيادة الاستثمارات في صناعة البتروكيماويات إلى 160 مليار دولار ونمو الإنتاج من 105 ملايين طن إلى 158 مليون طن عام 2016، وقد نمت صناعة البتروكيماويات العالمية عام 2010 باستثمارات 200 مليار دولار, ويتوقع نمو تلك الاستثمارات إلى 500 مليار دولار عام 2020 , وتشمل الاستثمارات الجديدة مشروعات البنية التحتية ومصانع صديقة للبيئة ومصانع منتجة بالغاز الصخري ومرافق تصدير، كما أن الشركات النفطية والغازية الكبرى في العالم تعتزم خوض مضمار السباق بتلك الصناعات الواعدة, وتوسيع نشاطها في هذه القطاعات , وسوف تضخ بلدان مجلس التعاون 50 مليار دولار بصورة مباشرة في هذه الصناعة خلال الخمس سنوات القادمة عبر خطط الانتقال من المشروعات الأولية إلى الثانوية، وقد حظيت صناعة البتروكيماويات الخليجية على اهتمام عالمي كبير تمثل في استثمارات مباشرة وشراكات غير مباشرة بالشركات والمؤسسات والمصانع بالمنطقة تعززها البنية التحتية القوية وتوافر المواد الخام والكوادر البشرية والخبرات الفنية والتسويقية، وتتزامن هذه الخطط الاقتصادية الطموحة مع تركيز خبراء البيئة علي توعية المصنعين بضرورة توافر الشروط البيئية والصحية اللازمة سواء في إقامة المصانع أو الإنتاج باختيار مواقع لا تلوث البيئة السكانية, وابتعادها عن المدن الكبرى وتنقية مداخن المصانع في ضوء الاهتمام الخليجي المتزايد بصناعة البتروكيماويات، وقد استجابت معظم بلدان مجلس التعاون لهذه الاشتراطات في ضوء التوسعات المرجوة في تلك الصناعة حيث تشكل البتروكيماويات ثاني أكبر منتج للتصدير بعد النفط في الخليج بكميات تتجاوز 25 مليون طن سنوياً، وجدير بالذكر أن صادرات منتجات البتروكيماويات من الخليج للعالم تتجاوز 50 مليار دولار سنويا بنسبة 11% من حجمها العالمي.