[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]

إن الإطاحة بالسلطان عبد الحميد الثاني من قبل جمعية الاتحاد والترقي، التي تكّون جُلّ أعضائها من يهود الدونمة، والتي كانت تلقى الدعم من الماسونية، تدلل على أن اليهود قد تمكنوا من جني أولى ثمرات تواجدهم في السلطنة العثمانية، كما أن الاطاحة بالسلطان تُعد أول عمل عسكري ينفذه اليهود ضد السلطة العثمانية بسبب الموقف المتشدد والنهائي للسلطان من مسألة الهجرة اليهودية إلى فلسطين. ومن يدخل في مراحل الإعداد لذلك العمل ومتابعة تطوراته، يجد أنه من عمل اليهود جملة وتفصيلاً. وحرصت جمعية الاتحاد والترقي على الابقاء على السلطان عبد الحميد حياً ولكن في حالة اعتقال داخل أحد القصور، ليدلل على قوة اليهود وقدرتهم على تغيير القائم على السلطة داخل السلطنة العثمانية، بعد أن كانوا قد عملوا على التأثير في اتجاهات السياسة العثمانية.
وإذا كان توجه السلطان عبد الحميد الثاني الذي وقف بالضد من مشاريع اليهود وقادة الحركة الصهيونية قد مثل صدمة لقادة اليهود، بعد أن تصوروا أنهم قد تمكنوا من تأمين القصر السلطاني من خلال تواجدهم الطويل والمؤثر الذي أشرنا إليه، فإن موقف السلطان عبد الحميد الثاني كان الاساس لفضح الكثير من الألاعيب الصهيونية، وذلك بعد أن اضطروا إلى ايجاد المشاكل للسلطنة عندما فضح السلطان عبد الحميد مخططاتهم وكشف عن حقيقة نواياهم.
ويًعد موقف السلطان عبد الحميد الثاني بمثابة المرحلة الأولى التي كانت سبباً للفت انتباه الكثير من العرب والمسلمين للنوايا الصهيونية، فلو كان السلطان في ذلك الوقت من الذين ساروا في ركب الصهيونية، أو من الذين انطلت عليهم الحيل والمكر ونظر إلى قضية اليهود واستيطانهم في فلسطين على اساس أنها مسألة بسيطة ولا تتعدى حدود الاسكان والعيش التقليدي لأخذت المسألة اتجاهاً اخطر، ولحصلت موجات الهجرة اليهودية إلى فلسطين دون أن يتنبه عامة العرب والمسلمين إلى عواقب تلك الهجرة، التي يُعد السلطان عبد الحميد أول من اشّر حدود الشر اليهودي القادم.
ولمعرفة العديد من الجوانب التي تتعلق بهذا الموضوع لابد من دراسة دور (يهود الدونمة، الماسونية في الدولة العثمانية والاتحاد والترقي).
فقد كان الزرع الاول قد بدأ بدخول اليهود إلى القصر السلطاني وتقربهم من السلاطين بصفتهم اطباء القصر، ومن ثم دخول عالم المال والتجارة والاعمال، قبل أن تجري عملية تهجير آلاف اليهود من اسبانيا والتي بدأت العام 1492، ليقطن هؤلاء في مدينة سلانيك والتي سُجن فيها عبد الحميد الثاني بعد ازاحته، ثم ظهور " يهود الدونمة "، الذين تغلغلوا في المجتمع التركي ومن ثم الإسلامي، لتبدأ حقبة الماسونية وتأهيلها جمعية الاتحاد والترقي التي أدت دورا كبيرا وحاسما في الانقلاب على عبد الحميد الثاني ومن ثم تأسيس الدولة التركية الحديثة.
لقد تحقق لهيرتزل ما أراده وما توعد به، فقد تمزقت السلطنة العثمانية ودخلت في إتون حرب شرسة، كما تم نخرها من الداخل، وهو ما توعد به هرتزل بعد خيبته من عبد الحميد الثاني، ويأسه التام من تحقيق مطالبه في مرحلة عمل الصهيونية على أوسع نطاق لتهجير اليهود إلى فلسطين اواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.