[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/adelsaad.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]عادل سعد[/author]
”.. من الوقائع التي لا يمكن أن يتبلور وجود لها في أرض الواقع ضمن المشهد السياسي العربي العام رغم أحقية ظهورها، ما أقصده هنا الوضع الاقتصادي العام ضمن البكائيات التي تحكمه الآن وهامش تذبذب العمليات الاستثمارية والضمور الحاصل في التنمية الزراعية عموما، مما دفع العرب إلى أن يكونوا مستوردين دائمين للغذاء من دول أخرى...”

هناك الكثير من الوقائع برسم انتظار الطلوع ولكن يحول دون حصوله، وجود إعاقات تمنع الظهور بالرغم من أن نواة هذا الظهور متوافرة إذا أخذنا بعين الاعتبار مشروعيتها لكي يستقيم الواقع في المقدمة من ذلك إيقاف الهذيان السائد الآن في عدد من الساحات العربية, المكرس عموما للتشويه والكذب والافتراء على الحقائق، وإعداد سيناريوهات يراد بها الإيهام أن لا مجال إلا الاستسلام وتقديم فروض الطاعة والانصياع للأزمات القائمة والتكيف معها، وكأنها قدر لا بد منه في حين أن أية معاينة سريرية موضوعية تبين أن مثل هذا التصور هو مجرد فقاعات كسبت بعض الوقت وطال عمرها قبل أن تنفجر.
ومن الوقائع الأخرى التي لا يمكن أن ترى النور إلا بالنسخة الزمنية البطيئة التي رسمها الشاعر المتنبي في رثاء شقيقة سيف الدولة الحمداني، ما يشار الآن من معلومات تحت الطاولات وفوقها أن الحرب في سوريا وضعت أوزارها، ولكن لا أحد من الطرف المتمثل في المعارضة السورية يريد الاعتراف بهذه الحقيقة، ولهذا حاولوا بطريقة فجة التعتيم على المؤشرات الصغيرة التي اعترف بها الممثل الأممي دي مستورا وأكد فيها أن تقدما حصل في (جنيف سبعة)، وأن هناك احتمالا قويا بحصول مفاوضات مباشرة بين الطرفين, الحكومة السورية بكل ما تحمل من شرعية سياسية وجغرافية ومستقبلية، والطرف الآخر الذي ما زال يراهن على متغيرات يقول إنها في الأفق، ولكن في الحقيقة هي في عين الغيب المعتم، ولعل ما يؤكد ذلك، أن هذه المعارضة بمنصاتها الثلاث، منصات الرياض، والقاهرة، وموسكو لم تستطع أن تبلور موقفا موحدا إزاء ما يحصل في سوريا، مع ملاحظة أن الذي يحكم أغلبها هو المواقف الشخصية، ومنها موقف رياض حجاب الذي أخذته العزة بالإثم بعيدا، وكذلك مخافة أن تنقطع مرتباتهم ومكافآتهم المعرضة للاختفاء إن اتفقوا على توجه يصون الدولة السورية، ويستجيب إلى مطالب الشعب السوري صاحب الكلمة الفصل في شرعية للدولة السورية القائمة، ثم كيف يمكن أن يكون لموقف بعض شخوص المعارضة السورية أن يتفقوا في ظل احتدام الأزمة الحاصلة بين بعض الداعمين.
ومن الوقائع التي لا يمكن أن يتبلور وجود لها في أرض الواقع ضمن المشهد السياسي العربي العام رغم أحقية ظهورها، ما أقصده هنا الوضع الاقتصادي العام ضمن البكائيات التي تحكمه الآن، وهامش تذبذب العمليات الاستثمارية والضمور الحاصل في التنمية الزراعية عموما، مما دفع العرب إلى أن يكونوا مستوردين دائمين للغذاء من دول أخرى. وقد ارتفعت نسبية الاستيرادات الغذائية عربيا إلى أكثر من 75% من حاجاتها الأساسية، وهذا يمثل بحد ذاته أحد عناوين الانكشاف الاقتصادي, ثم كيف لا تكون هناك وقائع هي أيضا من صميم الحالة الاقتصادية، ولكن يرفض أغلب العرب الاعتراف بها بينما تستحق طاولة مستديرة تضم الجميع ضمن تشخيص يقول إن العرب الآن بحاجة ماسة إلى إعلان عطشهم بجرأة وشجاعة متحررة من الإهمال، وفي هذا السياق ألا يحق أن نسأل ونلح في السؤال: لماذا انزوت جامعة الدول العربية واتخذت لنفسها زاوية في قفص اتهام مظلم لئلا تخضع للاستفسار عن هذا السكون المريب الذي يخيم عليها؟
وبالتصنيف الأكثر دقة نشير إلى أن فرص البعض للاعتراف بأخطائهم مثل فرص الثعالب في التدجين المؤجل، أو ما يشابه شعور ساحر اعتاد أن يقدم عروضه المتميزة بالخداع، ومع ذلك تلاحقه آمال التحرر من هذا الخداع.