إيقاع المذابح في المدنيين العزل هي إحدى أدوات الإرهابيين على مر التاريخ لنهب حقوق الآخرين، وإرغام من يتبقى حيًّا من أصحابها إلى الهرب بأرواحهم إلى أماكن آمنة. وكان ـ ولا يزال ـ هذا هو منهج مجرمي الحرب الصهاينة في التعامل مع الشعب الفلسطيني، منذ ما قبل عام 1948.
لقد أبرز لنا تاريخ الإجرام والإرهاب الصهيوني أسماء قادة صهاينة في هذا المجال لم يسبقهم إليه أحد، ولم ينازعهم فيه منازع، كما اشتهرت على مر تاريخ الإجرام والإرهاب الصهيوني أسماء عصابات إرهابية يهودية في مجال قتل الفلسطينيين والعرب وتدبير أعمال الانفجارات وإطلاق النار التي شملت حتى جنسيات غير فلسطينية وبعض الشخصيات الدولية التي تتوسط في عملية التسوية، ويتصدر قائمة هذه الأسماء التي تلطخت أياديها بدماء الأبرياء وأصحاب الحق والمناضلين الفلسطينيين والمصريين والسوريين واللبنانيين مجرمو الحرب بن جوريون ومناحيم بيجن وأرييل شارون صاحب التاريخ الطويل والعريض من الإرهاب وجرائم الحرب، وكذلك شمعون بيريز وبنيامين نتنياهو وأيهود أولمرت وأيهود باراك وغيرهم، فهؤلاء ارتبطت أسماؤهم بجرائم حرب ومجازر ارتكبوها، فقد عرف شارون الذي نفق غير مأسوف عليه أمس بجزار صبرا وشاتيلا وشمعون بيريز بجزار قانا الأولى وأولمرت بجزار قانا الثانية وغزة، وهكذا مرورًا بمجازر جنين وبحر البقر ودير ياسين وكفر قاسم. كما أبرز التاريخ الصهيوني من العصابات الإرهابية المجرمة التي ألحقت بالفلسطينيين والعرب أشد القتل والجرم عصابات (الهجاناة) و(شترين) وغيرها، حيث تعد مذبحة كفر قاسم هي واحدة من أشهر المذابح التي ارتكبتها هذه العصابات لإرغام الفلسطينيين على الهجرة وترك أراضيهم وممتلكاتهم، والمؤلم أن هذه المذابح تزامنت مع مساعٍ دبلوماسية بالتواطؤ مع أنصار قيام كيان الاحتلال الصهيوني في الغرب لمواصلة حملات التهجير القسري للفلسطينيين حتى يومنا هذا.
وما يندى له الجبين ويبعث على الألم والغثيان أن نفاق القوى التي ساندت وأيدت جرائم الحرب تلك أثناء ارتكابها تصر على تأييد، بل الإشادة بها وبمرتكبيها من مجرمي الحرب الصهاينة حتى بعد رحيلهم لدرجة اعتبارهم أبطالًا وشجعانًا وقدوةً، فكيف يكون من كانت حياته لها هدف واحد وهو إبادة البشر والإنسانية وإعدام الحياة بطلا وقدوة؟ وهل الخلف الصهيوني بحاجة إلى الاقتداء بسلفه؟ وفيم يقتدي به؟ أليست القدوة تتمثل في القتل والإرهاب والتهجير والتمييز العنصري؟
لقد أدت المواقف المتخاذلة للمجتمع الدولي والمنظمة الدولية إلى تشجيع قادة الحرب الصهاينة على الاستهانة بدماء الشعب الفلسطيني ومطاردة قياداته وقتلهم مع كل بادرة سانحة سرًّا وجهرًا، بينما يصدح السياسيون الدوليون والوسطاء في التسوية وقادة الدول الحليفة لكيان الإرهاب والاحتلال الصهيوني بعبارات الإشادة والإعجاب والانبهار بالتاريخ الإجرامي والإرهابي لهؤلاء. لكن لا عجب أن نسمع هؤلاء ينسجون عبارات الثناء والولاء في ظل عدالة دولية مشوهة ومغيبة يتم فيها وضع مجرم الحرب والمحتل فوق القانون وتطلق أياديه ليواصل العبث بحياة البشر والاستهانة بدمائهم وأرواحهم، ويوضع تحت الحذاء هذا القانون حين يتعلق الأمر بصاحب حق يريد دفع الظلم وإيقاف الإرهاب والإجرام عنه.
نعم رحل أرييل شارون غير مأسوف عليه، لكن تاريخ إجرامه سيظل جذوة في قلوب كل من اكتوى بنار إجرامه وإرهابه، وسيظل جذوة في رد الاعتبار واستعادة ما سلب من حقوق.. إنه تاريخ بشدة سواده وقسوته لن يمحى.