عاد الكابوس الاسرائيلي الموجود اصلا الى ممارسة دوره ضد الاشقاء الفلسطينيين تحت ذريعة اختفاء ثلاثة مستوطنين، بل تمارس اسرائيل جنونا لا يجاريه اي جنون مهددة الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالقتل، بعدما عمدت إلى اعتقال نواب وقيادات فلسطينية اضافة الى عدد من المواطنين الابرياء.
هذه الممارسات التعسفية تغطية لواقع الأمر الذي يقول ان ذلك الكيان المصطنع انما يتوخى من جراء اعماله التغطية على الانسحاب من اية عملية سلمية تحقق للفلسطيني ولو جزء يسير من حقوقه .. وكلنا يعلم مدى الاستهتار الاسرائيلي بالحقوق الفلسطينية، بل ان الرد على كل عملية سلمية هو المزيد من المستوطنات، مع التمسك بشطب حق العودة للفلسطينيين، والعمل بلا هوادة للمزيد في تهويد القدس.
يصدق الاسرائيلي ان ما يحققه في زمانه الحالي سوف يستمر مع عمر اسرائيل، بدورنا نقول، ان عمر هذا الكيان بات على محك السنوات القليلة المقبلة مهما ظن بأن قوته الزائدة قادرة على حمايته وتأمين الاستمرار له. ان كيانا مصطنعا اقيم على حساب شعب متجذر في تربته وفي تاريخه وجغرافيته هو سراب سوف يشربه الاسرائيلي رويدا كلما اقترب موعد زوال كيانه.
واذا كان الشعب الفلسطيني قد استسلم لأمر واقع افكار عبثية فرضتها ظروف عربية ودولية، فلا يعني ان الأمر سيستمر بهذه الطريقة، وان روح هذا الشعب التي قدمت آلاف الشهداء لن تعيد ما آمنت به من ثورة ومن نضال ومن حمل للسلاح في التوقيت المناسب الذي نراه، وقد لا تراه هذه القيادة التي احتكمت إلى عقلية التسليم بأن السياسة قد تحقق شيئا، وبأن الدبلوماسية قد تعيد الارض واللاجئين والحقوق المشروعة، وان كلمة المشروعة تعني عدم الاعتراف بأن القوة مدخل للحقيقة. لكنهم ينسون المعنى الذي قيل ردا على هزيمة العام 1967 من ان ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة، وان اتفاقية اوسلو التي ما زال يصدقها الفلسطيني ويعمل على فحواها، قد ضربت بها اسرائيل عرض الحائط، بل قد تنصلت من جل بنودها الاساسية حتى فرغتها من كل مضمون.
بكل اسف القول، فإن اسرائيل التي تعربد اليوم، وتخبط في كل اتجاه وتهدد الشعب الفلسطيني برمته من اجل ثلاثة مستوطنين يشك بأمر اختفائهم، انما تفعل ما تفعله بعدما وجدت من هو في الطرف المقابل ضمن حسابات المسكنة والقبول بالأمر الواقع وتقديم ذاته رهينة، بل تقديم المزيد من التنازلات استنادا إلى مجرد تصريحات ليس فيها ما ينم عن شخصية مختلفة يمكن لها ان تخبط على الطاولة في اي وقت فيتغير المناخ السياسي برمته.
ان الشعب الفلسطيني الذي استولد ثوارا على مر تاريخه لم يتعب ولم يهرم، انه في كل يوم يعود فتيا قوي الشكيمة مفتول العضلات قوي الارادة صلب كجبال نابلس وفي احشائه نار الاستعداد للعودة إلى تاريخه الوطني الذي كان السلاح عنوانه والنضال تاريخه والثورة هدفه وآماله.
مرة أخرى الهستيريا الاسرائيلية تعني الهروب من العملية السلمية، واختباء وراء مجهول وسراب، واذا كانت القيادة الفلسطينية تتأبى تغيير موقفها، فما ذنب الشعب الفلسطيني ان يقع في مطب الدوران في الحلقة المفرغة المسماة العملية السلمية هذه!؟.