تمضي السلطنة في مسيرة التنمية بخطى ثابتة وعبر رؤية واضحة ومنهجية بفضل راعي نهضة عُمان الحديثة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ الذي يضع ميزانًا دقيقًا للتوازن بين الاعتبارات المرتبطة بالأمن الوطني من جهة، وعملية إقامة البنية الأساسية لعُمان المستقبل على المستوى المدني. وإذا كان الاهتمام بالتنمية الشاملة والمستدامة قد شكل أولوية لدى قائد مسيرة نهضتنا المباركة، فإن بناء واقع عصري آمن تقوم عليه صروح الدولة العصرية وركائز البنية التحتية قد مثَّل هو الآخر الأولوية ذاتها لدى جلالته ـ أعزه الله. فقد حرص قائد مسيرة النهضة المباركة ـ أيده الله ـ على تجهيز قواته المسلحة بما تحتاجه من رجال وعتاد، حتى يتوافر مناخ الاستقرار والسلام القائم على القوة واحترام قدسية تراب الوطن، وتوازن العلاقة مع الجميع، في إطار دفاعي لا يتجاوز حدودنا وثوابتنا الوطنية، وضمن هذه الرؤية جاء تزويد قوات السلطان المسلحة بأحدث الأسلحة وبأحدث التقنيات.
فالطائرات المقاتلة من نوع تايفون، وطائرات الهوك التدريبية التي استلمت السلطنة دفعتها الأولى بموجب الاتفاق المبرم بينها وبين الشركة المصنعة، يأتي تزويد سلاح الجو السلطاني العماني بها مواكبة لأحدث معايير التحديث والتطوير في الأسلحة والمعدات، يضاف إلى ذلك جهد أكبر على مستوى تأهيل القوة البشرية التي تقوم على تسيير هذه الطائرات وهم بدورهم ينالون أفضل تدريب ممكن وأفضل دراسات عسكرية واستراتيجية متخصصة، ليس في مجال سلاح الجو السلطاني وحده، وإنما في كافة أفرع قوات السلطان المسلحة.
وتعد طائرات "الهوك" التي احتفل أمس الأول سلاح الجو السلطاني العماني بوصول الدفعة الأولى من هذا النوع طائرات تدريب نفاثة متقدمة، تستخدم في العديد من مجالات التدريب الخاصة بالطائرات النفاثة والتي ستسهم ـ بلا شك ـ في تخريج طيارين متدربين على أعلى المستويات، حيث روعي ـ وحسب المعنيين في سلاح الجو السلطاني العماني ـ تزويد هذه الطائرة بأحدث الأنظمة التي تتواكب مع متطلبات التدريب لطياري الطائرات المقاتلة الحديثة، فهي من الطائرات الرائدة في ميدان القوة الجوية بين مثيلاتها وتخفي في مظهرها الخارجي آخر ما توصلت إليه التقنيات الحديثة، وهي أشبه بقاعة دراسية طائرة تساعد الطيارين في اكتساب كل ما يسهم في تطوير قدراتهم ومهاراتهم ونيل خبرات جديدة.
إن هذا التحديث والتطوير الذي تشهده قوات السلطان المسلحة يؤكد أن عملية بنائها سارت جنبًا إلى جنب مع حركة النهضة العمانية الحديثة في السلطنة منذ بواكير السبعينيات من القرن الماضي، ولم يكن ذلك مطلقًا دليلًا على أن بلادنا تنهج نهجًا حربيًّا أو تنزع إلى العدوان، وكم من مرة جاءت تأكيدات حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ قولًا وفعلًا على أن الحوار والدبلوماسية هما النهج القويم لحل كافة المشكلات الإقليمية والدولية، والدليل على ذلك يشهد به القاصي والداني، بل العالم أجمع، وبالتالي فإن بناء قوات السلطان المسلحة يرتبط فقط بحماية الأمن الوطني وفرض احترام وقداسة وحرمة ترابنا الوطني على الآخرين، وليس التعدي على الغير، فمظلة الحماية هذه تجعل مسيرة النهضة والتحديث آمنة مطمئنة تحتفظ بعناصر الحفز والاستمرارية.