[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
الحروب الدائرة من أجل التدمير، سيكون هنالك حروب بناء من أجل التعمير ، تفرح شركات البناء الكبرى كلما تهدم بيت وسقط ، مثلما هو فرح شركات السلاح كلما زادت الحرب من أوارها ، أيام الأسى عند مصانع الأسلحة تبدأ عند نهاية أي حرب .. تنشأ الحروب وما أكثرها من أجل بيع السلاح وقبلها صناعته .. ليس مهما كم يموت من الناس لأن الأهم كم يباع من ذخائر وقذائف وكم يتم استهلاك السلاح الثقيل كي يتم استبداله.
كثير من الناس ينسون تلك النقاط الحساسة. فغدا وبعد انجلاء الحرب سوف تتراكض الشركات وتتزاحم، وهي الآن تحصي عدد البيوت التي تهدمت أكثر من عدد الشهداء الذين ضمهم التراب وكانوا قد طمرهم الهدم وما نتج عنه.
في حالات كهذه لايوجد حس إنساني، بل كم من المصالح التي تحرك قلوب وعقول أصحابها ، فهي من الفرص النادرة التي تهدم فيها مدن بكاملها وتحتاج إلى إعادة بناء .. الآن يسيل لعاب شركات عديدة أمام المشهد السوري، وثمة من قدم عروضه، ربما، من أجل إعادة ماتهدم. وكذلك الحال في العراق وفي ليبيا وفي اليمن ..
في لبنان تفتق العقل المصلحي عن شركة كبرى قامت بهدم روح المدينة وإعادة بناء ماهو مفيد لتلك الشركة . وفي العام 2006 إثر قيام الطائرات الإسرائيلية بهدم جزء كبير من الضاحية الجنوبية لبيروت وكذلك الحال لقرى في جنوب لبنان ، تراكضت الشركات ، لكن الذي نجح كان الأقرب إلى حزب الله.
لاشك أن الرئيس السوي بشار الأسد قد أوعز منذ مدة التجهيز والتهيئة لإعادة بناء مدن بأكملها. إن مدينة كبرى كحلب مثلا، لاتحتاج فقط إلى بناء جزء كبير منها، وإنما إلى عقول هندسية وإيد مهرة تعيد بناء أشكال هندسية تراثية إلى ما كانت عليه ، وتلك تستغرق وقتا ، بل مالا أيضا .. وكان أحد أبناء المدينة وهو رئيس " جمعية العاديات" فيها محمد قجة قد أخبرني مثلا، أن المسجد الأموي في المدينة الذي تم هدم مئذنته الشهيرة والتاريخية، مرسوم على كل حجر من حجارتها الرقم الذي سيعين البنائين في إعادة رصف الأحجار كما كانت، وأخبرني أيضا أن معظم الأثار الإسلامية التي تهدمت تحمل المواصفات ذاتها، بمعنى أنه سيعاد البناء كما كان في السابق مائة بالمائة ، وبالذات قلعة المدنية بكل تاريخيتها.
غدا ينطق الحجر في سورية ليقول ما تعرض له ثم ليأنس في إعادته إلى ماكانه عبر التاريخ، منذ أن وضعته الأيدي الماهرة في مكانه الطبيعي. وغدا، يعود السوري من غربته الداخلية والخارجية، ليؤسس من جديد عالما تعرض لأبشع عمليات الهدم والقتل والسرقة .. فهذا السوري، ان لم يكن قد قام ببناء جزء وافر من عالم الخليج مثلا ، فهو ساهم في أكثره، وفي لبنان لاينسى أحد كم لأيدي السوريين وعقولهم من دالة على أنهم من بنوا جزءا كبيرا منه خلال أعوام طويلة.
ومثلما نطق الحجر بزمنية سورية وتاريخها الجليل ونطقت الأحجار التاريخية عظمة تلك البلاد ودورها في الزمان والمكان ، سينطق أيضا رحلته الجديدة مع البرابرة الجدد الذين لم يدنسوه فقط ، بل حاولوا إلغاءه مقدمة لإلغاء البعد التاريخي لمنطقته ولبلده.
كل المعلومات تشير إلى أن سورية جهزت نفسها للحملة الكبرى في إعادة البناء الشاملة .