[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/uploads/2016/07/yy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. صلاح الديب[/author]
” .. الغريب في الأمر أن الكثيرين يغفلون أن ما يقدم عليه هؤلاء الشباب الذين يستغلون هذا الأمر من أجل تحقيق أغراضهم وأهوائهم أنهم بهذا يضيعون الفرصة على من يسعي بكل جد لتحقيق مستقبل أفضل لهم ولبلادهم باتجاههم نحو المشروعات الصغيرة والتي يرون أنها سوف تحقق ذاتهم كما يرون أنهم يستطيعون تحقيق الكثير والكثير إما لأنفسهم أو لإتاحة فرص عمل لآخرين أو لسد الفجوة من احتياجات السوق أو للبلد على حد السواء ”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعد المشروعات الصغيرة هي إحدى الدعائم للاقتصاد والتي قد تكون كطوق نجاه في معظم الأحيان جراء ندرة الموارد الطبيعية وأيضا ندرة فرص العمل إما في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص ولهذا ينبغي أن يتم الاعتماد عليها ولكن بالشكل الأمثل الذي يضمن نجاحها والاستفادة منها على كافة المستويات سواء لخلق فرص عمل للشباب أو لتحقيق مستقبل أفضل للمقبلين على المشروعات الصغيرة أو بسد العجز من احتياجات الأسواق أو بتخفيف العبء عن كاهل البلدان من خلق فرص عمل للشباب أو من توفير العجز بالاستيراد لاحتياجات السوق وأيضا خلق مورد جديد للموارد الخاصة بالبلد وغيرها .
فالشعوب والبلدان في الوقت الراهن في أمس الحاجة إلى إضافة موارد جديدة بل وأيضا رفع العبء عن كاهل الحكومات فى إيجاد فرص عمل للشباب وأيضا مساعدة الشباب لبلادهم فمساعدة البلاد للشباب عندما يغزو الشباب مجال المشروعات الصغيرة يستطيعون بكل جد وإصرار على سد الفجوة التي توجد في توفير بعض المنتجات والخدمات التي يحتاجها المواطنون والتي تضطر بلادهم إلى سد هذه الفجوة أو هذا العجز بالاستيراد من الدول الأخرى وذلك لسد هذا العجز وهذا يمثل عبئا يضاف على الأعباء التي توجد على كاهل البلدان وأما مساعدة البلاد لشبابها يأتي بتوفير الفرص للعمل في مجال المشروعات الصغيرة وذلك لإيجاد فرص عمل لهم تحقق لهم القدرة على إثبات الذات وعدم تركهم فريسة للبطالة وبما ينتج عنها من أضرار تؤثر على شبابنا وبالتالي على مستقبل بلادنا .
فالاتجاه إلى المشروعات الصغيرة يمكن أن يكون قوة داعمة لاقتصاد البلدان وخاصة إذا أحسن العمل على الاستفادة منه بالشكل الأمثل وليس أن يكون مجرد عبء جديد يضاف على الجهات الممولة والداعمة لهذه المشروعات والتي نعاني من الوقع فيها في العديد من دولنا العربية التي لم تعي الآلية الصحيحة التي ينبغي عليها أن تعمل لتصل إلى الهدف الحقيقي من المشروعات الصغيرة .
إن دعم المشروعات الصغيرة ليس فقط يكون دائما كما يظن البعض هو الدعم المادى اللازم لإقامة هذه المشروعات الصغيرة ولكن الأمر أكثر من ذلك بكثير فهناك العديد والعديد من أوجه الدعم المطلوبة في مختلف المراحل التي سوف تواجه إقامة المشروعات الصغيرة من مرحلة الفكرة ثم الإعداد ثم التحضير والتجهيز ثم مرحلة الإنشاء ثم مرحلة التنفيذ ثم مرحلة التسويق وهذه تعد أيضا إحدى أهم المراحل التي ينبغي الاهتمام بها ثم مرحلة التقييم والتي تحتاج إلى دراسة مستفيضة لكل ما تم وما كان ينبغي أن يتم وأوجه القصور والقوة والتغلب على أوجه القصور وتعظيم أوجه القوة ثم مرحلة توثيق كل ما يتم حتى يتثنى أن تكون هذه قاعدة بيانات يمكن الاستفادة منها في المستقبل .
فلقد وقعت العديد من الجهات الداعمة للمشروعات الصغيرة في فخ المستغلين من الشباب الذين رأوا أن الاكتفاء بقيمة التمويل اللازم لإقامة المشروع الصغير تكفي لتلبية بعض رغباتهم واحتياجاتهم الأخرى ولذا يتجهون نحو الحصول على هذا التمويل بالتحايل بمشروع وهمي لا يوجد له أساس ولا يرغب من الأساس في إقامته ويستكمل كل الإجراءات اللازمة لاستكمال الأمور الشكلية والتي ينتج عنها فيما بعد الحصول على التمويل اللازم بشتى طرق التحايل من أجل الحصول عليه وهنا يعتمد بعضهم على أن الأمر هو مجرد أنه سيقوم بالسداد لقيمة هذا التمويل دون أن ينظر إلى الهدف المرجو منه الاتجاه إلى المشروعات الصغيره للبلدان التي تتجه إلى الاهتمام به أو حتى الاعتماد عليه في بعض الأحيان .
والغريب في الأمر أن الكثيرين يغفلون أن ما يقدم عليه هؤلاء الشباب الذين يستغلون هذا الأمر من أجل تحقيق أغراضهم وأهوائهم أنهم بهذا يضيعون الفرصة على من يسعى بكل جد لتحقيق مستقبل أفضل لهم ولبلادهم باتجاههم نحو المشروعات الصغيرة والتي يرون أنها سوف تحقق ذاتهم كما يرون أنهم يستطيعون تحقيق الكثير والكثير إما لأنفسهم أو لإتاحة فرص عمل لآخرين أو لسد الفجوة من احتياجات السوق أو للبلد على حد السواء .
وأيضا يواجه الجادون من الشباب الكثير من المعوقات الإدارية والتي تعد عقبة حقيقية في طريقهم لإنشاء المشروعات الصغيرة والتي يمكن أن تجعل بعضهم يعزف عن استكمال الطريق بسبب الإجراءات المعقدة والمركبة والتي تعد كالصخرة في طريق تحقيق الحلم الذي يرغبون في أن يكون حقيقة على أرض الواقع .
ولذا ينبغي أيضا البحث عن الشباب الجاد الذي يرغب في أن ينفذ مشروعا صغيرا يرغب أن يحقق به مستقبلا أفضل لنفسه ولبلده وذلك بأن ينظر إلى المشروع المقدم من الشاب وبحث ما مدى خبرته في هذا المجال ولا يكتفي فقط بأن تكون الخبرة لآخرين ممن يدعى أنهم سوف يعملون في المشروع وأن لم تكن لديه الخبرة الكافية فينبغي على الجهات المعنية بهذا الأمر لمن تجد أن لديهم الرغبة الجادة والحقيقية في إقامة المشروع الصغير وليس لديهم الخبرة الكافية أن تعمل على تأهيلهم أولا كمرحلة أساسية قبل أى شيء حتى يتثني لهم استكمال باقي الإجراءات وبهذا نكون قد تجنبنا الوقوع في الفخ الذي وقع فيه الكثير من البلدان العربية ممن استغلوا الاهتمام بالاتجاه نحو المشروعات الصغيرة .
وأيضا على المجتمع أن ينظر نظرة أخرى إلى أصحاب المشروعات الصغيرة والعاملين بها ولا يكون النظر دائما تجاه الوظائف الثابتة التي يظن أنها أكثر استقرارا والتي يهرول إليها الكثيرون بل وينتظرونها بالسنوات كما أن البعض يحرص بأن يحصل على كل ما تطوله يديه يحصل على فرصة عمل ثابتة وأيضا إلى الحصول على مشروع صغير وربما أشياء أخرى فبدلا من أن يحصل كل شاب على فرصة ويكون الأمر فيه مساواة يحصل البعض على العديد من الفرص ولايحصل البعض الآخر على أي فرصة من الفرص وبهذا نصل إلى خلل قد يتفاقم في يوم من الأيام ويؤدي إلى ما لا يحمد عقباه .
فعلى البلدان التي تتجه إلى الاستفادة من المشروعات الصغيرة أن توجه الجهات المعنية بإقامة هذه المشروعات الصغيرة على أن يكون بينها تضافر وأن يعمل الجميع على تبسيط الإجراءات وأيضا التأكد من أن الأمر جاد وليس على سبيل العبث. فلقد قامت دول ونهضت بفضل حسن استخدام المشروعات الصغيرة ولم يتعرضوا له في بعض بلادنا العربية وأيضا على الشباب الطامح في الحصول على فرصة جادة وحقيقة أن يتمتعوا بالقدر الكافي من الوعي بأنه تعد هذه المشروعات الصغيرة طوق نجاة حقيقي يمكن أن يتمسك به من أجل تحقيق أحلامه والوصول إلى مستقبل مشرق بما يعود عليه بالنفع المباشر وعلى بلادنا بالمنفعة المباشرة أو غير المباشرة .

د. صلاح الديب
رئيس المركز العربي للاستشارات وإدارة الأزمات وخبير إدارة الأزمات في مصر والوطن العربي