[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
اثقلنا عليكم خلال الأسابيع الماضية بالحديث عن حقبة خطيرة ومهمة عاشها العراق وشعبه، فقد وقع عليه احتلال شرس خلافا لكل القوانين الدولية والأممية، ولأن هذا الغزو والاحتلال قد تمت مواجهته ومجابهته في مقاومة لا تقل شراسة عن الاحتلال الذي يمتلك جميع مقومات التفوق، فقد كان لزوما توثيق الأمرين الاحتلال وما يفعله في العراق والمقاومة العراقية وما تميزت به، إذ كانت اسرع مقاومة في التاريخ الحديث، وفي الوقت نفسه كانت المقاومة الوحيدة اليتيمة التي وقفت جميع الدول ضدها بما في ذلك أبناء البلد - للأسف الشديد - ورغم كل الصعاب والشدائد فقد تواصلت هذه المقاومة وتصاعدت بطريقة ارعبت الأميركيين والبريطانيين الغزاة واثارت دهشتهم، وهذا ما اعترف به الكثيرون من السياسيين والمراقبين والعسكريين اثناء الاحتلال وبعد انسحاب قواتهم مرغمين بفعل ضربات المقاومين الشجعان التي كانت بحق ضربات موجعة للغزاة.
خلال الأسابيع الماضية خصصنا هذه الزاوية التي تقبلت بروحية رائعة الحديث عن المقاومة في العراق خلاف الكثير الكثير من وسائل الإعلام في اوطاننا وخارجه، واقول هنا، إن المكان الوحيد الذي نشر قصص المقاومة العراقية منذ انطلاقتها – هو الوطن العمانية - في زاوية أصداف وحصل ذلك منذ انطلاقتها وحتى اليوم، وأنا بهذه المناسبة اقدم شكري واعتزازي وتقديري للمنبر الذي منحنا هذه الفرصة ولقيادة السلطنة المعروفة بحكمتها، وهذا نعده تضامنا مع شعب العراق المنكوب بالاحتلال ومآسيه وفواجعه، وشكري وتقديري للقائمين على هذه المؤسسة الإعلامية الراقية والشكر موصولا للشعب العماني الأصيل.
لقد بذلنا جهودا مضنية واستغرقت الكثير من الوقت لصياغة قصة انطلاق المقاومة العراقية بوجه الغزاة، وقد حرصت كل الحرص على الموضوعية في الكتابة والبحث والتقصي، ورغم سماعي للكثير من القصص البطولية للمقاومين الشجعان في بداية انطلاق المقاومة في العراق، إلا أنني حرصت على تأكيد ما هو مؤكد وثابت، واعتمدت في رواية غالبية القصص استنادا إلى مصادر أميركية وبريطانية ووكالات أنباء غربية وعالمية.
لقد تضمنت الدراسة التي صدرت بكتاب عن مركز دراسات الوحدة العربية ببيروت عنوانه (البركان قصة انطلاق المقاومة العراقية) دراسة مقارنة لأربع تجارب للمقاومة في العالم هي (المقاومة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي خلال الحرب العالمية الثانية) و(المقاومة الفيتنامية ضد الأميركيين في ستينات وحتى منتصف سبعينات القرن العشرين) و( المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي منذ العام 1948 حتى الآن) و (المقاومة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي منذ بداية الاحتلال العام 1830 حتى التحرير والاستقلال في العام 1962)، واجريت مقارنة مع المقاومة العراقية في اربعة جوانب، هي، بداية المقاومة والدعم الدولي والدعم والإسناد الإعلامي وثم التضاريس ودورها في دعم المقاومين.
وتشير خلاصة الدراسة ونتيجة للظروف التي ظهرت فيها المقاومة في العراق أنه من الصعوبة البالغة أن تظهر مقاومة في مثل هذه الظروف الدولية والإقليمية والداخلية، وقد يكون عامل غياب التضاريس لوحده يشل المقاومة في العراق إن لم يكن سببا في سرعة اخمادها والقضاء عليها، لكن رغم ذلك انطلقت المقاومة في العراق بسرعة خاطفة وسجلت سبقا تاريخيا، إذ إنها الأسرع في العالم.
إننا وثقنا ليوميات المقاومة خلال الثمانين يوما الأولى من بدايتها، ونتمنى أن يبادر الباحثون الوطنيون لسد ثغرات كثيرة في هذا الموضوع لنوثق ما يستحق التوثيق.