تطرح مشكلة البحث عن عمل نفسها كإحدى أهم القضايا الاجتماعية والاقتصادية على مستوى العالم، وتتوقف معدلات معالجة الظاهرة في كل دولة على حدة على مدى قدرة المؤسسات الوطنية والأجهزة المعنية على استيعاب أكبر عدد ممكن من الأيدي الباحثة عن عمل، والعقول الباحثة عن مجالات لإثبات قدراتها والاستفادة من الرصيد التعليمي، والخبرات التي تم تحصيلها فيما قبل مرحلة الانطلاق إلى سوق العمل.
ويعد اختبار القدرات الريادية ضمن مبادرة توفير فرص العمل عبر تعزيز المؤسسات الصغيرة والمتوسطة "تحفيز" إحدى المبادرات التي اضطلعت بها حكومة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ لمعالجة مشكلة الباحثين عن عمل، انطلاقًا من حرصها على توفير الحياة الكريمة لكل مواطن، ومساعدته على تأمين فرصة عمل يتمكن من خلالها تحقيق استقراره المعيشي والاجتماعي، ويساهم بها في عملية البناء لهذا الوطن، حيث تعتبر "تحفيز" إحدى مبادرات سوق العمل والتشغيل والتي تشرف عليها وزارة القوى العاملة ضمن برنامج تعزيز التنويع الاقتصادي (تنفيذ)، بهدف دعم الباحثين عن عمل والراغبين في إنشاء مشاريعهم الخاصة من خلال تقييمهم وتدريبهم ثم مواءمتهم بالمشاريع المختارة، وذلك من خلال مجموعة من المهارات والمعايير الريادية في الباحث عن العمل، مثل الصفات القيادية ومهارات الإدارة المالية والفنية، ومهارات الاستدامة وإدارة الموارد البشرية والمهارات الابتكارية، بالإضافة إلى الحس التجاري والتسويقي لدى الباحثين عن العمل.
واختبار القدرات الريادية الذي شارك فيه 245 باحثًا عن عمل والذي أقيم بالكلية التقنية بنزوى، بقدر ما يعكس تنامي الحرص والمسؤولية تجاه أبناء هذا الوطن لإكسابهم الثقة والاعتماد على النفس ومساعدتهم على تنمية ذواتهم، بقدر ما يؤكد صعوبة المهمة في ظل الأوضاع الراهنة التي لا تخفى على أحد، إلا أنه رغم ذلك، تسير حركة توظيف القوى العاملة الوطنية في طريقها الصحيح، وذلك بالنظر إلى جملة الخطط المرحلية والموضوعة لتحقيق أقصى إمكانيات النجاح على هذا الصعيد، حيث تستهدف هذه الخطط تهيئة اليد العاملة الوطنية لأداء واجبها في المجال الذي تتوجه إليه أو إعادة تأهيل طالبي الوظائف إلى تولي أعمال تختلف عن حصيلتهم العلمية والتعليمية وذلك بإعادة تأهيلهم في مراكز التدريب المنتشرة في البلاد، وحقق العديدون منهم إنجازات ملموسة في هذا الشأن، كما حقق العديدون نجاحات في مشاريعهم الفردية، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي أنشأوها، فنحن في عصر التحولات السريعة أو التواؤم السريع مع تطورات السوق، كما أضافت ثورة المعلومات وعصر الحاسوب ومختلف وسائل الاتصال الحديثة بعدًا جديدًا لإمكانية تأهيل الشباب لمختلف أنواع الأعمال. لذلك فإن الإنجاز في مجال تشغيل القوى العاملة الوطنية يبدو ناجحًا حتى الآن بالنظر إلى المعدلات المتسارعة في المخرجات التعليمية وطالبي العمل، مع عدم إغفال أن ظاهرة البحث عن العمل تتزايد باستمرار مع تزايد عدد السكان، وبالتالي تزايد مخرجات التعليم والتدريب، وعلى نحو يفوق إمكانات إنشاء المصانع والمؤسسات وتطوير قدراتها الاستيعابية للقوى العاملة؛ لهذا فإن الاتجاه نحو إنشاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يعد هو المعالجة المثلى لاستيعاب الأعداد المتزايدة واستغلال طاقات الشباب وتوظيف أفكارهم وإبداعاتهم، ومبادرة "تحفيز" تقوم بعد اختبار القدرات الريادية بفرز التقييم لاختيار 350 باحثًا يتم مواءمتهم مع فرص تجارية توفيرها من القطاعين الخاص والعام في الصناعات التحويلية والقطاع السياحي واللوجستي.