[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
تجذب المعرفة إلى عوالمها ودهاليزها الكثيرين، فهناك من يعيش شغفا خاصا بهذه العوالم، وثمة من يجد نفسه في وسط أمواجها، وفي جميع الاحوال، فإن من يتعاطى مع هذا العالم لن يخرج خاسرا ، وبالتأكيد لن يندم يوما على ولوجه هذا العالم.
من قصد دنيا المعرفة عن دراية مسبقة بمكنوناتها، فأنه يستغرق طويلا بين هذا الباب وتلك النافذة، وسرعان ما يكتشف وبعد فترة ليست طويلة، أنه قد أضاع فترة من عمره دون أن يتعرف على ما تعرف عليه خلال ايام وربما أسابيع، وهذا لوحده يؤثر في أعماقه عندها يتغلب جانب البحث والاستزادة المعرفية على سواها، وفي كل مرة يجري المرء مراجعة سريعة لما أضافه من معلومات وما استقاه من حكمة ودروس بعد غوصه في هذا العالم الغني والثري، ويزداد انجذابا ويتحمس للمزيد في دنيا تختلف كليا عن غيرها، عندها تبدأ رحلة اخرى في منعطف يبقى جميلا إذا كان قد بدأ مبكرا وفي وقت لم يفقد المرء الكثير من سنوات العمر قبل الولوج في هذا العالم وحتى إذا دخله في وقت متأخر جدا.
هناك من قصد هذا العالم بطريق الصدفة، و تلك الصدفة غالبا ما تكون المفتاح الذي يأخذ صاحبه لأبواب جديدة ونوافذ مختلفة، بعيداعن تلك الروتينية والرتابة التي طالما استغرق فيها وأخذت منه الكثير من الوقت، دون أن يتلمس في ثناياها طعما لعوالم جديدة ومتجددة ومختلفة تماما، وقد يستغرب الكثيرون عندما يعلمون أن الدخول في عالم بطريق الصدفة قد حصل لأعداد ليست قليلة من الناس، وأن هذا الدخول قد تحول إلى هواية عميقة وفي أحيان كثيرة أدخلت صاحبها في تخصص جديد وقادته إلى صداقات مختلفة، ومن ثم إلى مجتمع اخر وهو ما يعرف ب"مجتمع المعرفة "، فيتحول من تزجية الوقت بأي شيء إلى مفتش عن الندوات والتجمعات التي تبحث وتناقش الحقل المعرفي الذي دخله مصادفة، وحتى المصادفة أنواع ، منها ما يحصل اثناء العمل، إذ قد يجد عددا من الزملاء يناقشون فكرة أو كتابا في تخصصهم وحتى في عالم معرفي اخر، فيدفعه الفضول للتعرف على ذلك الأمر ، وإذا به يستغرق طويلا في دنيا أخرى ، والصدفة قد تكون في مكان انتظار لأي أمر، وبغرض التغلب على وقت الانتظار الممل يسحب مجلة أو كتابا تم وضعه لكي لا يشعر الذين ينتظرون بالملل من الانتظار، وإذا به يجد معلومة تسحبه للبحث والتقصي عنها، واحيانا يجذبه حديث الاقارب عن رواية فيرغب الاطلاع عليها، وإذا به يسيح مع روايات وقصص ومسرحيات وينتقل إلى الترجمات في هذا الحقل وذاك.
المهم في كل ذلك أن يجد المرء نفسه في عالم المعرفة، فإذا قصد هذا العالم عن سبق دراية ومعرفة فأنه قد ربح الكثير ، وإذا ولج عوالم المعرفة بالصدفة فأنه اضاف الكثير لخزينه وسلوكياته التي تتأثر ايجابا بالمعرفة.