[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/kazemalmosawy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]كاظم الموسوي[/author]
” الحرب لم تحسم بعد بشكل كامل، لوجود بقايا لـ"داعش" بالمدينة وخطط معدة، كما ذكر، وكذلك في مدن اخرى، فضلا عن وجود داعمين له من مجموعات سياسية باسماء مختلفة، متوزعين بمحافظات العراق بما فيها العاصمة بغداد ومؤسساته الرسمية، مع نشطاء آخرين لا يخفون الدفاع عنه ولا ينكرون ولاءهم له. هذا فضلا عن مؤسسات إعلامية مفرغة له وإعلاميين متابعين بحماس لفكره ومسيره.”
ــــــــــــــــــــــــ

انتهت القوة العسكرية الفعالة لما سمي اعلاميا "داعش"، والقدرات على استخدام الاجهزة والمعدات والاسلحة العسكرية التي استولى عليها أو تسلمها عند احتلاله مدينة الموصل في 10 يونيو2014 حيث تم تدمير اكثرها او لم تعد فاعلة لديه في المدينة، بعد أن دمرت مواقعه الميدانية ومقراته الرئيسية داخل جغرافية المدينة، ولكن نشاطات داعش لم تنته او لم تتوقف، فما زال لديه ما يقوم به أو يهدد به في مناطق أخرى أو مدن أخرى، وحتى داخل المدينة بما له من معدات تفجير وامكانات تخريب ومخلفات تنظيمية او ذءاب منفردة مغسولة الادمغة ومشوهة العقول. وهذا الخطر من بقاياه حذّر منه قبل التحرير وبعده، من مصادر أميركية اساسا، والهدف من التحذير، كما صار معلوما، استبقاء استخدامه لمآرب وخطط ابعد منه والمدينة او المنطقة برمتها، التي ابتلت به وتحملت الكلفة الباهظة التي دفعتها من جراء صنعه واستثماره. مع الإقرار بهذه البقايا، الدواعش باشكالهم المختلفة.
رغم أن الإحصائيات والارقام تحتاج دائما الى توثيق ومسؤولية عالية، الا ما ينشر يعطي تقديرات يمكن اعتبارها شواهد أولية او رصد اولي، لا سيما حين تتداولها وكالات الانباء وتنشرها وسائل الإعلام دون تمحيص او تدقيق على الاغلب. فاعداد ما بقي من الدواعش المنتمين فعليا، حسب مصادر مسؤولة، كما سمتها، وكالة أسوشيتد برس ((2017/7/28 التي نقلت عنها، إن نحو سبعة آلاف ارهابي من تنظيم "داعش" لا يزالون في العراق وذلك بعد أسابيع من إعلان استعادة السيطرة على الموصل أبرز معاقل التنظيم. ونقلت الوكالة عن مسؤولين من المخابرات العراقية ووزارة الدفاع قولهم إن هناك نحو أربعة آلاف مسلح وثلاثة آلاف من عناصر الدعم في تنظيم داعش بالعراق، بينما يوجد نحو سبعة آلاف مسلح وخمسة آلاف عنصر دعم في سوريا. وهذه الاعداد في كل العراق، ولم تعرف بدقة الحصة المتبقية منها في المدينة. وهنا تكمن خطورة الأوضاع الأمنية بعد تحرير الموصل، من هذا الجانب، ولكن حسب كثير من المراقبين أن الخطر لما يزل باقيا رغم إعلان النصر.
بعد السيطرة على مدينة الموصل، أعلن منها زعيم "داعش" أبوبكر البغدادي إقامة "الخلافة" من على منصة جامعها النوري الكبير في 2014/6/29 ، وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قد أعلن النصر رسميا، بعد سبعة أشهر من المعارك، وبعد يومين من إعلانه، أكد قائد التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة ستيفن تاوتسند أن المعركة لم تنته في العراق في ظل وجود بقايا لتنظيم الدولة في مواقع بالموصل، ودعا إلى طرد هؤلاء المسلحين قبل إطلاق هجمات لملاحقة رفاقهم في مناطق أخرى من البلاد. وهذا التصريح الأميركي ليس جديدا الان، اي بعد التحرير وانما هو مكرر لما قبل التحرير، او هو موقف متناقض اميركي عسكري، في الوقت الذي تجتمع الآراء السياسية والعسكرية العراقية، والسياسية الأميركية والغربية عموما على إعلان الانتصار. وهنا لابد من قراءة التصريحات الأميركية بدقة وما يراد للمنطقة من خطط مرسومة وتمرر بطرق أميركية لم ينتبه من مراميها وما تؤول إليه في النهاية.
من هذه التناقضات الأميركية ما حذر منه مدير المركز الوطني لمكافحة الإرهاب بالولايات المتحدة نيك راسموسن قبل أسبوع من إعلان الانتصار رسميا من أن "داعش" لا يزال يشكل تهديدا على الأمن العالمي رغم فقدانه السيطرة على أراض واسعة، وأشار إلى أن عناصر التنظيم يسيطرون على مواقع أقل ولكن التخوف مستمر من قدرة عدد قليل منهم على تنفيذ هجمات في المنطقة أو في مدن غربية. وسبق وأن اعلنت وزارة الحرب/ الدفاع الأميركية في وقت سابق أن المعارك في العراق وسوريا قلصت عدد مقاتلي تنظيم الدولة إلى نحو 15 ألفا بعدما كان عددهم يقدر بنحو 31 ألفا في 2014. وحتى هذه الأرقام غير دقيقة ولا موثقة، وتعكس ايضا تناقض التقديرات الأميركية وتخمينات مؤسساتها العسكرية والاستخبارية ومراكز البحوث فيها.
من جهة أخرى صرح الفريق الركن عبد الأمير يار الله، قائد القوات المسلحة لتحرير محافظة نينوى العراقية، (15 يوليو 2017 ) في إيجاز عسكري حول عملية تحرير مدينة الموصل (مركز محافظة نينوى)، أن القوات المشاركة في تحرير المدينة، تمكنت من قتل أكثر من 25 ألفا من تنظيم "داعش"، بينهم أكثر من 450 انتحاريا. وأشار إلى أن القوات العراقية تمكنت أيضا من تدمير 1247 سيارة مفخخة، وإسقاط 130 طائرة مُسيرة للتنظيم، وتدمير أكثر من 1500 عجلة مختلفة للمسلحين. وتابع: "معارك تحرير الجانبين الغربي والشرقي من الموصل استمرت نحو 9 أشهر، بمشاركة أكثر من 100 ألف مقاتل من الجيش، والشرطة الاتحادية، ومكافحة الإرهاب، والحشد الشعبي". وبيّن أن معارك الجانب الشرقي استمرت 101 يوم، فيما استمرت معارك الجانب الغربي 142 يوما. وقال الفريق يار الله إن القوات المحرّرة لمدينة الموصل حاولت الجمع بين حماية المدنيين والقضاء على الإرهابيين، مشيرا إلى أن القيادة أثبتت إمكانياتها على جميع المستويات. ولفت إلى أن خطط القادة تميزت بالمرونة لضمان تنفيذ الواجبات بكفاءة عالية. كما كشف الفريق الركن عن قرب انطلاق المرحلة الرابعة من عمليات "قادمون يا نينوى"، لتحرير قضاء تلعفر (شمال الموصل) من سيطرة تنظيم "داعش".
احتل " داعش" المدينة في 10 يونيو2014 وفي 17 اكتوبر 2016، بدأت القوات العراقية حرب التحرير، وخلال هذه الفترة تكبد أهل المدينة والعراق كله ثمنا باهظا، وفي 10 يوليو 2017، أعلن رسميا، تحرير الموصل بالكامل، وكانت حرب التحرير مكلفة ايضا، راح فيها الكثير من الخسائر البشرية والمادية، ونزح ما يقارب المليون مواطن عن ديارهم وأعمالهم وعانوا ما عانوه في نزوحهم.
الحرب لم تحسم بعد بشكل كامل، لوجود بقايا ل"داعش" بالمدينة وخطط معدة، كما ذكر، وكذلك في مدن اخرى، فضلا عن وجود داعمين له من مجموعات سياسية باسماء مختلفة، متوزعين بمحافظات العراق بما فيها العاصمة بغداد ومؤسساته الرسمية، مع نشطاء آخرين لا يخفون الدفاع عنه ولا ينكرون ولاءهم له. هذا فضلا عن مؤسسات إعلامية مفرغة له واعلاميين متابعين بحماس لفكره ومسيره. هؤلاء بمجموعهم يشكلون بقايا تنظيم داعش او دواعش ما بعد تحرير الموصل. وهذا الخطر الباقي يستدعي بداهة اليقظة والحذر والانتباه، في العراق والمنطقة عموما.