[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
كان سيد درويش الطفل يستمع إلى أحد خطابات زعيم مصري اسمه مصطفى كامل وهو يردد بلادي بلادي، فعندما كبر وضع أغنيته الشهيرة التي تحمل عنوان بلادي والتي هي اليوم النشيد الوطني المصري. وبالمناسبة، فإن من قام بتغيير النشيد الأصلي لمصر العربية، هو الرئيس الراحل أنور السادات .. ومن المعروف أن الرئيس عبد الناصر كان قد طلب بتحويل موسيقى أغنية " والله زمان ياسلاحي" التي تغنيها أم كلثوم ولحنها كمال الطويل وكتب كلماتها العبقري الشعبي صلاح جاهين لتكون النشيد الوطني لمصر، والتي يقول مطلعها"والله زمان ياسلاحي / اشتقتلك في كفاحي / انهض وقول انا صاحي / ياحرب والله سلام ". كان هذا الشيد أيضا، هو المعتمد أثناء وحدة مصر وسوريا.الأناشيد الوطنية من المقدسات دائما، هي أكثر مانسمعه ونحن في غاية التأهب والاندماج بالكلمات، وخصوصا تلك الطالعة من القلب، كالنشيد الوطني السوري" حماة الديار " .. تصوروا نشيدا وطنيا يحاكي جيشه، كم هو له حساباته الوطنية من أمر بأن يكون النشيد الذي تهتز له القلوب والعقول وتتحرك أيدي العسكريين لتأخذ سلاما وتحية.يقال أن من بين أسباب الحرب العالمية الثانية، وأسبابها كثيرة هتلرية المفهوم، أن ألمانيا التي خسرت الحرب العالمية الأولى ، فرضت عليها معاهدة فرساي التي وقعها الألمان مع الحلفاء وقف استعمالهم لنشيدهم الوطني، مما دفع كل ألماني إلى مشاعر حاقدة، إذ لايمكن التهاون بمسألة من هذا النوع، خصوصا مع الألمان الذين يرسمون نشيدهم الوطني من روح تاريخ بلادهم ومن صميم موسيقاها .. وكلنا نعرف أن هتلر كان معجبا بموسيقى فاغنر الذي استند في مؤلفاته الموسيقية إلى الروح الألمانية في كبريائها وعظمتها.من المؤسف أن النشيد الوطني الفلسطيني كان مستوحى من نشيد "فدائي"الذي يقول في مطلعه " فدائي ياارضي ياارض الجدود / فدائي ياشعبي ياشعب الخلود ".. تم الاستغناء عنه إلى نشيد "موطني" .. بالطبع لاينسجم نشيد" فدائي "مع الموقف المعادي للرئيس الفلسطيني محمود عباس للعمل الفدائي برمته.
كان "موطني"نشيد العراق حين استدعى الرئيس الراحل صدام حسين الموسيقار اللبناني وليد غلمية ليضع له نشيدا جديدا مستوحى ممن أدبيات حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم آنذاك للعراق .. وهكذا لمع في الأجهزة الإعلامية العراقية النشيد الجديد وظل حتى الاجتياح الأميركي للعراق، وأول فعل قام به المحتل، أن ألغى كل شيء في العراق وفي الطليعة النشيد الوطني، ولو تمكن لألغى العراق أيضا، مع ان ماقام به فور احتلاله كان شطب تاريخ كامل ومنجزات كاملة.
أكتب ذلك لأني أعدت سماع أغنية " والله زمان ياسلاحي"التي جسدت مرحلة كل كلماتها تنطبق على حاضرنا، وخصوصا حاجتنا لمزيد من الهمم في سوريا التي أعرف أنه لاينقص هذا الإحساس شعبها وجيشها. لكن التذكير فيه نوع من الإحساس بالحاجة ليس للسلاح الذي يطلق النار فقط ، بل هنالك سلاح الصبر وخصوصا في مرحلة دقيقة كما هي حال سوريا اليوم، وكذلك العراق وأيضا ليبيا، مع حزن عميق لما هي حال اليمن التي لو كانت بلدا نفطيا كبيرا لما سمح لأحد الاقتراب منها بأي شكل من الأشكال ، لكنه بلد فقير، رغم غنى شعبه الكرامة والكبرياء.