لعل المعيار الأهم في رقي الأمم والشعوب هو قدرتها على بسط مظلات الرعاية والاهتمام والحماية لجميع فئاتها دون تمييز أو تفرقة، ويتعمق هذا الفهم حينما تتوافر عوامل عديدة تكون بمثابة اختبار حقيقي وواقعي معزز بالأرقام.
وفي نهضة مباركة وضعت الارتقاء بشأن الإنسان منذ بزوغ شمسها، وأعلت من قدره وكرامته ووضعته في المكانة اللائقة، كان ـ ولا يزال ـ الاهتمام كبيرًا ومتواصلًا من الدولة بكافة مؤسساتها بمد مظلات الرعاية، حيث وفرت للمواطن كل سبل الرعاية والاهتمام.
لقد كانت ولا تزال وستظل الرعاية الصحية حقًّا أصيلًا من حقوق المواطن العماني يجب أن يحصل عليه حالة احتياجه له، وقد عمل حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ على أن تكون الحالة الصحية الجيدة للمواطن هدفًا من أهداف النهضة الحديثة ومن ثم انتشرت المستشفيات والمراكز الصحية حيثما كانت الكثافة السكانية في مستوى يحتاج إلى هذه المراكز.
واليوم لا يمكن لمنصف إنكار ما حظي به القطاع الصحي من اهتمام بالغ منذ انبلاج فجر النهضة المباركة، وذلك انطلاقًا من فلسفة عامة تراهن على الإنسان ككلمة سر تفتح أبواب النهوض واللحاق بركب التقدم والعصرنة، حيث غني عن البيان تلك الطفرة الصحية الكبيرة، سواء من خلال عدد المستشفيات والمراكز الصحية أو تطوير الممارسات الطبية وتأهيل الكادر البشري، وذلك مقارنة بالمعادلة الصفرية التي كانت موجودة قبل عام 1970.
التقرير الصادر عن وزارة الصحة المعزز بالأرقام يرصد الاهتمام الكبير الذي تضطلع به حكومة جلالته ـ أيده الله ـ ممثلة في وزارة الصحة وغيرها من المؤسسات الصحية، حيث تتضافر عوامل كثيرة لتؤكد حجم الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة في سبيل تأمين الحق الصحي وكفالته لكل مواطن يعيش على أرض عمان الطيبة. فقد شهدت مصروفات وزارة الصحة ـ كما يرصدها التقرير بالأرقام ـ ارتفاعًا ملحوظًا على مدى السنوات بسبب الحاجة لمواكبة متطلبات النمو السكاني، والتوسع في نشر مظلة الخدمات الصحية كمًّا ونوعًا في جميع المحافظات، وتغير نمطية الأمراض وارتفاع تكلفة رعاية الخدمات الصحية، حيث أشار التقرير إلى أنه بلغ إجمالي مصروفات وزارة الصحة ما يقارب من 792.9 مليون ريال عماني خلال عام 2016 ، وقد بلغت المصروفات الإنمائية حوالي 35 مليون ريال عماني والمصروفات المتكررة أكثر من 757.9 مليون ريال عماني، فيما بلغت نسبة إجمالي مصروفات وزارة الصحة من إجمالي المصروفات الحكومية حوالي 6.3%.
غير أن ما يلفت إليه التقرير هو عامل الحوادث وهو العامل الأهم لجهة أنه يمثل ضغطًا كبيرًا على المصروفات التي تتكبدها الوزارة وذلك لما تمثله حوادث الطرق من عامل رئيسي لتزايد أعداد الإصابات والإعاقات والوفيات بالسلطنة، حيث توضح إحصائيات هذه الحوادث أن حجم المشكلة لا يزال كبيرًا. فعلى الرغم من انخفاض أعداد حوادث الطرق عام 2016م فإن أعداد الإصابات والوفيات تبقى عالية، حيث استقبلت مؤسسات وزارة الصحة 569 حالة وفاة قبل الوصول، إضافة لحدوث الوفاة بالمستشفيات لـ(90) حالة لمصابي الحوادث من بين المنومين، وتحتل الوفيات بسبب حوادث الطرق حوالي 8.3% من إجمالي الوفيات التي استقبلتها المؤسسات الصحية بالسلطنة.
إن الحياة الإنسانية هي أثمن ما في الوجود، وحمايتها فرض عين على كل إنسان، ولا ينبغي التهاون في حمايتها مطلقًا وعلينا أن نحرص عليها ونحميها، سواء كانت حياتنا أم حياة الآخرين؛ لأن في حمايتنا لها ضمانًا لاستمرار حقوقنا وحفظها ومن بينها حق الرعاية الصحية، فما ينفق على الحوادث ونتائجها من إصابات وإعاقات وإشغالات لأسرة المستشفيات كان من الأولى أن يوجه نحو تطوير المنظومة الصحية، من حيث تأهيل الكوادر الطبية ورفع مستواها العلمي والخبراتي، وتمكن الحكومة من مواكبة التوسع السكاني لمد الخدمات الصحية إلى حيث سكنى المواطن.
لذلك التحلي بآداب القيادة والالتزام الصارم بقوانين المرور وتعليمات رجل المرور الذي يتواجد باستمرار في المكان والزمان المناسبين ليقدم الخدمة لمن أرادها، واجب شرعي ووطني وأخلاقي، ومدعاة لحفظ النفس والمال.