[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/fawzy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]فوزي رمضان
صحفي مصري[/author]
” الجبر يكون للكسر تماما كجبيرة العظام المتكسرة حتى تلتئم كذلك جبر النفس المنكسرة ، التي في مسيس الحاجة لجبر خاطرها وهنا يكون القول الحسن بجبر الخاطر أفضل كثيرا من المال " قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غنى حليم" لذا كانت الكلمة الطيبة صدقة والتبسم فى وجه أخيك صدقة، وجبر الخاطر من الأخلاق الرفيعة،”
ــــــــــــــــــــــ
عاد الطفل أديسون من المدرسة حاملا مظروفا به رسالة مكتوب فيها ( إن ابنك غبي جدا جدا ولانريده في المدرسة من باكر) أعطاها لوالدته وما أن فتحتها انهمرت في البكاء، ولما سألها عن سبب بكائها قالت له إن الرسالة تقول إنك ذكي جدا جدا وتعجز المدرسة عن تعليمك لعبقريتك المفرطة وقررت بعد ذلك أن تعلمه بنفسها، حتى أصبح العالم الفذ أديسون صاحب الألف اختراع أشهرها المصباح الكهربائي.
وفي السويد جمع مدير شركة الموظفين الذين لم يحققوا المعدل المطلوب في الابتكار والإبداع، وأقام لهم حفلا وتكريما خاصا عكس المتبع في تكريم المتفوقين فقط ، قائلا لهم : احتفي بكم لأنكم ستتقدمون وتكريمي لكم نابع من ثقتي في قدراتكم،غدا سيصيبكم الدور، إننى أراهن على ذلك إلى أن جاء موعد التقييم الشامل لكافة الموظفين، ليفاجأ بمعدل ابتكار وتنافس وتطور غير مسبوق، لم تشهده الشركة من قبل لتتربع على قمة النجاح والتفوق.
وحكى طبيب شهير قصة يرددها دائما فقد وجد يوما في سجل مواعيد كشف الأسابيع القادمة اسم شيخ فاضل معروف بالورع والتقوى وما أن شاهد اسمه ورقم هاتفه اتصل به قائلا له: لمقامك الكبير سأتى إليك في منزلك لزيارتك، وكان ذلك وبعد أن فرغ من الكشف ووصف العلاج سأل فضيلة الشيخ، أريد منك إجابة على سؤال حيرني كثيرا، ماهو أعظم عمل في الدنيا .... هل الصلاة هل الصوم هل الزكاة فرد عليه فضيلة الشيخ هناك عمل أعظم من كل ذلك استغرب الطبيب من الإجابة وسارع بالرد شوقتنى ماهو، فرد الشيخ قائلا إنه جبر الخواطر ولم يشرح الشيخ كثيرا واكتفى بقوله ستعرف بنفسك، وانتهت المقابلة ليقود سيارته في طريقه لعيادته وفي أثناء الطريق يتصل به جاره يتوسل إليه أن يذهب إلى المستشفى الذي به زوجته ليذلل لها اجراءات عملية جراحية عاجلة ويقول الطبيب ترددت بعض الشيء لضيق الوقت ولكننى تذكرت قول فضيلة الشيخ (جبر الخواطر) لأجدنى أغير الاتجاه إلى المستشفى وما أن نجحت فى انهاء اجراءات العملية لزوجة جاري إلا وأشعر بوخزات أزمة قلبية حادة تستدعى الإسعافات السريعة، حيث في تلك الحالات اذا تعدى الزمن خمس دقائق بدون إسعاف عاجلا تكون النتيجة جلطة ووفاة، ولكوني وسط الأطباء وفي قلب المشفى تم إنقاذي على عجل، وهنا تذكرت عبارة (جبرالخواطر).
أجمل ما في الحياة أن تجد من يحس بك ويطيب خاطرك ويرفع عنك الظلم أو يمد لك يد العون أو على الأقل يواسيك بكلمة طيبة أو يربت على كتفك، تخيل مدى الطاقة الايجابية التى تمنحها لمن هو أقل منك عندما تعامله بحسن خلق وأن تتنازل وتتواضع لتقترب منه وتساعده لتجد الرضا والسعادة على وجهه ويسمعك كلمة تتفتح لها أبواب السماء عندما يقول لك ( الله يجبر بخاطرك).
فكم كان حزني عندما شاهدت موظفا كبيرا في درجته الوظيفية صغيرا في أخلاقه عندما كان ينادي على عامل بسيط قائلا له ( إنت ياحيوان خذ تلك الأشياء وضعها على المكتب) لأشاهد الحزن والغبن والحسرة فى عيون هذا المسكين ويزداد الألم إنه لايقوى على رد الإهانة، ولا يقدرعلى استعادة كرامته المهدرة ، وكأنه يقول له فى صمت لاجبر الله خاطرك.
إن الجبر يكون للكسر تماما كجبيرة العظام المتكسرة حتى تلتئم كذلك جبر النفس المنكسرة ، التى فى مسيس الحاجة لجبر خاطرها وهنا يكون القول الحسن بجبر الخاطر أفضل كثيرا من المال " قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غنى حليم" لذا كانت الكلمة الطيبة صدقة والتبسم فى وجه أخيك صدقة، وجبر الخاطر من الأخلاق الرفيعة، عندما تكون عند حسن ظن من أحسن الظن بك خاصة اذا كان محتاجا إليك ويطلب عونك ومساعدتك ولا ترده ولاتنهره.
كم تكون إنسانا رفيع المستوى عندما تسهم فى نجدة ملهوف، وتسارع فى إغاثة محتاج وتتنافس فى جبر خاطر نفس بشرية، تشفى بكلمة وتسمو بقول وتهفو بلمسة حانية، قد تكون تلك النفس البشرية زميلك فى العمل عندما تضعه على الطريق وتساعده، وقد تكون زوجتك عندما توجه لها الثناء على كل معروف تقدمه لأسرتها، وقد يكون طفلك المتلهف على إشادة وتقدير كي يرتقى ويثق فى قدراته، وقد يكون عاملا تحت إمرتك و نفوذك هو فى شوق أن يسمع كلمة طيبة تحفزه على العمل وتضاعف من انتاجه .....
فمن قطع رجاء من استرجاه قطع الله رجاءه .... فيا جابر كل كسير أجبرنا يا الله.

فوزي رمضان
كاتب صحفي مصري