[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
يأخذني العجب من بعض المثقفين العرب والسوريين على وجه التحديد، كيف أنهم مازالوا يؤيدون الإرهاب في سورية، ويصرون على تسميته بالثورة. موقف رائع من فنان سوري كبير توفى قبل مدة، حرم ابنه الفنان ايضا من الميراث بسبب موقفه السياسي المعارض .. الأب إلى جانب الرئيس الأسد، والابن هارب من سورية وهو ايضا مخرج وفنان ومثقف ومقيم إلى جانب مايسمى بالمعارضة في الخارج.
إنها مفارقة ان البعض مازال يصدق تلك المعارضات التي تشكلت تحت سقف استفادتها المادية ليس الا، وكلنا يتذكر كيف ان مبلغا مرقوما وصل الى يد احدهم لم يجر توزيعه على الجميع مما اثار مشكلة بينهم. ثم كيف لمثقف متقدم في فنه ان ينسى فضل النظام عليه منذ ان فهم الدنيا ودخل المدارس والجامعات المجانية وتم تأمين حياته كما تتطلب، وعاش في مجتمع حر ( لاافهم معنى الحرية عنده وعند اقرانه هل هي انفلات وانفلات مثلا).
مضمون القيم السياسية في اي نظام سياسي تقوم على مايقدمه هذا النظام لشعبه من تأمينات اجتماعية وانسانية بحيث يأمن الفرد على عمله وحياته وعلى شيخوخته وعلى طبابته وصحته. تلك المقومات الراسخة في سورية لااعتقد انها متوفرة حتى في الولايات المتحدة الاميركية، فلماذا التكاذب على الذات من اجل مفاهيم واهية لاعلاقة لها بالحقيقة وبالواقع.
الصراع بين الاب الفنان السوري الراحل وابنه الشاب الفنان جسد فهم الاول للتجربة الحياتية ولطبيعة العناوين وصدقها في مرحلة هي من ادق مراحل الصراع على الوطن والتي سيكون لها تأثيرها على مدى سنوات طويلة. لم يكتشف الابن بحكم غطرسة الشباب وقلة تراكم الخبرات السياسية والانسانية والتفاوت بين المجتمعات، ان الذين يديرون حزمة الارهاب في سورية ليسوا سوريين، انهم من عالم خارجها، وكل حراك يدار من الخارج انما له مآربه الخاصة التي لاتعني سورية بقدر ماتعني مصالحه والتزاماته ازاء ارتباطاته بعالم متعدد الاشكال والانتماء، فكيف ان كانت اسرائيل التي نعرف ماذا تضمر لسورية فعل مؤسس في الحرب عليها.
كثيرون اخطأوا في بداية الحرب على سورية في فهم مجرياتها، لكن اكثرهم اكتشف الحقيقة بعدما ظهرت له الوقائع على الارض، وبعدما فهم طبيعة من يقاتل الجيش العربي السوري ولأي هدف ومن هم وراءه وتحت المسميات المتنوعة، اضافة الى اولئك"المعارضة" في الخارج الذين لم يستطيعوا حتى الآن ايجاد ارضية مشتركة لهم بحكم بعثرتهم وانتماء كل منهم الى من يدفع المال والدعم والحسابات المؤجلة وتلك العاجلة.
لا اصدق اذن ان مثقفا فنانا سوريا مازال يراهن على مفسدين في الارض نتيجة موقف ذاتي غير متصالح مع الواقع، وانه لم ير بعد الخراب الذي انزله الارهاب في بلاده والتدمير الهائل الذي اوقعه، والشهداء من شتى اطياف سورية، وبالتالي مستقبل بلاده الذي يجب ان يحسم لسنين طويلة. وبالاعتقاد الراسخ، فان من الغباء بمكان ان يحاصر المثقف نفسه ضمن افكار لم تتزحزح منذ سنوات الصراع على بلاده، الأمر الذي يجعلنا نشك في ان نواياه متوفرة اصلا، وهو لايريد ان يسمع صوت العقل والحقيقة وان يعيش مع المتغيرات التي ظهرت كل يوم في سورية.
لايحتاج الموقف من الحرب على سورية الى تفكير نتيجة ماتتضمنه من وقائع واضحة ومن قوى همها تحطيم سورية بكل مقوماتها وخصوصا جيشها، ومن ثم التآمر على شعبها.