[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
ربما يناسب عنوان المقال الذي اخترناه بـ" المصائب والنهايات السعيدة" الكثير من الناس في العديد من الدول العربية إن لم يكن في غالبيتها، ويشمل طبعا ملايين المهاجرين قسرا إلى الكثير من دول العالم وفي مقدمتها الدول الأوروبية.
بدون شك يجد القارئ تناقضا صارخا في هذا العنوان وهو ما يجذب البعض، لأن تماهي المتناقضات مع بعضها قد تكون نادرة جدا، وحفزني للكتابة بهذا الاتجاه ما قاله بطل رواية "على قيد الحياة " للروائي الصيني المعروف يو هوا، ففي خضم الصراعات والحروب والمعاناة التي يعيشها الناس في ذلك البلد الذي كان يخوض حروبا قاسيا تلقي بظلالها على حياة الناس اليومية، ولأن الواقع المفروض قد طال واثقلت ساعاته وأيامه الكثير من المآسي، فيطلق بطل الرواية (فو قوي) كلمته التي تنطوي على حكمة خلقتها أزمة الذات في مجتمع متأزم، يقول: المصائب التي تدوم طويلا يجب أن تكون نهايتها سعيدة.
هنا، لا يتكلم الرجل عن احتمال أن تكون النهاية سعيدة بل يفرض هذه النهاية أكثر مما يفترضها، وبالتأكيد هذه حكمة ناجمة عن قساوة وطول معاناة، وقبل ذلك كيف واجه الموت لأكثر من مرة ولم يصدق أنه نجا من النهاية المحتومة، قد يذهب البعض إلى أن الرجل عندما تفوه بهذه الجملة التي تحمل بين كلماتها وحروفها بارقة أمل يحتاج إليها الكثير من الناس، إنما قد وصل درجة عالية من اليأس، فيريد افتراض التعويض الذي يرغب به عن حجم المآسي والمعاناة التي عاشها، وهكذا تدحرج في ايامه وشهوره وسنواته بين الأنياب والشوك والعاقول، وتنقل من حفرة إلى هاوية ومن ظلام عادي إلى ظلام دامس.
طبعا ليس هناك ما يمكن القول إنه مطلق في الحالات الغريبة وان ما يصلح هنا قد لا يتناسب والواقع هناك، وما يحصل في هذا الزمن قد يكون من المستحيل حصوله في زمن آخر، على سبيل المثال، ما حصل من وصول الإنسان إلى سطح القمر في بداية النصف الثاني من القرن العشرين مستحيل حصوله قبل ذلك بعشر سنين أو قرن وأكثر.
لكن هل يتحول الجو المعتم والقاتم إلى جو صاف ونور وضياء، نعم قد يحصل ذلك في الحياة، وإذا يدخل هذا التحول ضمن دورة الطبيعة ومتغيراتها المعروفة، فهل يحصل أن تنتهي المصائب التي يطول وقتها إلى نهايات سعيدة؟
ربما لم ننتبه لهذه القضية في حياتنا، وربما في حال اجرى الكثير من الناس مراجعات لمصائب طويلة انتهت إلى نهايات سعيدة، صحيح أننا نتذكر السعادات الطويلة التي تتحول إلى مصائب، لكننا لم نتوقف عند الجانب الآخر المعاكس تماما، لأن النفس البشرية تتوقف كثيرا عند خساراتها المؤذية أكثر من تأملها للجوانب الأخرى.