[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
هناك عشرات المعضلات التي تقف عائقا امام بناء الدولة، لكن قد نصنفها حسب خطورتها وما تتركه من تداعيات وسلبيات في بنية الدولة وبنية المجتمع.
لا نريد الخوض في عوامل بناء الدولة وكيف استطاعت العقول في دول معروفة من البناء الحقيقي في حين فشلت اخرى حتى في الشروع والبدء بخطوة واحدة، فقد كتب الكثيرون وشخصوا الكوارث التي حصلت والتي نتج عنها نكوص في مشروع بناء الدولة المدنية الحديثة، ما تسبب ببروز الدولة البوليسية التي تذهب بكل شيء صوب الضفة البعيدة المهلكة الأخرى.
اما أهم سلبيتين معرقلتين لبناء الدولة، فتقف في مقدمتها، محاولات الترميم في أسس البناء، وهذه تكون معالجات تخديرية تنحو صوب التسويف وتأجيل التحديق بجذور المشكلة والخوض في المسببات الحقيقية والتداعيات الحاصلة بعد ذلك، وتؤكد التجارب الكثيرة أن ترميم مصنع متهالك أو تم استعمال مكائن غير مناسبة للخط الإنتاجي لن ينتج عن ذلك إلا المزيد من الخسائر، كما أن هذا النوع من الترميم يتسبب بنوع من الأمل المزيف الذي يحاول اشاعته المنتفعون من هذه الخطوات، ويقبل به الكثيرون اما رغبة في الوصول إلى الإصلاح الحقيقي أو بسبب وضع الثقة بأناس ليسوا محل ثقة، ولا يعملون لخدمة الناس، وإنما جلّ ما يفكرون به مصالحهم وطموحاتهم الخاصة.
وفي حال تم التغاضي عن الخطأ الفادح في بناء الدولة، فإن ذلك سيقود عاجلا ام اجلا إلى الوضع القاتل والمدمر في المجتمع، وأن أية معالجات ترميمة وتخديرية لمثل هذه الحالات ستكرس ظاهرة الخراب دون الاقتراب من المعالجات الجوهرية.
السلبية الخطيرة الثانية، عندما يقبل الناس بنوع من الرفاهية السطحية التي تدغدغ الرغبات الآنية، وتبعد عن الكثيرين خطورة اهمال الجوانب التنموية الأساسية التي يكمل بعضها الآخر ضمن سلسلة البناء الحقيقي، وقد يستغل المسؤولون هذه الثغرة الخطيرة فيستمر العمل على دغدغة المشاعر والتلويح بخطورة غيابها، وفي حال سيطرت المشاعر الآنية وغابت الرؤية العميقة لتداعيات كل فعل في المستقبل، فإن كوارث ستحل في عمق المجتمع، ولن يدرك خطورة ذلك إلا عندما تستفحل أو تحصل كوارث طبيعية أو أزمات في المنطقة أو في العالم أو يصل الخراب في البلد اقصى درجاته.
لم تتوقف الدول عند العوامل الثانوية في بناء الدولة إلا بعد أن تأكد القائمون على الأمر من توفر العوامل الرئيسية التي لا تسمح بثغرات كارثية مستقبلا، بعد ذلك تأتي العوامل الاخرى المطلوبة في البناء والتنمية، وفي حال شرعوا في العوامل الثانوية على أمل الوصول إلى الجوهري منها، فإن العملية ستبقى تدور في المحيط التخديري والترقيعي، ويتعايش الكثيرون مع الأخطاء ويقبلون الكثير من الخطايا.
عندما يكون منهج القائمين على الحكم سليما ليس من وجهة نظرهم وإنما يكون سليما وفق القياسات والمعايير المعروفة في الحكم، فإن خطوات البناء قد تكون سليمة ورصينة، وفي حال قبل الجميع بالأخطاء الصغيرة واعتقدوا أن العلاجات ستأتي لاحقا، ستحل الكارثة الحقيقية ولن تجدي الحلول بعد ذلك.