[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
لم يتحمل بعض لبنان ما سمي دائما بالثلاثية الذهبية وهي الجيش والشعب والمقاومة حتى أضاف الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله واحدة من أثقل ما لا يتحمله هذا البعض وهو الجيش العربي السوري، فصار هنالك معادلة رباعية دخلت إلى القاموس الجديد.
هي مادة حوار مستجدة لمجتمع سياسي لبناني عنوانه الكيدية تجاه هكذا تسميات .. يوم خاض الجيش اللبناني وما زال حربا لا هوادة فيها ضد مقاتلي "داعش" في الجرود، تصرف هذا البعض اللبناني على أساس أن لا أحد في المقلب الآخر (الجيش العربي السوري وحزب الله) يخوض حربا ضد العدو ذاته .. حتى وصل الأمر بنائب لبناني إلى القول، هنالك في لبنان إذا قيل لهم من أخصامهم إن اللبن أبيض فلسوف يقولون إنه أسود.
هذا الكره ليس شغل سياسة، ففي السياسة يظل منفذا ولو بحجم ثقب إبرة نحو الطرف الآخر، فالعناوين في منطقتنا تتبدل وتتغير، وأحيانا بتسارع، وما يراهن عليه اليوم يتم سحبه من التداول غدا والعكس هو الصحيح. لكن السياسة في لبنان ليست من النوع المرن أو من فكرة "خذ واعطي"، بقدر ما هي تكسير نفوذ وتحطيم آخر.
كان العثماني يدير لبنانيين، ثم جاء الفرنسي فالتحق به من التحق، في وقت برز البريطاني كشريك أيضا، إلا أن الأميركي قفز بسرعة ليمحو نفوذ الدولتين، ثم جاء عصر عبدالناصر فكان صراعا دمويا في بعضه، ثم جاءت المقاومة الفلسطينية فأوجدت جدارا بين اللبنانيين انتهى إلى سقوطه وتدميره بعد حرب طاحنة بين اللبنانيين، كانت فيه سوريا لاعبة أساسية تحولت إلى مرجعية للجميع بدون استثناء .. واليوم منقسم المجتمع اللبناني بعدما كادت تتلبسه حرب مذهبية لولا لطف بعض الداخل لكان الدم الآن شلالا في لبنان.
لا يريد البعض اللبناني إذن عبارة الجيش والشعب والمقاومة، يريدها فقط الجيش والشعب، فيصبح لدينا بالتالي خطان مستقيمان لن يلتقيا أبدا، بل بهما يتعمقان، حتى وصل الأمر بالمحطة التلفزيونية التابعة لتيار "المستقبل" أن تنسى تماما بل أن لا تذكر إطلاقا أن ثمة حربا أخرى يخوضها الجيش العربي السوري وحزب الله على المقلب الآخر من الجرود إلى جانب الجيش اللبناني البطل في القسم اللبناني.
إنها كوميدية حزينة لمجتمع يريد كل طرف فيه أن يلغي الآخر بكل مكوناته، ويسمون تلك البغضاء ديمقراطية، بينما يصر رئيس الوزراء السابق وأبرز كبار لبنان سليم الحص على أن هنالك في لبنان حرية وليس هنالك ديمقراطية مع أنها برأي تشرشل أسوأ الحلول الجيدة.
إذا اعترفنا أن الجغرافيا هي التي تحكم الدول، فإن لبنان محكوم بحدود طويلة للغاية مع سوريا تنبئ دائما أنه كان جزءا منها، وهو كذلك، فيما هنالك أيضا إسرائيل، كان رئيس وزراء سابق هو تقي الدين الصلح يقول لا خيار للبنانيين سوى سوريا في هذه الحالة. ومهما ظن البعض أنهم قد يفلتون من نظام الرئيس بشار الأسد، فإن أي نظام آخر قد "يحكم" سوريا ستكون النتيجة واحدة، وهو أن هنالك شعبا واحدا في دولتين كما كان يقول الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد.
سوف تتحول المعادلة الرباعية إلى ثابتة في السياسة المقبلة وفي الاستعمالات الإعلامية وفي القرارات أيضا، وفي مجتمع رفض بعضه الثلاثية الذهبية طلبا للإغماء بدلا من سماع تردادها، فكيف عليه تقبل ما هو الأثقل على روحهم؟!