القاهرة ـ العمانية:
يعدّ أبو حنيفة النعمان أحد أكبر أئمة الفقه الإسلامي، وقد ذاع صيته، وفاقت شهرته الآفاق، لا سيما بعدما شكّل تلامذته من بعده، كأبي يوسف القاضي، ومحمد ابن الحسن الشيباني، المدرسة الفقهية التابعة له، والتي شملت جوانب الحياة المختلفة. وقد صدرت عن دار السلام للطبع والنشر بالقاهرة طبعة جديدة من كتاب "مكانة الإمام أبي حنيفة في الحديث" الذي حققه عبد الفتاح أبو غدة لمحمد عبد الرشيد النعماني، شيخ الحديث وعلومه سابقاً في جامعة العلوم الإسلامية في مدينة كراتشي بباكستان.ويقول المؤلف: إن كتابه هذا مقصور على بيان مكانة الإمام أبي حنيفة في الحديث خاصة، مشيراً إلى أن هذا العصر شهد تقوُّل بعضهم على الأئمة بما هم براء منه، واستصغار شأنهم، ومنهم من خصّ الإمام أبا حنيفة بالطعن الشديد عليه والوقيعة فيه بما برأه الله منه.ويجمع في هذا الكتاب ثناء العلماء القدامى والمتأخرين على الإمام أبي حنيفة، من ناحية مكانته الرفيعة في علم الحديث والسنة خاصة، ويوضح ما له من المنزلة السامية في ذلك.ويؤكد أن فضائل هذا الإمام ومناقبه كثيرة لا يحصيها العد، مشيراً إلى أن عدداً كبيراً من المتقدمين والمتأخرين ذكروا كثيراً منها في أجزاء مفردة وكتب مستقلة، وضمن كتب التواريخ والتراجم. ويبين أن أبا حنيفة كان أحد أئمة الدنيا فقها وعلما وورعا وحفظا وضبطا، ويقول: إنه كان ممن عني بعلم الكتاب والسنة وسعى في طلب الحديث ورحل فيه، وكثرت عنايته بالسنن وجمعه لها، وذبه عن حريمها، وقمعه من خالفها أو رام مباينتها، مؤثراً لسنة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على غيرها، وهو أول من عرج على الأقوياء من الثقات، وترك الضعفاء في الروايات، لزم الحديث والفقه، وواظب على الورع والعبادة، حتى صار علماً يرجع إليه في الأمصار وملجأ يقتدى به في الأقطار. ويتحدث المؤلف عن أحوال أبي حنيفة في العلم والحفظ والصيانة والاتقان، والاجتهاد في تحصيل العلم والفقه ونشرهما، والصبر على ترك مناصب السلطان، وبذل النفس وإشاعة العلم والعبادة والكرم. ويوضح أن الإجماع قد انعقد على إمامة أبي حنيفة وعلو مرتبته، وكمال فضيلته، وأقاويل السلف كثيرة مشهورة في الثناء عليه في ورعه وزهده وعبادته، وإنكاره ولاية القضاء، ووفور علمه وكثرة حديثه، وبراعته في الفقه واتباعه السنة.