[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/suodalharthy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سعود بن علي الحارثي[/author]
” تغص مستشفيات بانكوك الكبيرة والمعروفة بالعمانيين والخليجيين من مختلف الأعمار والمشارب والمستويات ... وزير، مسئول، قاض، شيخ قبيلة، كاتب، مواطن بسيط غامر بمستقبله فأخذ قرضا من البنك في مقابل أمل بعلاج نافع يعيد له صحته أو صحة زوجته أو ابنه أو أمه ... وجدت هنا أما ترافق ابنها منذ عدة أشهر تكبدت ألم الغربة والفقد والخوف واستنزاف أموال يجمعها زوجها من القروض والاعانات وبيع مقتنيات من هنا وهناك ولاتزال تعيش على الأمل.”

تستقطب أرض الابتسامة الساحرة والروح الآسرة والانحناءة العفوية المعبرة عن الأخلاق الرفيعة واحترام شعبها العالي للسائح والزائر، - تستقطب - بلاد الجزر الاخاذة والجمال المتنوع والطبيعة الخلابة آلاف الأسر من عمان ودول الخليج العربي شهريا، فلا نكاد نودع في كل أسبوع عددا من الأقارب والمعارف والاصدقاء والجيران المتوجهين إلى تايلند للعلاج أو الاستجمام والسياحة والتنزه وزيارة أقارب لهم فارقوا الوطن منذ أشهر طويلة أملا في الشفاء وطلبا للعافية في مستشفيات بانكوك الفخمة - التي يحكي عنها الكثيرون قصصا ومواقف عن نجاح التشخيص والعلاج - إلا ونستقبل آخرين قفلوا راجعين وفي جعبتهم الكثير من عبارات التغزل والإعجاب والتعبير عن مشاعر الارتباط بهذا البلد الشرق آسيوي بتقدمه ونموه المتواصلين، وبنجاح مستشفياته وكفاءة أطبائه، بازدهاره وقدرته على تقديم جملة من المقومات والمحفزات والخدمات السياحية المتكاملة التي تجذب السائح إلى تايلند .. العلاج والتسوق والاكتشاف والطبيعة والاستجمام ...الخ . وبرغم الزيارات المتكررة إلى تايلند إلا أنني أجد فيها دائما الجديد الذي يشجعني على مواصلة الكتابة عن هذا البلد الجميل، والذي اكتشفه إما مصادفة ضمن تحركاتنا السياحية أو نتيجة لمعلومة جاءت في سياق حديث سائق سيارة الأجرة او موظف المكتب السياحي او حصلت عليه من الشبكة العنكبوتية التي تزخر بكم هائل من المعلومات، فتايلند بحق هي بلد العجائب والمتناقضات والحياة الصاخبة النشطة التي تقدم الكثير من المفاجآت والتساؤلات والملاحظات المهمة للسائح التي تستحق أن ترصد وتوثق. في تجوالي لأحد المجمعات التجارية الفخمة والجميلة (سنترا امباسي)، القريب من فندق (سنتر بوينت بلوينشت) الذي أقمت فيه، - وما أكثر الاسواق الشعبية والمراكز التجارية الحديثة النشطة التي تنتشر بكثافة في بانكوك وتغص بالباعة والمتسوقين - فوجئت بمجرد ما بلغت الطابق السادس والأخير من المجمع بلوحة فنية تشرح النفس وتبهج القلب وتعبر عن مدى اهتمام الشعوب والحكومات في عالم اليوم بالعلم والمعرفة والثقافة والحرص على تبني وتشجيع المواهب، إنها بحق من اجمل واروع ما شاهدته في أسفاري المتعددة فقد تم تحويل الطابق بكامله إلى مكتبة تعرض شتى صنوف العلم والمعرفة تتوزع بين زواياها وجنباتها مقاهي ومطاعم عالمية صممت بأشكال جمالية تتوافق مع أهداف المشروع الثقافي وغاياته، جلسات علوية وسفلية، قاعات تتناثر بين زوايا المكان، ورش تدريب وتأهيل لاحتضان المبدعين، قاعات عرض الأفلام السينمائية العالمية، أجهزة كمبيوتر وطاولات وكراسي وكنبات بأشكال وألوان وأنواع متعددة للصغار والكبار خصصت للقراءة الحرة والبحث والمطالعة والحوار والكتابة، آلاف الكتب والدراسات والأبحاث تمتد من الأسفل الى السقف، التناسق والعناصر الجمالية والتنوع في الألوان وتصميم الديكور جميعها تركز على التشجيع على القراءة والمطالعة وجذب عشاق الكتاب والمثقفين والباحثين الى المكان. وبرغم من قصر الوقت على افتتاح المشروع الذي لم يتجاوز الثلاثة اشهر الا ان الإقبال عليه كبيرا خاصة في الاجازات الأسبوعية .. (البيت المفتوح) ساحة ثقافية تم تنسيقها ضمن مشروع تجاري لخدمة عشاق القراءة وأصدقاء الكتاب والباحثين عن المعرفة، وقد تم تصميم المكان من قبل شركة (كلاين ديثام) المعمارية التي تتخذ من طوكيو مقرا لها، وهي ذاتها الشركة التي صممت مقري (جوجل ويوتيوب) في طوكيو . إنها بحق تجربة فريدة من نوعها، جعلت من "أوبين هاوس" مكانا جماعيا يلتقي فيه الباحثون والمثقفون والكتاب والمبدعون وطلاب الفنون المتعددة مع عشاق الطعام، وهواة متابعة الافلام السينمائية والمحترفين في هذا الفضاء العلمي الواسع، وينضم اليهم اشخاص من مختلف التوجهات والشرائح لخوض تجربة الحوار والاكتشاف والاصغاء والمزيد من الفائدة والتعرف وتعميق العلاقات مع اطراف هذا الفضاء العلمي الفريد. صمم البيت المفتوح ليكون متعدد الأغراض، ويمزج أنماط الحياة العامة بسلاسة مع (احتياجات محددة)، وليس في هذه الحياة من متعة أجمل وأكثر شعورا بالسعادة من تذوق الأطباق ونكهات الطعام وارتشاف العصائر الطازجة والقهوة والتلذذ بأنواع شهية من الحلوى مع الاستمتاع في الوقت ذاته بتصفح صفحات الكتاب المفضل، في مكان يعد بحق مصدرا للإلهام مع مجموعة لا نهاية لها من الكتب التي تشكل واحة غناء تم تشكيلها مع مجموعة المطاعم والمقاهي الراقية والحديثة وجلسات صممت بشكل تبعث على الراحة والسعادة وتدعو إلى استثمار كل دقيقة في المزيد من المطالعة والاكتشاف والمتعة، ففكرة رائعة أن يأخذ الشخص استراحة من العمل لمطالعة كتاب ومشاهدة فيلم وتأمل لوحة فنية ومتابعة ريشة تبدع جمالا وتذوق طبق طعام شهي وخوض تجربة حوار ثقافي مثر . فموقع المجمع التجاري بقرب أرقى الأسواق والفنادق والمؤسسات الرسمية والمعالم السياحية يعطي المكان تميزا وفرادة والقا وجمالا . ولدت الفكرة بعد إعلان إدارة المجمع التجاري عن رغبتها في تنفيذ مشروع متميز وحديث لم تعرفه المدن والمراكز التجارية من قبل من حيث فرادته وذلك لاستغلال واستثمار الطابق السادس منه .. فاتقدت الفكرة في رأس رجل الأعمال التايلندي (shane suvikapakornkul)، الذي عرضها بدوره على الشركة اليابانية التي صممت هذا المشروع الذي يعتبر الوحيد من نوعه على مستوى العالم .
تغص مستشفيات بانكوك الكبيرة والمعروفة بالعمانيين والخليجيين من مختلف الأعمار والمشارب والمستويات ... وزير، مسئول، قاض، شيخ قبيلة، كاتب، مواطن بسيط غامر بمستقبله فأخذ قرضا من البنك في مقابل أمل بعلاج نافع يعيد له صحته أو صحة زوجته أو ابنه أو أمه ... وجدت هنا أما ترافق ابنها منذ عدة أشهر تكبدت ألم الغربة والفقد والخوف واستنزاف أموال يجمعها زوجها من القروض والاعانات وبيع مقتنيات من هنا وهناك ولاتزال تعيش على الأمل . مريض آخر اكتشف الأطباء أن تشخيص مرضه وعلاجه الذي استمر لأكثر من عام في مستشفيات الوطن كان خاطئا وها هو الآن يجني حصيلة الأخطاء المتتابعة فمن سيواسيه ويساعده ويقف بجانبه ومن سيتحمل نتيجتها إلاه وأسرته ؟ رأيت المرارة والألم والحزن في ملامح آخرين اكتشفوا أنهم يحملون أمراضا لا علاج لها إلا الصبر وانتظار قضاء الله عز وجل . وفئة أخرى تطابقت التشخيصات والوصفات مع ما قاله الأطباء في عمان ... قصص ومواقف وعبر ودروس . هموم وأحزان وآلام . بشارات وآمال وسعادة . تناقضات أقرأها في وجوه وملامح أبناء وطني الذين يلهثون بين العيادات والطوابق والممرات خلف الأطباء والمترجمين والممرضات . عند الصيدليات والمختبرات ومكاتب التحصيل يدفعون بعين راضية املا في تخلص من مرض والم طالما أطال ليلهم واقض مضجعهم وأوحش حياتهم . ومع كل هذه المواقف والصور والأعداد المتصاعدة من المراجعين لمستشفيات تايلند كنت أتساءل إلى متى سيتواصل هذا الاستنزاف المالي ؟ وهذه الأزمات التي يعيشها المواطن في سبيل الصحة؟ ألم يحن الأوان لنستثمر في القطاع الصحي بما يحفظ لاقتصادنا عملته الوطنية ولأبناء الوطن مكانتهم وصحتهم؟
شوارع بانكوك تعاني من الاختناق الحاد فحركة السيارات بطيئة جدا وبضعة كيلو مترات تتطلب أحيانا أكثر من ساعة في وسط المدينة برغم تعدد وسائل النقل العام بين باصات وقطارات وسيارات وجسور واسعة تربط بين الشوارع الرئيسية والفرعية السريعة والعادية، وتربط كذلك بين الاسواق والمجمعات التجارية والفنادق الفخمة ومكاتب الشركات الكبيرة المتوزعة بين شطري مركز المدينة التجاري، وتخدم الناس الذين يعبرون من خلالها الى المواقع التي يقصدونها باستخدام السلالم العادية أو الكهربائية التي تتعدد طبقاتها ومستوياتها .
الأسعار في شارع العرب (نانا) خاصة الفواكه المحلية ترتفع بشكل جنوني حيث يتم استغلال السياح الخليجيين واستثمار تواجدهم في المنطقة وامتصاص ما تحمله جيوبهم وأودعوه في حساباتهم بأشكال وصور وممارسات متعددة . فقيمة كيلو المانجو ستصل إلى 100 بات فيما لا يتجاوز السعر ال 20 بات في سوق الفواكه الشعبي . ولا أدري كيف يسمح أبناء جلدتنا ويقبلون باستغلالهم بهذا الشكل السافر ويمضون قدما على الشراء من سماسرة وتجار وباعة بأسعار مضاعفة دون تفكير وتمعن ؟ وفي بلدانهم فقراء ومحتاجون في أشد الحاجة إلى العون والمساعدة ؟ .
توقعت وزارة السياحة والرياضة التايلاندية أن تصل عائدات السياحة خلال العام الجاري 2017م إلى ( 71ر2 تريليون بات وبأن ترتفع نسبة السياح الصينيين إلى 8ر9) . ونقلت صحيفة بانكوك بوست عن الوزارة القول إنها تتوقع أن يصل عدد السياح الأجانب في تايلاند إلى (35 مليون سائح هذا العام مقارنة بـ 5ر32 مليون سائح في عام 2016م . وقال وزير السياحة التايلندي (بأن التوسع في المطارات الرئيسية وتحسين شبكات النقل البرية سوف يفيد القطاع السياحي) . أسباب ومحفزات كثيرة تدفع افواج السياح لزيارة تايلند لأكثر من مرة . منها أن أسعار الخدمات السياحية والفنادق بما في ذلك الفئات الممتازة متواضعة مقارنة بالدول الأخرى بما في ذلك السلطنة وهو ما يدعونا إلى الاستغراب والتساؤل عن أسباب غلاء أسعار الفنادق في السلطنة التي تسعى إلى تطوير القطاع السياحي والاعتماد عليه في تحقيق سياسات التنوع ورفع مساهمته في الناتج المحلي ؟ . ثانيا التنوع في الخيارات والتكامل في تحقيق رغبات السائح الذي بإمكانه أن يجري فحصا صحيا شاملا وان يطمئن على سلامة جسده وان يشخص علته في عشرات المستشفيات الكبيرة التي تشكل في مجملها سياحة علاجية متكاملة . وأن يحقق رغباته في الاستجمام والاستمتاع في واحدة أو أكثر من عشرات الجزر والمنتجعات والمواقع السياحية المنتشرة في جنوب وشمال البلاد . وأن ينوع خياراته ويوزع أيامه بين التسوق في أسواق شعبية ونهرية ومجمعات تجارية حديثة والراحة والتطواف في الأنهار والبحار والشواطئ والغابات والشلالات التي استثمرت أفضل استثمار من قبل شركات ومكاتب السياحة وتقديم حزم من الخيارات الترفيهية والرحلات والرياضات المائية وتذوق الطعام التايلندي في أجمل المواقع الخلابة والمطاعم الفخمة . هذا فضلا عن المتاحف والمعابد والمعالم التاريخية والحدائق بمختلف أنواعها والملاهي والالعاب وغيرها الكثير .