[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/haithamalaidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]هيثم العايدي[/author]

” .. إضافة إلى ما تزخر به أفغانستان من تنظيمات إرهابية فإنها أيضا عامرة بالعديد من الثروات الطبيعية ومعادن قدرت مجلة "فورين بوليسي" قيمتها بمئات مليارات الدولارات وذلك في تقرير كشفت فيه عن اجتماعات متفرقة عقدها ترامب مع شركات تنقيب في الوقت الذي أبدت فيه شركات صينية اهتماما بالاستثمار في مجال الرخام مع الدخول في مشاريع بنية أساسية أبرزها خطوط السكك الحديد.”

لا يمكن قراءة الإعلان الأميركي عن انغماس جديد في افغانستان والذي كشفه الرئيس دونالد ترامب خلال الإعلان عن الاستراتيجية الأميركية الجديدة لأفغانستان وجنوب اسيا بمعزل عن النهج الأميركي في التعامل مع اسيا والقاضي بالتواجد في هذه المنطقة لاحتواء أكبر قوة عالمية صاعدة هناك والمتمثلة بالصين مع طريق مواز يقضي بالدخول في شراكات مع هذه القوة.
فالاستراتيجية التي أعلنها ترامب مساء الاثنين الماضي تقوم على أن الانسحاب السريع من أفغانستان سيفتح المجال أمام المجموعات الإرهابية مثل داعش والقاعدة لملء الفراغ وتشكيل ما تراه واشنطن تهديدا على أمنها خاصة.
كما شدد ترامب على أن هذا التهديد جعل الاستراتيجية الأميركية تركز على عدم تكرار الخطأ الذي ارتكبته الإدارة السابقة بالانسحاب السريع من العراق.
وأوضح الرئيس الأميركي أن استراتيجيته في أفغانستان تهدف إلى تحقيق نتيجة دائمة، مشيرا إلى أنه يتفهم شعور الشعب الأميركي بالإحباط.
ودون الاعلان عن عدد القوات أو الخطط المستقبلية قال ترامب إن الاستراتيجية الجديدة ستنتقل من مقاربة تعتمد على الزمن إلى مقاربة تعتمد على الظروف، مشيرا إلى أنه لن يكشف عن خطط أميركا لأعدائها لكنه ألمح إلى اعتزام أميركا رفع القيود التي كانت مفروضة في السابق لاتخاذ قرار شن حروب سريعة مع توسيع سلطة القوات المسلحة في استهداف الشبكات الإرهابية.
كما كشفت واشنطن ايضا عن مقاربة جديدة في التعامل مع الوضع الأفغاني تتمثل في امكانية التنسيق مع غريم الأمس المتمثل في حركة طالبان لمواجهة غريم جديد متمثل في تنظيم داعش وذلك مع تمكن الحركة من الاستمرار كرقم مهم في المعادلة الأفغانية ما دفع العديد من الأطراف إلى دعوتها على موائد التفاوض.
وإذا كان مواجهة الإرهاب هو السبب الرئيسي المعلن للإصرار الأميركي على استمرار التواجد في أفغانستان خاصة وأن الرئيس الأميركي أشار في خطابه إلى وجود 20 منظمة إرهابية هناك إلا أن هذه المنظمات ليست على ما يبدو هي السبب الرئيسي للانغماس الأميركي في الوضع الأفغاني .
فإضافة إلى ما تزخر به أفغانستان من تنظيمات إرهابية فإنها أيضا عامرة بالعديد من الثروات الطبيعية ومعادن قدرت مجلة "فورين بوليسي" قيمتها بمئات مليارات الدولارات وذلك في تقرير كشفت فيه عن اجتماعات متفرقة عقدها ترامب مع شركات تنقيب في الوقت الذي أبدت فيه شركات صينية اهتماما بالاستثمار في مجال الرخام مع الدخول في مشاريع بنية أساسية أبرزها خطوط السكك الحديد.
كما أن الموقع الجغرافي لأفغانستان يجعلها متاخمة لأكبر تحول اقتصادي عالمي منتظر خلال الفترة القادمة وذلك مع اعتزام الصين احياء طريق الحرير التجاري والذي يتضمن ممر الصين ـ باكستان الممتد من جنوب غربي الصين الى باكستان حيث أن الأخيرة كان لها نصيب من انتقادات الرئيس الأميركي خلال إعلانه استراتيجيته بشأن أفغانستان محذرا إياها من تقديم ملاذ آمن للمتشددين على حد تعبيره.
فعلى الرغم من عدم تحقيق التواجد الأميركي الصريح في أفغانستان لاي من أهدافه المعلنة وذلك بعد 16 عاما من هذا التواجد إلا أن موقع أفغانستان وثرواتها يدفع أميركا غلى مزيد من الانغماس للاقتراب من التفاعلات الاقتصادية التي تقودهها الصين في القارة الاسيوية ومحاولة احتواء هذه التفاعلات.