أم عاصم الدهمانية
■ رأيته وهو يسكب لألآته في دواة الوجود، سألته: ما الذي تفعله يا أيها الحبيب؟! قال: تمضي من الأيام أعدادٌ أعتِّقها بأنفاس المستغفرين، فثار الشوق في روحي بعد اشتياق.
أيها القادم على صهوة السماء: ما الذي تنثره في الوجود؟ قال: إنني أملأ روحي من حرّةِ القلوب المشوقة إلى الله، أستعير عبراتهم في نجوى ليلي لأنثر هذه الفضية البديعة في هلالي، إنني وأنا أقبل أمثّل ركوع الجذوع، وقد طوّقها الشوق إلى الله فغيّبت دنياها في لحظات الوصال.
يا أيها الحبيب: إنني أحرقت أعواد صبري وأنا أرقبُ السماء لأراك ضيفاً تُسر بأسرار نورك، أحبك يا رمضان، بسطتُ روحي لك شوقاً وتحرّقاً، إنني لأنظر موعد قدومك بأعينٍ قرّحها الدمع.
أحبك يا شهر الخير، خذني حيث سمائك تلفعت بثوبٍ تلبية وهي تردد آمين لكلِّ الدعوات التي تعرج غليها، والأجواء مفعمة بالتسبيح والذكر والقرآن، ونفحات الاستغفار تبعث نسيماً رطيباً على القلوب المذبحة، أقبل فقد سابقتُ المستقبلين، وصلني خطابك فأتلف بقايا صبري، فكيف أترجم شوقي إليك، قل لليلك أن يطول، فلي تسابيح أخر، وقلبي في نهر دمعي قد عبر.
أتلو السور
وأعود بالنور المجلّى كالدرر
إني أتوق لخالقي
ويطيب مأواي السّمر
في عزلة الدنيا خلودي والمقر
أهوى السفر
في عالم الأرواح كم تحلو السور
أضف لروحيَ روعةً
فيها الربيع المزدهر
سكن الوجود لشوقه
وأويت شوقي والمقر
من مذقةٍ طاب اللقاء
أو تمرةٍ تزكى الأثر
أحببته.. فطر الوجود هداية
فلزمت باب تذللي..
يا ربِّ إني من صبر
والصبر سبر وسور
والصبر سر وعبر
سأظل أشدو حرقتي
شوقاً إليكم (لا يُسرُّ) ■