مسقط ـ العمانية:
تحتفل السلطنة غدا الجمعة مع سائر الدول الإسلامية والمسلمين في جميع بقاع العالم بأول أيام عيد الأضحى المبارك وسط المحافظة على التقاليد والعادات العمانية الأصيلة المتوارثة والتي انطلقت منذ دخول الأيام العشر الأولى من ذي الحجة.
وقد استهل العمانيون احتفالاتهم باستقبال عيد الأضحى المبارك بإقامة هبطات العيد في عدد كثير من ولايات السلطنة وهي أسواق تقليدية تقام بهذه المناسبة على مساحات مفتوحة من الأراضي أو تحت ظلال أشجار النخيل والمانجو والغاف أو بالقرب من القلاع والحصون او تحت مظلات الأسواق العامة وتستمر حتى التاسع من ذي الحجة وتشهد إقبالا كبيرا من المواطنين والمقيمين والسياح.
وتعتبر هبطات العيد التي تأخذ عمليات بيع وشراء الأضاحي حيزا كبيرا من مساحاتها وفعالياتها إرثا حافظت عليه الأجيال المتعاقبة ومن التقاليد العمانية العريقة التي يسبق إقامتها الاحتفاء بالعيد وتحقق عوائد اجتماعية واقتصادية ويحرص كثير من العمانيين على التوافد إليها مع أطفالهم استعدادا للعيد وللتزود من احتياجاتهم من متطلباته إضافة إلى مشاهدة عروض الخيل والهجن التي تقام في بعض الولايات خلالها، ويتنقل الكثيرون منهم من هبطة إلى أخرى في الولايات القريبة للبحث في أسواقها عن الأفضل خاصة من اللحوم الحية أو الاستمتاع بالأجواء المصاحبة للهبطات ومنها (المناداة) وهي عملية بيع الأغنام والأبقار والإبل في مزاد علني ورغم أن الكثير من ولايات السلطنة أيامها محددة لبدء الهبطات فيها إلا أن بعضها يستمر يومين متتاليين خاصة تلك التي تشهد عادة ازدحاما وكثافة لمرتاديها وتوسطها لولايات وقرى قريبة.
يقول سعادة الشيخ عوض بن عبدالله المنذري والي جعلان بني بوحسن بمحافظة جنوب الشرقية الذي أقيم تحت رعايته يوم السابع من ذي الحجة الجاري سباق ركض العرضة للهجن والخيل إن هذه الفعالية تأتي امتدادا لفعاليات أخرى تشهدها عدد كبير من ولايات السلطنة خلال الأيام العشر الأولى من ذي الحجة من كل عام استعدادا لعيد الأضحى المبارك حيث شهدت ولاية جعلان بني بوحسن إقامة عروض تقليدية وشعبية لرياضات الخيل والهجن ويعد يوما تراثيا لأهالي الولاية.
واضاف أن أهالي الولاية كغيرهم من ابناء السلطنة يحرصون على المحافظة على التقاليد العمانية الاصيلة واقامة العديد من الفعاليات والانشطة التي يتوافد اليها جمع كبير من المواطنين والمقيمين وزوار السلطنة ومحبي رياضات الهجن والخيل، مشيرا الى ان هبطات العيد تعد تجمعا شعبيا في أسواق تقليدية تشهد اقبالا مستمرا وترسيخا لعادات اصيلة حافظت عليها الاجيال وهي مناسبة مهمة تسهل للناس شراء احتياجاتهم من أضاحي العيد والاحتياجات الاخرى خاصة ما يفرح الاطفال بهذه المناسبة وكذلك مستلزمات شي اللحم والوجبات العمانية التقليدية التي تواكب الاحتفال بالعيد المبارك.
وتستمر عدة ايام.
وتتميز هبطات العيد باعتبارها فرصة مواتية خاصة لمربي الاغنام والماعز العمانيين يحرصون على بيع أفضل السلالات العمانية بأسعار جيدة، كما يحرص العديد من المواطنين على شراء صغار المواشي والمعروفة باسم (المواليد) لاستخدامها في الوجبة العمانية التقليدية والمعروفة بـ (العرسية) وهي وجبة تؤكل عادة قبل الذهاب إلى مصليات العيد وتتكون من الأرز واللحم ويضاف إليها السمن البلدي، كما يتوفر في تلك الهبطات السمن البلدي العماني والعسل واوراق الموز التي تستخدم في لف (لحم الشواء) قبل وضعها في (التنور) و(خصفة الشواء) المصنوعة من سعف النخيل التي يوضع فيها اللحم للشواء و(عيدان المشاكيك) المصنوعة من جريد النخيل إلى جانب الحطب إضافة إلى الحلوى العمانية الأكثر شهرة في موائد العيد والتوابل والمكسرات.
كما تشهد العديد من الهبطات بيع الأسلحة التقليدية الخفيفة التي يتزين بها الذكور بمختلف أعمارهم مثل البنادق والخناجر والعصي والأحزمة التقليدية والسيوف والملابس العمانية مثل العمامة والكمة.
وفي بعض محافظات السلطنة تقسم أيام العيد التي عادة تستمر اربعة ايام الى ايام مخصصة لطهو اللحوم بطريقة محددة منها لحم الشواء ولحم المشاكيك وعرسية اللحم واللحوم المقلية، حيث لكل طريقة مستلزماتها وبهاراتها وطريقة اعدادها باستخدام وسائل تقليدية يشمل بعضها دفن اللحم لساعات طويلة في حفرة مخصصة لذلك ( التنور)، واستخدام منتجات النخيل واوراق الموز، اضافة الى طبخ اللحم على الحجر.
كما يحرص العمانيون على الالتقاء في المجالس العامة لتبادل التهاني، وزيارة الارحام والأقارب واقامة الفنون التقليدية في بعض الولايات، والمحافظة على ارتداء الملابس العمانية التقليدية، وتعتبر الحلوى العمانية جزءا مهما وأساسيا من واجبات الضيافة العُمانية سيما في الأعياد والمناسبات لما تمتاز به من جودة ومذاق شهي، وتزدحم محلات بيعها بالمواطنين والمقيمين لشراء أنواع الحلوى المختلفة قبل قدوم أول أيام العيد.
ويستخدم في صناعة الحلوى العمانية حسب المواصفات القياسية الرسمية السمن الطبيعي والسكر ونشأ القمح والزعفران الطبيعي بمقادير محددة ويجب ان تكون خالية من المواد الصناعية الملونة حيث تعتبر الحلوى العمانية منتجا تقليديا يتوارث عبر الأجيال وينبغي الحفاظ على ميزاتها وخصائصها دون تغيير.
وتبقى أيام العيد المباركة اياما طيبة في السلطنة يحتفى بها في اجواء من الخصوصية العمانية التقليدية، ويفسح فيها المجال للطفولة بأخذ حقها من الفرحة والبهجة والسرور حيث يرتدي الاولاد ازهى ملابسهم العمانية التي تشمل الدشداشة والمصر والكمة والخنجر والمحزم والعصا والسيف والشال كل حسب اختياره، كما ترتدي البنات ملابسهن وحليهن الزاهية حسب الملابس والحلي التقليدية لمناطقهن، كما تشهد بعض ولايات السلطنة اقامة التهلولة للاطفال وهي عبارة عن مسير للأطفال في الاحياء السكنية يرددون خلاله العبارات الايمانية المهللة والمكبرة لله عز وجل بمناسبة هذه الايام المباركة.