بغداد ـ وكالات: امر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي تخوض بلاده معارك ضارية ضد تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام امس الخميس نقل الضباط المحالين الى دائرة المحاربين الى الوحدات العسكرية. واوضح بيان صادر عن المالكي قوله "ينقل الضباط من رتبة عميد فما دون، من امرة مديرية المحاربين، الى الوحدات بحسب صنوفهم واختصاصاتهم، على ان يتم تقييم ادائهم لمدة ثلاثة اشهر من قبل امريهم". وتضم مديرية المحاربين الضباط القدامى الذين لا يتولون مهاما قتالية في الجيش. واضاف "يحال من يثبت عدم كفاءته الى التقاعد على ان تتولى وزارتا الدفاع والداخلية تنفيذ القرار". وتنفذ قوات عراقية الى جانب البشمركة عمليات ضد مسلحين اغلبهم من تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" فرضوا سيطرتهم خلال الايام الماضية على مناطق متفرقة من شمال العراق ابرزها مدينتا الموصل (350 كلم شمال بغداد) وتكريت (160 كلم شمال بغداد). على صعيد اخر اكدت واشنطن امس ان امكانية مساعدة القوات العراقية في معاركها مع المسلحين لا تهدف إلى مساندة رئيس الوزراء نوري المالكي، في وقت تواصلت الاشتباكات في قضاء تلعفر الشمالي بينما سيطرت القوات الحكومية على مصفاة بيجي. وقال وزير الخارجية الاميركي جون كيري في مقابلة مع شبكة "ان بي سي" بثت الخميس ان "الامر لا يتعلق بالمالكي... اريد ان اوضح ان ما تقوم به الولايات المتحدة متعلق بالعراق وليس بالمالكي". وجاءت تصريحات كيري في وقت تبحث وانشطن توجيه ضربات جوية بطائرات من دون طيار ضد المسلحين الذين ينتمون إلى تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق" وتنظيمات سنية متطرفة اخرى والذين تمكنوا في نحو عشرة ايام من احتلال مناطق واسعة شمال العراق. وكان البيت الابيض اعلن امس الاول ان الرئيس الاميركي باراك اوباما يواصل مشاوراته حول كيفية التعامل مع تقدم الجهاديين السنة في العراق، ولا يستبعد اي خيار باستثناء ارسال قوات على الارض. وقبل ذلك اكد وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في جدة ان بغداد طلبت من واشنطن بالفعل توجيه ضربات جوية للمسلحين. وجاءت تصريحات كيري ايضا بعدما وجه مسؤولان اميركيان انتقادات الى المالكي واتهماه باعتماد سياسة تهميش بحق السنة في البلاد. وقال رئيس اركان الجيوش الاميركية الجنرال الاميركي مارتن دمبسي امام اعضاء في الكونغرس "ليس ثمة شيء كبير كان يمكن القيام به لنسيان الى اي مدى اهملت الحكومة العراقية مواطنيها. ذلك هو مصدر المشكلة الراهنة". واوضح ان المسؤولين الاميركيين حذروا القادة العراقيين مرارا مما يواجهونه من اخطار جراء سياسة تهميش بعض المجموعات الدينية، ولكن تم تجاهل رايهم تماما، مضيفا انه في معارك شمال العراق نجح المهاجمون في ضم بعض ضباط الجيش الى صفوفهم. وفي الجلسة نفسها، لاحظ وزير الدفاع تشاك هيجل بدوره ان حكومة بغداد لم تف بوعودها لجهة بناء تعاون فعلي مع المسؤولين السنة والاكراد. من جهته، اعتبر المسؤول السابق عن القوات الاميركية في العراق الجنرال ديفيد بترايوس ان الولايات المتحدة التي سحبت قواتها من هذا البلد في نهاية 2011 بعد احتلال دام ثماني سنوات، يجب الا تصبح "قوة جوية للميليشيات الشيعية". وقال خلال مؤتمر صحفي في لندن "اذا علينا دعم العراق يجب تقديم هذا الدعم لحكومة تمثل شعبا يضم كافة اطياف البلاد"، مضيفا "لا يمكن للولايات المتحدة ان تكون قوة جوية لحساب الميليشيات الشيعية او لشيعي في معركته ضد العرب السنة". واوضح "اذا ارادت الولايات المتحدة مساعدة العراق فهذه المساعدة يجب ان تكون للحكومة ضد التطرف بدلا من دعم طرف في ما قد يكون حربا طائفية". ميدانيا، قال عبدالعال عباس قائمقام قضاء تلعفر (380 كلم شمال بغداد) الواقع في محافظة نينوى في تصريح ان "القوات العراقية تواصل عملياتها ضد المسلحين وقد تلقت تعزيزات جديدة لمواصلة القتال". واكد شهود عيان من اهالي القضاء ان معارك متواصلة تدور بين القوات العراقية والمسلحين الذين يحاولون السيطرة على القضاء منذ اربعة ايام. ويقع تلعفر وهو اكبر اقضية العراق من حيث المساحة الجغرافية في منطقة استراتيجية قريبة من الحدود مع سوريا وتركيا، ويبلغ عدد سكانه نحو 425 الف نسمة معظمهم من التركمان الشيعة. في موازاة ذلك، اعلنت السلطات في بغداد ان القوات العراقية تفرض سيطرتها الكاملة على مصفاة بيجي بعد تعرضها لهجمات مسلحين خلال اليومين الماضيين. وقال المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة الفريق قاسم عطا في مؤتمر صحافي ان القوات الحكومية تفرض سيطرتها الكاملة على المصفاة الاكبر في البلاد والواقعة على بعد 200 كلم شمال بغداد. وذكر موظف في الشركة ان مسلحين هاجموا المصفاة على مدى اليومين الماضيين انسحبوا من مواقعهم امس تحت "ضربات جوية" وبعدما تصدت القوات العراقية لهجماتهم. وتقع مصفاة بيجي قرب مدينة تكريت (160 كلم شمال بغداد)، مركز محافظة صلاح الدين، والتي يسيطر عليها المسلحون المتطرفون منذ نحو اسبوع. في غضون ذلك، قال مصدر امني ان "اربعة من عناصر البشمركة (القوات الكردية) بينهم ضابط برتبة رائد قتلوا خلال اشتباكات مع مسلحين على طريق رئيسي جنوب مدينة كركوك" (240 كلم شمال بغداد). من جهة اخرى، اعلنت الصين انها ستجلي الى مناطق آمنة بعض العاملين في شركاتها في العراق حيث تعد الصين اكبر مستثمر في القطاع النفطي. وللصين اكثر من 10 الاف موظف في مختلف المواقع الصناعية في العراق، كما يقول مسؤولون حكوميون، ولو انهم موجودون خصوصا في مناطق شيعية في جنوب البلاد بعيدة في الوقت الحاضر عن هجوم المسلحين. من جهته اعلن رئيس اساقفة الموصل للكلدان في مقابلة مع وكالة فيدس الكاثوليكية ان "التدخلات العسكرية (في العراق) لا تؤدي الى اي حل"، وذلك تعليقا على طلب الحكومة العراقية من الولايات المتحدة توجيه ضربات جوية لاعاقة تقدم المسلحين.
وقال المونسنيور اميل شمعون نونا "غالبا ما رأينا في العراق ان الحرب والتدخلات العسكرية لا تؤدي الى اي حل". وردا على سؤال حول امكان قيام القوى الكبرى بتدخل عسكري، قال ان "المشاكل ستنفجر عاجلا ام آجلا بطريقة اشد تدميرا". من جهته اعلن الاتحاد الاوروبي الخميس زيادة مساعداته الانسانية في العراق حيث فر الالاف من المناطق التي يسيطر عليها المقاتلون وقال الاتحاد في بيان انه سيزيد مساعدته الانسانية بقيمة خمسة ملايين يورو ما يرفعها الى 12 مليونا للعام الحالي. وقالت المفوضة المكلفة المساعدة الانسانية كريستالينا جورجيفا ان "الموجة الجديدة من الهجمات لها تداعيات رهيبة على الاطفال والنساء والرجال الاكثر ضعفا"، داعية "جميع الاطراف" الى احترام ما تقوم به المنظمات الانسانية الناشطة في شمال العراق. ونزح نحو نصف مليون شخص من محافظة نينوى، اضافة الى نحو 400 الف اخرين سبق ان غادروا مناطقهم في الاشهر الستة الاخيرة بحسب الاتحاد الاوروبي.