مقدمة:
كنا أكثر من عشرين من أهل الإعلام والفكر يحاول كل منا ان يقدم أفكارا جديدة عما يجري في سوريا باعتبارها أعقد القضايا المعاصرة وأكثرها إشكالا .. جلسنا في بيروت التي تشاء ظروفها أن تصبح عاصمة لأحداث سوريا وأبرز معقل لنازحيها. ففي هذا المدينة الصغيرة، الكبيرة بعطاءاتها ، أمسك كل منا قلمه أو حاسوبه ليقدم مطالعته في هذا المضمار وتحت مضمون الفكرة الرئيسية التي هي أزمة سوريا.
اعتقد أننا جميعا كنا متفقين على أهمية الحوار في هذا المجال وفي هذا التوقيت، لعله منفعة للسوريين الذي يبحثون عن مخرج، وتراه ليس عندنا ولا من قدراتنا، انها لعبة أمم، حراك كبير لقوى تريد السيطرة والتغيير تحت عامل ان سوريا بشار الاسد او قبله حافظ الاسد قد انتهى تاريخها، وهم لايعلمون ان تاريخ سوريا في ظل تلك القيادة انما قد بدأ ولم يحن بعد التفكير بأي جواب عن مرحلة ما بعد الأسد، ولهذا لم نتفاجأ حين أعاد الشعب السوري خياره بتجديد البيعة لرئيسه الشاب الذي أذهل العالم بقدراته وبإمكانياته ومواقفه وبصبره وبعلمه النفسي في قيادة حرب تحتاج لهذا النوع من التخصص لأنها بقدر ماهي حرب عسكرية فيها كل العالم والكون، فهي أيضا ذات طابع سياسي نفسي اجتماعي.
ــــــــــ
بين أيدينا مطالعة ومداخلة بارزة فيها كل التكوين الذي يهمنا، والذي يهم القارئ العربي ايضا .. وفيها من التحليل والمنطق ما يجذب، بل خير ما تحتويه انها كتبت لتكون شهادة عن مرحلة هي ابعد من سوريا وان كانت سوريا في قلبها. فهنالك تداخلات غريبة تجعل من سوريا رأس الصراع ونقطة الجذب والاهمية المطلقة لمن يريد معرفة مايجري حقيقة في منطقة الصراعات.
مؤسسة دلتا للابحاث الفكرية في لبنان التي يديرها الباحث والكاتب محمود حيدر، اطلت على هذه القضية من عدة زوايا نظرا لاهميتها الاستراتيجية التي سيكون لها مع الوقت ابعادا مهمة على الصعيدين اللبناني والسوري.
في هذا اللقاء الفكري الذي اقيم لهذه الغاية، ثمة مداخلات مهمة كان ابرززها ماقاله الباحث رياض عيد من ان العالم شهد في نهاية القرن الماضي وبداية القرن تحولات جيواستراتيجية كبرى واحداث مفصلية تركت آثارا وتداعيات سياسية كارثية على العالم بشكل عام وعلى أمتن العربية بشكل خاص. فمنذ اكثر من ثلاث سنوات والعالم منشغل بالحرب الدائرة في سوريا وعليها، وتتصدر الازمة السورية عناوين اي لقاء دولي او إقليمي يعقد. وتحتل هذه الازمة الخبر الاول في كل وسائل الاعلام بانواعها المختلفة، محليا وإقليميا ودوليا.
يتساءل المتابع لماذا هذا القدر من الاهتمام والاصطفاف الإقليمي والدولي بالازمة السورية، هل هذا الاهتمام نظرا لموقع سوريا ومحيطها الجيواستراتيجي كنقطة التقاء ثلاث قارات وعقدة طرق برية وبحرية وجوية تربط العالم؟ وكواحدة من اهم مناطق التداخل بين هذه القوى البرية والبحرية والقوى الجوية، والتي تشكل جزءا حساسا للغاية من منطقة مصير العالم وفق طرح عالم الجيوبوليتيك المارشال الكسندر دو سيفرسكي عن القوى الجوية عندما قال: هذه المنطقة العربية هي المعبر الذي يربط قارتي آسيا وافريقيا واوروبا، وهي مفتاح الدفاع الجوي عن قارتي افريقيا واوروبا .. او لأن الدور الذي تلعبه سوريا ومحيطها الطبيعي بهذا الموقع الجيواستراتيجي كبوابة اسيا الى اوروبا، وكحاجز يفصل تركيا عن العالم العربي، ويقف عقدة كأداء بوجه ماسمي الربيع الاسلامي الاخواني وكيل المصالح الأميركية في المنطقة والذي تخوض أميركا عبره حربها على المجتمعات العربية وحرب المجتمعات العربية على نفسها.
او لأن سوريا باتت خط الدفاع الاول عن الامن السياسي والاقتصادي الروسي والصيني والإيراني خاصة بعد ان اعتمدت سوريا استراتيجية البحار الاربعة وطريق الحرير التي تلاقت مع استراتيجية الصين لكسر الطوق الأميركي عليها في مضيق ملقا، او لان اكتشافات الغاز المؤكدة في سوريا ولبنان ومياههما الإقليمية والتي اسالت لعاب المتصارعين على امتلاك الطاقة للتحكم بمصير القرن الحالي .. او لأن سوريا عقدة مواصلات الغاز وعليها يتوقف مصير غاز نابوكو وتركيا وأميركا وقطر لتحرير اوروبا من قبضة غاز بروم الروسية ومنافستها على امتلاك هذا السوق الكبير..
لكل هذا، ولأن سوريا لم ترضخ لمشيئة أميركا والغرب. بل عملت مع إيران على تقويض السياسة الأميركية والاطلسية والاسرائيلية وافشالها عبر دعم المقاومات في لبنان والعراق وفلسطين، استهدفت سوريا بهذه الحرب الكونية التي تخاض على ارضها لاسقاطها وتفتيتها وبقية العالم العربي الى دويلات عرقية طائفية عبر تقسيم المقسم (سايكس بيكو) الى دويلات طائفية على اساس المذهب والعرق والطاقة لاعلى اساس سياسي كما وصفها الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل وذلك لاكمال فرض هيمنة أميركا على المنطقة واقامة الشرق الاوسط الجديد.
سوريا باتت ساحة صراع عالمي كما وصفها بان كي مون الامين العام للامم المتحدة والذي اعترف فيه ان الاحداث في سوريا معركة بالنيابة بعد تداخل اخطر ملفات عالمية بها وحولها.
الاحداث العالمية التي انتجت التحولات الكبيرة:
1ـ سقوط جدار برلين ثم سقوط الاتحاد السوفياتي وتفككه في اواخر القرن الماضي مما ادى الى اختلال التوازن الثنائي الدولي، وفقدان امتنا وحركات التحرر نصيرا كبيرا في صراعهما الوجودي مع عدونا الغاصب وقوى الاستعمار مما ادى الى سقوط نظام الثنائية القطبية الذي حكم العالم بعد الحرب الكونية الثانية وابان الحرب الباردة، واخلى الساحة الدولية لأميركا كقوة احادية تتحكم بالكون بنظام احادي جائر.
2ـ بروز أميركا كنظام استعماري احادي الاستقطاب على اثر سقوط الاتحاد السوفياتي واستلام المحافظين الجدد الحكم فيها بحلمهم الامبراطوري لحكم العالم، وتوسيع الحلف الاطلسي ليشمل قسما من دول اوروبا الشرقية سابقا، مما ادى الى تطويق روسيا وعزلها بغية تفكيكها واعتمادهم الليبرالية كنظام اقتصادي حاكم للكون بعد سقوط الشيوعية واعتبارهم مفتاح بقاء أميركا كاامبراطورية تحكم العالم هو السيطرة على مصادر النفط والطاقة، والتحكم بمساراتها وابقاء تسعيرها بالدولار فقط واعتمادهم الحروب الاستباقية كعقيدة جديدة لهذا الفكر الامبراطوري .. ولما كانت امتنا والعالم العربي تختزن اكثر من 60 % من احتياط العالم من الطاقة، واجهت امتنا ولا تزال تواجه مع محيطها المقاوم تداعيات هذا الحلم الأميركي حروبا واجتياحات وتدمير للدولة والمجتمع والاقتصاد.
3ـ تغيير الادارة الأميركية أولوياتها في عهدي اوباما الاول والثاني حيث اصبحت:
اولا: مواجهة العجز التجاري والدين الداخلي للخروج من أزمتها الاقتصادية التي اصابتها عام 2008 ولا تزال دون حل.
ثانيا : التصدي للصعود الاقتصادي الصيني المتوقع ان يساوي الاقتصاد الأميركي عام 2018 ويتجاوزه عام 2025 ، ولهذا قررت أميركا الانسحاب من الشرق الاوسط الى الشرق الاقصى وجنوب آسيا للتصدي للعملاق الصيني المزاحم لها اقتصاديا وسياسيا واعتمادهم الاخوان المسلمين والتنظيمات التكفيرية كوكيل للمصالح الأميركية الاسرائيلية في المنطقة، ثم بعد فشلهم استنفروا جيش القوي التكفيرية العالمية وتكليف يعض العرب بتمويل وتسليح وحشد الارهابيين بالتنسيق مع تركيا واسرائيل لتنفيذ حربوها بالوكالة وتدمير سوريا والمنطقة واقامة الشرق الاوسط الاثني الجديد وسايكس بيكو 2 بعد استنافذ اهداف سايسك بيكو 1 لتقسيم المقسم الى كيانات عرقية ومذهبية تخدم اذكاء الفتنة السنية الشيعية التي تضرب وحدة المجتمع وتتصدى للتمدد الإيراني الروسي والصيني في المنطقة الذي تم تصويره بانه العدو لليعاربة في المنطقة بما يخدم ويبرر بقاء اسرائيل كدولة يهودية عنصرية في اتمنا.
3ـ دخول العالم عصر العولمة وثورة الاتصالات والمعلوماتية التي اختصرت الزمن والمسافات وجعلت العالم قرية كونية مشرعة الابواب والنوافذ امام التدخل الخارجي.
4ـ تعرضت أميركا في 11 سبتمبر 2001 لهجوم ارهابي حيث تم تحويل اتجاه اربع طائرات نقل مدني تجارية وتوجهها لتصطدم ببرجي مركز التجارة الدولية بمنهاتن ومقر وزارة الدفاع الأميركية استغلت أميركا هذا الحدث واتهمت القاعدة بالقيام به فاحتلت افغانستان لتصفية القاعدة وحكومة طالبان ومن اجتاحت قواتها العراق بحجة امتلاكه اسلحة دمار شامل تبين بطلانه منفذة بهذين الاحتلالين خطط احتلال 6 دول من ضمنها افغانستان والعراق كانت موضوعة سلفا من قبل ادارة المحافظين الجدد ، وذلك للهيمنة على نفط العراق وبحر قزوين وتطويق إيران وروسيا حيص صرح ريتشارد بيرل بوضح " نبدأ من العراق ثم لبنان فسوريا فالسعودية فالجائزة الكبرى مصر".
6ـ قصف قوات الناتو ليوغوسلافيا في 24 مارس 1999 لمدة 78 يوما على اثر المعارك التي حدثت بين القوات الصربية والكوسوفيين الالبان وقد شكل هذا الحدث سابقة ومنحى خطيرين في العلاقات الدولية عند مشارف القرن الواحد والعشرين .. هزت هذه الاحداث القواعد القليلة للاستقرار الدولي، على الاقل بالمفهوم التقليدي لها، حيث مثلت كوسوفو، ذروة منطق المحافظين الجدد الذي نما وتطور خلال سنوات التسعينات، ومثل نقطة انطلاق لعصر جديد وكانت البداية لمزيد من الغاء سيادة الدولة بحجة المصالح العريضة للامن والسلام الدوليين، ولكن على عكس الحالات الاخرى، لم يكن مشفوعا بقرارات من مجلس الأمن .. وهذه الحقيقة وحدها ابرزت التغيير الذي لحق بالمجتمع الدولي، من حيث ان اوضاعا داخلية لدولة ما يمكن ان تمثل تهديدا لاستقرار الدول الاخرى المجاورة لها، سواء اتخذ مجلس الامن او لم يتخذ الاجراءات المناسبة تستطيع أميركا والناتو ان يتدخلا.
7ـ سقوط النيوليبرالية في بداية هذه القرن بسبب الازمة الاقتصادية التي ضربت العالم عام 2008 وافقرت اوروبا وأميركا والعالم الرأسمالي، وبددت مدخرات الخليج العربي ولا تزال تداعياتها وتردداتها دون حل وترخي بظلالها على الاقتصاد العالمي.
8ـ سقوط النظام الاحادي الاستقطاب الذي قادته أميركا بعد فشلها الذريع في حل المشكلات السياسية والاقتصادية والبئية مما اورث العالم وامتنا كوارث وحروبا لاتزال تواجهها حتى الآن، وبروز حالة اللاقطبية كمقدمة لولادة نظام متعدد الاقطاب بدأ بالظهور وشاء موقع سوريا الجيو استراتيجي ان يكون هو المكون والحاضن لهذه الولادة بعد استعمال روسيا والصين ثلاثة فيتوات متتالية لمنع اقامة منطقة حظر جوي او استهداف سوريا بقوات اطلسية كما حصل لليبيا، على اثر الحرب الكونية التي تخاض في سوريا وعليها.
9ـ حدوث ثورة اقتصادية عظمى في الصين ادهشت العالم في نهاية القرن الماضي وبداية هذا القرن مما ادى الى انتقال مركز الثقل الاقتصادي وبالتالي السياسي من الغرب الى الشرق وتحديدا الى جنوب آسيا وما تركه من اثر كبير في تغييير مازين القوى واولويات الدول العظمى واستراتيجياتها .. ودفعت الصين الى الخروج لتأمين مصادر الطاقة من وسط آسيا الى الشرق الاسوط وافريقيا اضافة الى احيائها طريق الحرير التاريخي الذي يصل سورية بشنغهاي مرورا بوسط آسيا، لخروج الصين من تطويق أميركا لها بسيطرتها على مضيق ملقا الذي يمر عبره 75 % من النفط الى المصالح الصينية، مما جعل سوريا كبوابة لطريق الحرير الى اوروبا وكخزان الغاز على ساحل المتوسط جزءا من الامن القومي الاستراتيجي الطاقوي والاقتصادي الصيني والتي تلاقت استراتيجيها مع استراتيجية البحار الاربعة التي اعلنها الرئيس بشار الاسد بعد ان قرر الاتجاه شرقا واعتبار ان اوروبا لم تعد موجودة على الخارطة سياسيا.
10ـ بروز اخطار الاحتباس الحراري والتغير المناخي بسبب التلوث الذي احدثته الدول الصناعية بسبب استعمالها المفرط للبترول والفحم الحجري لتحريك عجلة مصانعها وبروز الصراع على الغاز كمادة نظيفة للطاقة نتيجة الضغوط لتبني توصيات قمة الارض في ريودوجنيرو عام 1992 ومؤتمر كيوتو في اليابان عام 1994 بضرورة استعمال الغاز كبديل طاقوي لتخفيف انبعاث ثاني اوكسيد الكربون بنسبة 20 % قبل 2020 والتحذير من كارثة سيتحل بالكرة الارضية ان لم تلتزم الدول الصناعية بهذا الامر والتزام اوروبا بهذه المقررات مما جعلها اكبر سوق عالمي ناشيء للغاز، ولان اوروبا تعتمد على الغاز الروسي لتلبية ثلث حاجتها من الغاز باتت هي رهن ارادة روسيا الطاقوية التي تضغط بها سياسيا على اوروبا.
وبعد اكتشاف هيئة المسح الجيولوجي الأميركية المخزونات الكبيرة من النفط والغاز في الاراضي السورية ومياهها الإقليمية في المتوسط والتي قدرت باكثر من 700 تريليون م م من الغاز، مما جعل سوريا خزان غاز المتوسط وتشبه السعودية يوم اكتشاف النفط .. وبعد انكشاف موقع سوريا كعقدة مرور انابيب الغاز لتحرير اوروبا من احتكار غاز بروم الروسي ، اصبحت سوريا خزان الغاز للمتوسط وعقدة طرقه الى اوروبا، ولما كان الرئيس الاسد غير موثوق من قبل أميركا وازلامها وتركيا ومناطق اخرى، وبعدما رفض الاسد مرور هذا الانبوب في سوريا والذي يحمل غاز اسرائيل وينافس حليفته روسيا في سوق اوروبا، واستعاض عنه بانبوب الغاز الإيراني الذي سيعبر إيران والعراق وسوريا ويكون رافدا لغاز بروم لامنافسا له، وناقل غاز المتوسط مستقبلا الى الصين، بدأت الحرب على سوريا لاسقاطها لانها بموقعها الجيو استراتيجي باتت قطب الرحى وعقدة مواصلات انابيب الغاز العالمية اضافة الى انها عقدة طرق برية وجوية وبحرية ونقطة التقاء ثلاث قارات اسيا وافريقا واوروبا.
12ـ وصول فلاديمير بوتين رجل المخابرات الروسية الى سدة الحكم في روسيا عام 2000 بعد مخاض فكري حول سؤال الهوية من نحن ، وما هي الاسباب التي ادت الى انهياء الاتحاد السوفياتي وبروز الاوراسية كعقيدة جيوبولتيكية جديدة تحكم تطلعات وسياسة روسيا الاتحادية المستقبلية وبعد الارتفاع الكبير في اسعار النفط والغاز الذي ساعد روسيا بالخروج من العجز الكبير ( 300 مليار دولار ) الذي سببته سيطرة المافي الروسية على الاقتصاد الروسي في عهد يلتسين حيث استطاع برتين ان يخرج روسيا من عجزها المالي ويحقق فائضا ماليا تجاوز التريليون دولار حتى الآن .ز قرأ بوتين جيدا اسباب انهياء الاتحاد السوفياتي سباق وتفككه، وقرأ اهمية الغاز السمتقبلية، ولأن روسيا هي الدولة الاولى المنتجة للغاز في العالم ولان بوتين قرا خطورة غاز نابكو على الاقتصاد الروسي، وخطورة المخططات الامييركية على روسيا من خلال نشر القواعد الأميركية والدروع الصاروخية المواجهة لروسيا في اوروبا ووسط آسيا وتركيا وقف مع الصين، عقبة كأداء في مجلس الامن بوجه المخططات الاطلسية في سوريا ومنع اسقاطها بحمايتها بثلاثة فيتوات حفاظا على مصالح روسيا الاستراتيجية في المتوسط وحفاظا على قاعدة طرطوس ( القاعدو الوحيدة المتبقية لروسيا خارج اراضيها بعد القرم ) مما جعل سورية ايضا تصبح في صميم الامن السياسي والاقتصادي والقومي الروسي.
12ـ تشكيل منظمة شانغهاي للتعاون اهدافها ودورها بالزام أميركا لاخراج قواعدها من اسيا قبل نهاية عام 2015 وتشكيل دول البريكس ودورهما بانهاء نظام الاحادية القطبية وبروز نظام عالمي جديد متعدد المحاور وموقع سورية كنقطة صدام جيوسياسي لاعادة تشكيل هذا النظام.
13ـ انتصار الثورة الاسلامية في إيران وتأثيره على المنطقة خاصة بعد انسحاب الاحتلال الأميركي من العراق وقرب انسحابه من افغانستان هذا العام مما اعاد لموقع العراق مع المحور المقاوم وبروز دور إيران في جيوبوليتيك الطاقة الصينية الروسية وموقعها الديواستراتيجي في وسط آسيا ودورها في سوريا والعراق ولبنان وفلسطين كداعم اساسي للمقاومات بوجه المخططات الأميركية والاطلسية والاسرائيلية والإقليمية الارهابية والتكفيرية.
14ـ سقوط النظام العربي الذي كان اصلا وليد الاستعمار بعد استنفاد مهمته، وسقوط الانظمة الكيانية وسقوط الاسلام السياسي بشقيه الاخواني والتكفيري، وسقوط العروبة الوهمية بمؤسساتها القائمة التي حولت جامعة الدول العربية الى حصان طروادة يستدعي الاطلسي لضرب سوريا وسقوط النظام القومي العربي الذي فشل في تحقيق نظام الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وضرب الفساد والمفسدين وصيانة وحدة المجتمع وتطوير النظام الشمولي لمنع استغلال القوة الخارجية لهذه الثغرات والنفاذ منها لضرب خياراته القومية والسياسية المحقة المقاومة لأميركا والاطلسي واسرائيل، وسقوط منظومة الامن القومي العربي، وبالتالي باتت الامة بغياب المشروع القومي مكشوفة تواجه ثلاثة مشاريع إقليمية تتصارع فيها وعليها وهي:
أـ المشروع الاسرائيلي المتلاقي مع مشاريع عربية مشابهة المدعوم أميركيا لتصفية القضية الفلسطينية وانشاء شرق اوسط جديد اثني وعرقي يفتت المفتت.
ب ـ المشروع العثماني التركي المتحالف مع بعض العرب والاخوان المسلمين والمدعوم اوروبيا وأميركيا ايا ويلتقي باهدافه مع المشروع الاول.
ج ـ المشروع الإيراني المقاوم للمشروعين أ و ب بتحالفاته الممتدة من لبنان المقاومة الى سوريا الى العراق حتى محور شانغهاي للتعاون وروسيا والصين.
15 ـ تشكل محور المقاومة من لبنان الى طهران الى شنغهاي، موقع سوريا في هذا المحور واستراتيجة هذا المحور التوحيدية بوجه استراتيجية سايسك بيكو 2 التقسمية ودور المقاومة المركزي في هذا المحور كنواة لحرب تحريري قومية يجب اطلاقها، تنقذ المة من الموت المحتم بالتصدي للفتنة المذهبية وتحافظ على وحدة المجتمع والامة، وتدفعها لاخذ دورها كبوابة طريق الحرير الى اوروبا، وكعقدة طرق طاقوية، وكموقع متقدم وكخط تماس لهذا المحور المقاوم بوجه الاطلسي في تركيا، وكنموذج لفكر مدني جامع موحد بوجه فكر تكفيري ظلامي مفتت.
ـ الملفات الإقليمية والدولية المتداخلة في سوريا والمنطقة:
لكي نفهم هذه الحرب الكونية التي تجري في سوريا ومحيطها الطبيعي والى اين مآل هذه الحرب واستنباط الحلول، علينا ان ندرس هذه المتغيرات الجيواستراتيجية الكونية المذكورة اعلاه، والملفات الإقليمية والدولية التي تداخلت في سوريا والمنطقة، والتي كانت سببا للتداخل الدولي والإقليمي والعربي في سوريا وعليها، فالمنطقة تقع على فاصل جيوبوليتيكي بين الاوراسية الروسية والاوراسية الأميركية، ويتجاذبها صراع عالمي للسيطرة عليها وعلى مخزون الطاقة فيها ومساراته منذ بداية القرن الماضي حتى الآن، والقوى الكبرى المتنافسة على الموارد لاتهتم لحريات الشعوب ولا للديمقراطية وتداول السلطة بل تستغل هذه الشعارات لنهب خيرات الامم وتقسيمها والسيطرة عليها ، وهذه الملفات نوجزها كالتالي:
الاول : ملف الطاقة العالمي الغاز مصادره وطرق امداده .
الثاني: معركة التحدي ين روسيا وأميركا على الغاز والقواعد العسكرية والصراع على القون الجديد وملف الناع على المناطق الستراتيجية العالمية وكوسط اسيا والبحار الاربعة والمضائق والبحر المتوسط والدول المطلة عليه.
الثالث : معركة التحدي الصيني الأميركي على الاقتصاد والطاقة وطريق الحرير والنظام العالمي الجديد والمحيط الهاديء وموقع سوريا والمنطقة في هذا الصراع.
الرابع: الملف النووي الإيراني ودور إيران الإقليمي وامن الخليج ومنابع الطاقة ومساراتها .
الخامس: التدافع بين إيران وحلفائها والسعودية وحلفائها على دور ومستقبل المنطقة.
السادس: ملف الصراع التركي السوري والاحلام العثمانية المتجددة.
السابع: ملف الصراع بين سوريا وحزب الله من جهة واسرائيل من جهة اخرى.
الثامن: الربيع الاسلامي العربي الأميركي المتصهين، والنزاع الطائفي في العالم العربي والاسلامي وتحدياته وملف القاعدة والجماعات التكفيرية المتطرفة.
هذه الملفات المفصلية والمعقدة والمستعصية اصبحت كلها لاعبة وحاضرة ومطروحة على نسب مختلفة في كل ابعاد الازمة السورية وتداعياتها على المنطقة بطريقة لم يشهد لها مثيل في العالم منذ انتهاء الحرب الباردة بين القطبين العالميين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأميركية حتى الآن والتي على حلها يتوقف مصير سوريا والمنطقة ورسم خرائطها الجغرافية ومصير القرن 21 .
في هذه الدراسة ما يغري اذن من معلومات واستفاضة في التحليل والتعليل .. يحتاج عالم مايجري في سوريا الى دراسة مقتضبة من هذا النوع تضيء نقاطا مهمة تعرفها شريحة قليلة من المهتمين، فيما نضعها بين ايدي كل قاريء يريد ان يعرف المزيد من التفاصيل التي تجعل من سوريا موقع الصراع العالمي .
هذا الحشد العالمي الذي نراه اليوم ضد سوريا ليس من قبيل النزهة او الاكتشاف، انه عالم يتحرك بفعل الموقف الأميركي الذي برهن على قصر نظره مهما كانت نظرته الاستراتيجية بعيدة المدى .. فسوريا لم تكن وحدها منذ ان دخلت في الازمة، وسوريا لم تكن وحدها منذ سنين وان غاب عن الأميركي والاسرائيلي أمرا مهما من هذا النوع .. ألم يتنبه هذا التحالف المقيت الى الصورة التي خرجت يوما من دمشق وابطالها ثلاثة الإيراني والسوري وحسن نصرالله مع حضور غير منظور للروسي والصيني .. نعرف ان العالم يعرفها، ولقد شكلت، ربما، مادة السؤال الذي حرك كل تلك الطوابير للهجوم على سوريا بغية محو تلك الصورة من الوجود، فان سقطت دمشق، خرجت إيران وخرج حزب الله من المعادلة، ولهذا السبب سوف نرى في الدراسة القيمة التي بين ايدنا كل العوامل التي تؤدي الى ان تكون سوريا حاضرة في كل تفصيل إقليمي وعالمي.