[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
لم يستسلم العلماء والخبراء ولم يتوقفوا عن محاولات إطالة عمر الإنسان رغم الخيبات التي رافقت تلك المحالات عبر العصور المختلفة، وانتقلت المحاولات من الدراسات النظرية قديما إلى التجارب العلمية والمخبرية في العقود الأخيرة.
يحدثنا التاريخ بخصوص محاولات البعض في هذا الميدان عن قصص لا تخلو من طرافة، وتنطوي على مفارقات تؤكد رغبة الإنسان في اطالة عمره، فعلى سبيل المثال، وكما يذكر جواناثان سيلفرتاون في كتابه (حياتنا .. وإن طالت)، أن الملك ادوارد السابع، ملك بريطانيا في بداية القرن العشرين وعندما كانت بريطانيا اعظم امبراطورية في ذلك الوقت، قد جرى له تتويج فخم جدا في العام 1902، في دير ويستمنستر التي تقام فيها حفلات تتويج الملوك والملكات في بريطانيا، وكان ادوارد السابع ملك إنجلترا وملك رٌبع الكرة الأرضية، وامبراطور الهند، واثناء التتويج خالجه شعور الخوف من الموت وهو يشاهد اثار التعب على المطران الذي قام بمراسم التتويج، فقد كانت يداه ترتعشان وبصره ضعيف جدا وعندما اراد الوقوف ساعده عدة اشخاص على ذلك بما فيهم الملك، وخشي الملك أن يكون على تلك الحالة عندما يبلغ الثمانين حيث كان المطران بهذا العمر، وتوفي المطران بعد عدة اشهر، في حين كان الملك في الستين من العمر، لكن المفارقة التي حصلت للملك إدوارد السابع، الذي خشي من تدهور حالته عندما يبلغ الثمانين قد توفي بعد ثماني سنوات وكان في الثامنة والستين من العمر. ولم يكن قد وصل حالة الوهن والتعب والارهاق التي كان عليها المطران اثناء حفل التتويج في ويسمنستر.
من اوائل الذين ناقشوا قضية اطالة عمر الإنسان وتعمقوا في هذا الميدان الفيلسوف اليوناني الشهير ارسطو (384 – 322 قبل الميلاد) وكان أستاذ الاسكندر المقدوني الذي توفي ببابل في بلاد الرافدين وما زال في عنفوان شبابه، وكان يحلم بالسيطرة على غالبية بلدان المعموة قبل بلوغه الشيخوخة، باعتباره قد تسلم سدة الحكم وهو ما زال في بدايات شبابه، اما أرسطو فقد ناقش الموضوع من زاوية اخرى، إذ يرى أن من يستطيع تجديد نفسه بامكانه أن يعيش حياة اطول، وهذا الأمر ينطبق على النبات في حين فشل الإنسان في تجديد نفسه، ورغم الدراسات الكثيرة التي اجراها العلماء والمختصون على الاسماك والطيور والحيوانات والنباتات والإنسان ايضا، إلا أن نظرية دقيقة يمكن اعتمادها في الوصول إلى لغز عمر هذه الكائنات لم يتم التوصل إليه بصورة قاطعة وجازمة، بمعني أن احدا لم يضع فلسفة كاملة عن لغز الحياة وحقيقة الموت وما بينهما، وأن الجميع يخضع لدورة الحياة وتنوعها، وليس ثمة رأي وضعه العلماء وخرجوا به، يعطي تفسيرا دقيقا وواضحا عن الفترة الزمنية التي يعيشها الإنسان ولماذا تتحدد بمعدلات بين السبعين والثمانين، ولكن هناك من توصل ومن خلال المقارنات إلى بعض الاستنتاجات، مثلا حياة القرى والجبال والابتعاد عن الضوضاء والملوثات قد تطيل في حياة الناس.
لكن جميع النقاشات والطروحات لم تصل حد الجزم. في قضية يناقشها الغالبية العظمى من البشر في فترات من حياتهم.