[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
تعربد إسرائيل في الضفة الغربية وقطاع غزة، تعتقل أكثر من مئتين وأربعين فلسطينيا، وتداهم بحدود الألف منزل بحثا عن الثلاثة الإسرائيليين الذين اختفوا فصار البحث عنهم شبيها بالسؤال عن الطائرة الماليزية التي اختفت ولم تترك وراءها أثرا ينبئ بما آلت إليه. المجتمع الإسرائيلي مصاب بقشعريرة جعلت من عقله تبلدا. ولكونه لا يملك الحكمة في ترجمة الواقع الذي هو فيه، ولم تمسه أحاسيس أهل الأسرى الفلسطينيين الذين يقبعون في سجون العدو سنوات وسنوات، فهو ينتظر من دولته ردود فعل بدأتها وتحولت إلى كمن يبحث عن إبرة في كومة قش.
من المؤسف أن رد الرئيس الفلسطيني محمود عباس كاد يتجاوز كلام نتنياهو في التأثير النفسي للقضية. نسي عباس التنكيل والمطاردة والاعتقالات والرعب التي تتركز في الأطفال خصيصا، وأدلى تصريحات مهينة بدل أن يشد على الأيدي. يقول المقربون منه إنه لا يستطيع تجاوز ما قاله، فهو مجبر على ترطيب الأجواء كي لا يتهم الرجل بما ليس عنده.
التصعيد الإسرائيلي مستمر وقد يزيد، بل سيجد الإسرائيلي كل الذرائع وهي موجودة في عقله كي يستبيح المدن والقرى والأرياف وأن يتطاول على المجتمع الفلسطيني بكل تفاصيله، بعدما وجد ردود فعل مؤاتية لتصرفاته الرعناء.
لا نعتقد أن من قام بإخفاء الإسرائيليين الثلاثة لم يحسب حسابا لهكذا ردود أفعال .. هو عقل منظم بالتأكيد ولديه الخبرات الكافية في التعامل مع عدو شرس متمرس في ترهيب الفلسطينيين. ومع كل الحس الإنساني عند أهل من يختفون عادة مهما كانت الأيام والساعات، فكيف تكون عليه أحاسيس أهالي الأسرى الفلسطينيين الذين ما زالوا في سجون العدو منذ سنين ولكل منهم حكاية تخصه، سواء من عائلته أو أقاربه أو من أبنائه أو من زوجته، أو ما هي لوعة الأم والأب حين يفقدون عزيزا عليهم، فلا هو ميت ولا حي سوى أنه جثة متحركة بين قضبان.
على الفلسطينيين الاستعداد لتصعيد إسرائيلي قد يصل إلى حد مدمر، إذ لا يملك نتنياهو سوى هذا الفعل كي يبرهن لأهالي المختفين وللمجتمع الإسرائيلي أنه يقوم بواجب الدفاع عنهم بكل الطرق والأساليب، وأنه مهتم بمصيرهم، ولديه الاستعداد لعنف المجتمع الفلسطيني من أجلهم.
يطارد الإسرائيلي سرابا، ولن يجد جوابا مهما زاد من حجم تصرفاته العنيفة .. أما الفلسطيني فعليه أن يتوقع المزيد، فلم تعد المسألة قضية اختفاء ثلاثة، بل هيبة حكم ورئيس وزراء ووزارة ومسؤولي أمن .. هم يتصرفون بهذه العقلية حفاظا على تماسك مجتمع مفتت، يريدونه متماسكا كي تظل أسئلته لا تطول القيادة في كافة المواقع.
هل يبقى الفلسطيني صامتا أمام حملات الجنون التي يمارسها جنود الاحتلال؟ وهل وصايا الرئيس عباس تظل مسموعة ومنفذة بحذافيره .. لا شك أن الأمن الإسرائيلي يمارس كونتروله على الأمن الفلسطيني أيضا والذي قيل إن بعضا منه وضع بتصرف الإسرائيلي بحثا وتنقيبا عن الإبرة الضائعة في كومة القش .. لكن الأكثر بروزا خلف تلك العملية، أن نتنياهو وجد ذريعته ضمن ذرائعه الدائمة من أجل إحباط أية تسوية ممكنة مع الفلسطينيين، وهو أمر ليس جديدا في حياة العلاقة بين الطرفين ..