[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/khamis.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]خميس التوبي[/author]
إعلان كيان الاحتلال الإسرائيلي عن شنه عدوانًا إرهابيًّا جديدًا على أحد المواقع العسكرية للجيش العربي السوري بالقرب من مصياف بريف حماة، يؤكد في التوقيت الذي حدث فيه ـ كما في كل مرة ـ العلاقة العضوية القائمة والثابتة بين هذا الكيان الإرهابي وتنظيم "داعش" أحد أذرع تنظيم القاعدة في بلاد الشام، ذلك أن هذا العدوان الإرهابي الجديد قام به الطيران الحربي الإسرائيلي في غمرة انتصارات لافتة للجيش العربي السوري وفك الحصار عن مدينة دير الزور، وإلحاقه هزيمة قاسية بفلول تنظيم "داعش" الإرهابي، وهو ما أثار الحقد والغيظ لدى كيان الإرهاب الإسرائيلي ودفعه إلى التدخل المباشر لدعم شقيقه وحليفه في سوريا.
اللافت أن هذا الإرهاب الإسرائيلي الداعم لشقيقه وحليفه الداعشي تبناه كيان الإرهاب الإسرائيلي وأعلن عنه فور تنفيذه، على عكس المرات السابقة التي يلزم الصمت فيها، ما يعني أن هذا الكيان الإرهابي الغاصب بدأ يشعر بالقلق الكبير، وأخذت تنتابه هستيريا جراء ما يشاهده من انتصار سوري متدحرج على الأرض السورية، ظل الإسرائيليون وحلفاؤهم وعملاؤهم طوال أكثر من ست سنوات ولا يزالون يدعمون التنظيمات الإرهابية التي أوكلوا إليها تدمير سوريا نيابة عنهم، وتشظيتها إلى كانتونات طائفية متناحرة، وبالتالي كان لا بد من التدخل الإسرائيلي المباشر لدعم هذا الإرهاب القاعدي بمختلف أذرعه وتنظيماته التي تكتظ بها الساحة السورية. غير أن اللافت أيضًا هو أن العدوان الإرهابي الإسرائيلي على الموقع العسكري السوري بالقرب من مصياف قام به الطيران الحربي الإسرائيلي من خارج الأراضي السورية، وتحديدًا من فوق الأراضي اللبنانية ما يعني أن السماء السورية باتت مغلقة في وجه الطيران الحربي السوري، حيث الصواريخ السورية والروسية معًا تشكلان مظلة واقية يمكن أن تطول الطائرات الحربية الإسرائيلية.
والمثير للسخرية والضحك في هذا العدوان الإرهابي هو محاولة إخراجه في الإعلام ليبدو على أنه عمل عدواني إرهابي مبرر، حيث سارع القائمون على هذا الإرهاب الإسرائيلي ضد سوريا إلى سوق الأكاذيب بأن الموقع المستهدف هو لتصنيع الصواريخ والأسلحة الكيماوية، وأن مصدرها كوريا الشمالية. ودون شك، هذه أكاذيب مفضوحة ومحاولة يائسة وبائسة لتغطية الهدف الأساس من القيام بهذا العمل الإرهابي وهو ـ كما ثبت ـ دعم الإرهاب الداعشي.
في التقدير، إن هذا العدوان الإرهابي الإسرائيلي لن يكون الأخير، وإنما هو يأتي في إطار دعم الإسرائيلي وحلفائه وعملائه للتنظيمات الإرهابية المتكاثرة في سوريا لمواصلة مخطط التفتيت والتدمير والتخريب الذي يستهدف دول المنطقة وفي مقدمتها سوريا، ويخدم بالأساس كيان الاحتلال الإسرائيلي سعيًا منه ومن حلفائه وعملائه لإعادة رسم خريطة المنطقة بما يتوافق مع بقائه القوة الأوحد في المنطقة، وما عداه من دول يجب أن يتحول إلى كيانات قزمية طائفية متناحرة، ومحتاجة إليه.
فقد سبق وأن قام كيان الاحتلال الإسرائيلي بتوجيه إرهابه ضد سوريا تحت ذرائع كاذبة وواهية غير مكتفٍ بما يقوم به الإرهاب الوكيل لتدمير البنية التحتية السورية وملاحقة الشعب السوري إبادةً وتدميرًا وتهجيرًا والذي تشنه التنظيمات الإرهابية مما يسمى "داعش والنصرة وأحرار الشام والجيش الحر" وغيرها من التنظيمات الإرهابية التي خرجت من رحم الاستعمار القديم ـ الجديد بواسطة كذبة "الربيع العربي" وبمساعدة واضحة وملموسة ممن دار في فلك الاستعمار ومؤامراته إقليميًّا. وبعدما بدت الحقائق ساطعة على الأرض وثابتة واقعًا لا أحد بإمكانه إنكار أن كل الشرور والإرهاب تقف وراءه السياسة الصهيونية وبعون واضح وفاضح ومكشوف من الغرب الاستعماري ومن في جوهره من الأنظمة الرجعية والعميلة، وتبدو هذه السياسة محكومة بقيم سلبية وبفكر أعجف وأيديولوجيا إقصائية إلغائية محاربة لكل ما هو إنساني وكارهة الأمن والسلم والاستقرار، تنظر إلى البشر في هذا العالم وخاصة في هذه المنطقة على أنهم غير صالحين إلا للاقتتال فيما بينهم وللخضوع أمام الموجات الاستعمارية وبالتالي هم خدم وعبيد لهم وظيفة واحدة هي اعتناق الإرهاب والموت وتحويل مصادره إلى مقدمات ومقومات في أرض الواقع كما هو المشهد الراهن.
وبعيدًا عن أي مبالغة، فإن السياسة الصهيو ـ غربية القائمة على الإلغاء والإقصاء واستعباد الشعوب ونهب ثرواتها ومصادرة مقدراتها، واستهداف كل من يقف في وجه هذه المظاهر غير الحضارية وغير الإنسانية، استنادًا إلى حقائق التاريخ القديم والحديث، بدليل أنه في الوقت الذي يجتمع فيه دعاة الديمقراطية والحرية وحماة حقوق الإنسان والحريات في أقصى الغرب بزعم مكافحة الإرهاب في المنطقة انطلاقًا مما يتحدثون به عن خشيتهم من ارتدادات هذا الإرهاب الذين أنتجوه ودعموه إلى بلدانهم، نجد أن صنيعتهم الإرهابية الكبرى المسماة "إسرائيل" تعلن جهارًا نهارًا مساندتها ودعمها وتحالفها مع التنظيمات الإرهابية كما هو الحال في سوريا، حيث الدعم اللوجستي الإسرائيلي من سلاح وعلاج وجمع معلومات وتوجيه لعناصر تلك التنظيمات الإرهابية، والتدخل المباشر بسلاح المدفعية والطيران الحربي الإسرائيلي لرفع معنويات تلك التنظيمات الإرهابية وتأمين تقدمها، فكيف يتسق الموقف الغربي من محاربة الإرهاب والخشية من ارتداداته في الوقت الذي يواصل فيه كيان الاحتلال الإسرائيلي وحليفه الأميركي دعمهما لـ"داعش والنصرة" وإخوتهما؟ ألا يعد هذا ازدواجية في المواقف والمعايير؟ فماذا يعني أن يتكفل الداعمون للإرهاب الداعشي بنقل قياداته من مناطق عمليات الجيشين السوري والعراقي إلى الأماكن الآمنة والحفاظ عليهم؟ ألا يشي بعدم المصداقية وتوظيف إرهاب "داعش" شماعة لعودة الاستعمار بجحافله إلى المنطقة؟
إن العدوان الإسرائيلي الجديد جاء ليكشف صفحة جديدة في سلسلة طويلة من المؤامرات لا تنتهي تحاك ضد سوريا، وتفضح كل ما يروج له الآن من ديمقراطية وحرية وحقوق إنسان وأسلحة كيماوية وإلى آخره من الأكاذيب، ذلك أن المستهدف بهذا العدوان هو القوة الأوحد التي تحارب الإرهاب، ونعني بها الجيش العربي السوري، وبالتالي استهداف من يحارب الإرهاب لا يمكن تفسيره إلا بأنه دعم للإرهاب وتنظيماته، ولا تستقيم معه كل الذرائع والمبررات التي بها نفذ هذا العدوان الإرهابي، خاصة ذريعة السلاح الكيماوي الذي قبلت الحكومة السورية مختارة تسليم ترسانته لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية لتدميرها، متخلية بذلك عن هذا الأمر بموجب الضمانات الروسية الممنوحة لها، وبالتالي ما يمكن الخلوص إليه هو أن في جملة المواقف الغربية حول الإرهاب والعلاقة العضوية مع التنظيمات الإرهابية ليس هناك ما يؤكد صدق النيات وصحة الأقوال الأفعال.

[email protected]