يأتي هذا المقال استكمالا للمقال السابق والذي شرحنا فيه مبررات وجود قانون للإفصاح وحق اطلاع الجمهور على المعلومات والبيانات العامة وكيف أن الإفصاح يغرس الثقة ويعزز قيم المواطنة والمشاركة الاجتماعية،وسأركز في هذا المقال على الأهداف والآليات العملية للقانون المقترح والتي يمكن إيجازها بالتالي:
* توعية المجتمع وتأكيد حق الحصول على المعلومات وفقا لأحكام وقيود يضعها القانون
* تشجيع الانفتاح بين الحكومة والجمهور وبث روح النزاهة والشفافية والمساءلة بين القطاع العام والجمهور
* إن تمكين الجمهور من أكاديميين وباحثين وخبراء من المعلومات يعني مشاركتهم بصورة أفضل في تذليل العقبات وفهم الواقع والتفاعل الايجابي في بناء المستقبل بدلا من النقد لأجل النقد
* حماية الجمهور من الإشاعات والبيانات غير الصحيحة والمصادر (غير الرسمية) والتي لا يمكن الاعتماد عليها أو اتخاذها كمرجع وفي نفس الوقت لا يمكن تجاهل تأثيرها في ظل عدم وجود بديل رصين، وأحيانا قد تهز الاشاعات الكاذبة الرأي العام وتبعث القلق وتضلل الجمهور
* في ظل وسائل التواصل الاجتماعي التي أزالت كل الحدود وساعدت على انتشارالمعلومات والبيانات وجعلت المعلومة بمتناول الجميع بأقل مجهود ممكن، وجب على الجهات العامة أن يكون لها الريادة وأن تواكب هذا التطور بمزيد من الانفتاح.
وحتى نخرج من الترف الذهني الى الواقع العملي لابد من وجود آليات كفيله بتطبيق هذا القانون وتفعيله حتى لا تبقى هذه القوانين حبيسة الأوراق، فكثيرمن دول العالم التي ينتشر فيها الفساد - حسب المعايير والمؤشرات العالمية - كانت من أوائل الدول انضماما لاتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد ولكن بدون آليات عمليه واجراءات مؤسسية واضحة تظهرالجدية والرغبة الصادقة للترسيخ القانون ودولة المؤسسات، ومن أمثلة الخطوات العملية ما يلي:
* إصدار قانون الإفصاح مع لائحة تنفيذية يحدد فيها: رسوم تقديم طلب الحصول على المعلومات (لابد أن تكون الرسوم واقعية جدا وتغطي التكلفة فقط) – آلية تقديم الطلب ونماذج الاستمارات – المدة الزمنية – حالات رفض الطلب والتي تتعلق بسرية المعلومات مثل كافة المعلومات الامنية والمعلومات التي تتعلق بخصوصية أفراد وأية معلومات أخرى تكتيكية أو استراتيجية ترى الجهة المعنية أن نشرها قد يجلب ضرر مع بيان الأسباب والمبررات.
* ضرورة وجود دائرة أوقسم مختص في كل جهة يهتم بحفظ المعلومة وترتيبها وسهولة الحصول عليها ويستقبل طلبات الحصول على المعلومات،وقد تسند هذه المهمة لدائرة قائمة.
* ضرورة أن يحتوي الموقع الالكتروني لكل وزارة أو هيئة أوشركة حكومية على الحد الادنى من المعلومات مثل: الهيكل التنظيمي بالكامل واختصاصاته – الخطط والأهداف والمشاريع ذات الصلة بالجهة–القوانين والتشريعات والقرارات ذات الصلة والتي تعمل الجهة بموجبها – تقارير متابعة تنفيذ الخطط حسب البرنامج الزمني والمالي – شرح توصيفي للمختلف المديريات والدوائر والاقسام ومهامها – الميزانية المدققة للعام المنصرم والموارد ذات الصلة بالجهة.
* على الدوائر التي تستقبل مراجعين أن توضح آلية تقديم واستلام الطلبات بكل وضوح مع بيان احصائي للطلبات العام الماضي ،وعدد الموافقات والرفض وأسباب الرفض،ومدة إنهاء المعاملة.
وبعد صدور قانون الإفصاح، لابد من وجود هيئة أو جهة محددة للمتابعة تنفيذ وتطوير قانون الإفصاح ولائحته التنفيذية من كافة الجهات المدنية التي تخضع للتطبيق هذا القانون، إن تطوير مستوى الشفافية ضروري وبالذات في العصرالجديد الذي تعيشه عمان، عصرثقافة الاختلاف والمشاركة الايجابية البناءة والتعبير الحر الواعي والمسؤول من أجل بناء مستقبل أفضل وحتى تصير عمان للشفافية عنوان.

عمار بن حامد الغزالي
[email protected]