جوبا ـ الخرطوم ـ من احمد حنقة والوكالات:
طرد الجيش السوداني، مقاتلي قبيلة (النوير) الموالين لزعيم التمرد في دولة جنوب السودان نائب الرئيس المقال ريك مشار، الذين رفضوا تجريدهم من الأسلحة بعد عبورهم لداخل الأراضي السودانية وتسليم 54 منهم للأسلحة. وقال المتحدث الرسمي باسم الجيش الصوارمي خالد سعد، في بيان له، "إنه بتاريخ التاسع من الشهر الجاري دخلت قوة تقدر بنحو كتيبة مشاة من أبناء قبيلة (النوير) إلى داخل الحدود السودانية قبالة منطقة (هجليج)، وهي في حالة هروب بعد تقدم جيش دولة جنوب السودان نحوعاصمة ولاية الوحدة النفطية (بانتيو)".
وتابع "من جانبنا كقوات مسلحة تعاملنا مع هذه القوة بكل الحسم، فتم تجريد 54 فرداً منهم من أسلحتهم وعوملوا معاملة لاجئين، بينما انسحبت بقية القوة إلى داخل دولة الجنوب بعد أن رفضت التجريد وتم طردها". "وأضاف سعد "نؤكد أن أراضينا الآن خالية من أي قوات أجنبية، وأن القانون الدولي هو سبيلنا في التعامل مع أي حالات مماثلة". وكانت القوات الحكومية بجنوب السودان تمكنت الجمعة من استعادة السيطرة على مدينة (بانتيو) بعد معركة دامت أكثر من ساعتين من قوات المتمردين. وتخوض القوات الحكومية معارك ضد المتمردين بعاصمة ولاية جونقلي (بور)، آخر مدينة يسيطر عليها المتمردين منذ اندلاع أعمال العنف منتصف الشهر الماضي، في أعقاب اتهام الرئيس سلفاكير ميارديت لنائبه السابق مشار بتدبير انقلاب ضده. وأفاد سكان محليون في مدينة بور بأن قوات الحكومة دخلت المدينة عصر السبت بعد معارك طاحنة مع قوات مشار.
ولاتزال المفاوضات الجارية بين الطرفين بإثيوبيا متعثرة بسبب إصرار وفد المتمردين على إطلاق سراح المعتقلين في الأحداث أولاً ثم الدخول في تفاوض بشأن وقف إطلاق النار. وأوفدت الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (إيقاد) اليوم ثلاثة من وسطائها لجنوب السودان للقاء مشار لإقناعه بالهدنة بعد رفض الرئيس ميارديت إطلاق سراح المعتقلين. على صعيد متصل اعلنت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة الاحد ان حوالى عشرة الاف شخص فروا من المعارك الدائرة في جنوب السودان ولجأوا الى السودان. وقال مسؤول العلاقات الخارجية في المفوضية نيكولاس براس ان "عشرة الاف هو الرقم المؤكد للذين عبروا الحدود هربا من المعارك". وبذلك، يكون السودان ثاني بلد من حيث استقباله هذا العدد من النازحين السودانيين الجنوبيين الذين يفرون من المعارك المستمرة بين قوات الرئيس سلفا كير والمتمردين بقيادة نائبه السابق رياك مشار. ووفقا للامم المتحدة فان 32 الفا لجأوا الى اوغندا بينما بلغ عدد الذين لجأوا الى اثيوبيا وكينيا عشرة الاف. من جهة اخرى التقى الوسطاء الافارقة والموفد الاميركي الى جنوب السودان السبت رياك مشار زعيم المتمردين الذين يقاتلون القوات الحكومية منذ شهر ولا يزالون يسيطرون على مدينة بور الاستراتيجية. وقال بيان للمتمردين ان "الموفد الاميركي الخاص الى جنوب السودان والسودان دونالد بوث والوسطاء الاقليميين توجهوا الى موقع سري في جنوب السودان للقاء رياك مشار"، من دون اعطاء تفاصيل اضافية. وعلق الوسطاء الذين من الممكن ان يلتقوا الاثنين الرئيس سلفا كير، السبت اجتماعهم في العاصمة الاثيوبية بانتظار ردود من الفريقين المتحاربين بشأن مشروع لوقف اطلاق نار فوري اثر المعارك التي اندلعت في 15 ديسمبر بين الجيش الموالي لسلفا كير ووحدات من المتمردين الذين يأتمرون بنائب الرئيس السابق رياك مشار. والعقبة الرئيسية امام اي هدنة في المعارك التي تدمر هذه الدولة الفتية تتعلق خصوصا بالافراج عن 11 مقربا من رياك مشار اعتقلهم سلفا كير مع انطلاق المعارك. ويطالب معسكر مشار بان يشارك هؤلاء في المفاوضات، في وقت يريد سلفا كير محاكمتهم. وبحسب المتمردين، لا تزال القوات الحكومية في جنوب السودان تحاول استعادة السيطرة على بور، اخر مدينة استراتيجية لا تزال تحت سيطرة المتمردين في ولاية جونقلي بعد انسحابهم الجمعة من مدينة بنتيو النفطية في ولاية الوحدة. وقال المتحدث باسم المتمردين الجنرال لول رواي كوانغ "لا نزال نسيطر على مواقعنا، لكن القوات الحكومية تقصفنا"، من دون التمكن من توضيح ما اذا كانت تدور معارك مباشرة في هذه المدينة الواقعة على بعد 200 كلم في شمال جوبا. لكن فداحة الدمار الناجم عن هذه الحرب بين حلفاء الامس خلال حرب الاستقلال وخصوم اليوم، لا تزال تتكشف يوما بعد يوم. وشاهد مصور في وكالة الأنباء الفرنسية قام بالتصوير في قرى بمحيط بنتيو عددا كبيرا من الجثث على الطرق ومنازل محروقة لا يزال الدخان يتصاعد منها. وبث القمر الاصطناعي "سنتينل بروجكت" الذي اسسه نجم هوليوود الممثل جورج كلوني، صورا لمنازل واسواق مدمرة في بلدتي مايوم بولاية الوحدة وبور التي يحاول الجيش استعادتها للمرة الثانية خلال شهر. وقال كلوني في بيان "يجب جمع شهادات عن فظائع ضد المدنيين واستخدامها في ملاحقات قضائية مستقبلية لجرائم حرب. لن يحل السلام اذا بقيت الانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان من دون عقاب". وأضاف "هذه المرة، جنوب السودان بحاجة لأن يشهد نهاية للافلات من العقاب".