المعارضة تتهم الحكومة باستغلال النفود وتشرذمها يمنعها من الاستفادة من الأزمة
دانزيج (بولندا) ـ وكالات: قال رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك أن فضيحة التنصت التي نتجت عن نشر مجلة "فيبروست" الإخبارية تسريبات لساسة بولنديين تهدد استقرار بولندا وأن كل المؤشرات تدل على أن هذه الفضيحة "عمل مخطط له" ولا يضر بسمعة الحزب الحاكم بل يشل الدولة في لحظة حرجة من تاريخ أوروبا وأوكرانيا.
كما أكد توسك أنه لن يتخذ أي إجراءات ضد سياسيين "ذنبهم أنهم عبروا عن آرائهم بلا رقيب خلال محادثة سرية".
وأدت هذه التسريبات إلى تعرض وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي للانتقاد بشكل خاص وذلك لأنه تحدث مع وزير المالية البولندي آنذاك، جاسيك روستوفسكي، بشكل غير لائق عن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ووصف الشراكة بين بولندا والولايات المتحدة بأنها مضرة بالمصالح البولندية واعتبر سياسة توسك خاطئة.
وقال توسك :"سأهتم بتقييم أسلوب (هذه التسريبات) عندما يتدخل القانون وعندما نستعيد الشعور بالاستقرار مرة أخرى ونستعيد أمن المؤسسات".
وقلل سيكورسكي خلال المحادثة التي تم التنصت عليها من قيمة التحالف مع الولايات المتحدة ووصفه بأنه "لا يساوي شيئا"، طبقا لمقتطفات من نص محادثة سابقة له نشرتها المجلة.
ووصف سيكورسكي التحالف أيضا بأنه خطير لأنه يمنح بولندا شعورا زائفا بالأمن.
وتابع الوزير "انها سخافات تماما! اننا ندخل في نزاع مع المانيا وروسيا ونعتبر ان كل شيء على ما يرام لاننا تزلفنا للاميركيين، انها السذاجة بعينها".
وقالت متحدثة باسم مجلة فبروست إنه تم تسجيل المحادثة في نهاية شهر يناير أو مطلع فبراير، الماضي.
وفي ذلك الوقت كانت بولندا محبطة من بطء الاستجابة الغربية إزاء الأزمة الأوكرانية التي أفضت إلى الإطاحة بالرئيس فيكتور يانوكوفيتش وانضمام القرم إلى روسيا وأعمال انفصالية موالية لروسيا في شرق أوكرانيا.
ورفضت متحدثة باسم الحكومة التعليق على هذه المقتطفات قائلة إن بيانا سيصدر بعد صدور التسجيل كاملا.
واخذت فضيحة التنصت غير القانوني على رجال السياسة التي تهز بولندا منذ عشرة ايام، منحى جديدا بعد نشر اسبوعية فبروست تصريحات سيكورسكي.
وسرعان ما رد سيكورسكي أمس من لوكسمبورغ حيث يشارك في اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي، قائلا ان "الحكومة تعرضت لهجوم من مجموعة اجرامية منظمة وآمل ان يتعرف القضاء على اعضاء المجموعة وخصوصا على عقولها المدبرة". ورفض السفير الاميركي في وارسو دي. ستيفن مول التعليق على "محادثة خاصة" وقال ان "تحالفنا قوي".
وصرح المحلل السياسي اندري ريتشارد لفرانس برس ان "تلك التصريحات ليست مضرة بالحكومة، بل على العكس انها تدل في جوهرها على قلق المتحدثين باسم الحكومة، ان ما يثير الصدمة هي اللغة العامية المستعملة".
واضاف "بشان التحالف مع الولايات المتحدة، في الواقع عبر سيكورسكي عن شعور قسم كبير من الراي العام البولندي. لا ننسى ان المحادثة تعود الى يناير، اي قبل ازمة اوكرانيا بكثير وتغيير موقف واشنطن السياسي".
وقد اثارت اسبوعية فبروست زوبعة سياسية بكشفها قبل ثمانية ايام محادثة خاصة بين حاكم البنك المركزي مارك بيلكا ووزير الداخلية برتولوميي سينكييفسكي.
وتحدث المسؤولان بحرية في يوليو 2013 عن مساعدة محتملة من البنك المركزي لميزانية الدولة مقابل استقالة وزير المالية حينها ياسيك روستوفسكي الذي تنحى بعد ذلك من منصبه.
ودعت المعارضة اثر كشف تلك المحادثات التي اعتبرت استغلال نفوذ، الى استقالة حكومة دونالد تاسك.
وانخفضت شعبية حزبه (يمين الوسط) الى 25% متأخرة كثيرا عن اكبر احزاب المعارضة القانون والعدالة (محافظ) التي تقدر شعبيته بحوالى 32%.
واشتد التوتر بعد محاولة النيابة والاجهزة الخاصة ضبط التسجيلات الاصلية من مقر الصحيفة.
وذهب تاسك الى حد التحدث عن احتمال تنظيم انتخابات مبكرة، لكنه استبعد أمس اي اجراء سياسي اخر، مشددا على ضرورة التعرف على المسؤولين عن ذلك التنصت غير القانوني.
وصرح للصحافيين ان "هذا العمل يزعزع الدولة البولندية ويضعف قوة عمل الحكومة البولندية على الصعيد الدولي".
واضاف بالحاح "لن استخلص العبر من اشخاص ذنبهم الوحيد التحدث بلغة عامية".
واعتبر المحلل السياسي برتوز بسكوب ان "هناك 75% من الفرص كي تستمر الحكومة" حتى نهاية ولايتها في ربيع 2015 لان المعارضة ليست متماسكة بما فيه الكفاية كي تحصل على استقالتها.
وشكلت الاجهزة البولندية الخاصة مجموعات محققين خاصة للبحث عمن دبر ونفذ عمليات التسجيل.
وتكهنت وسائل الاعلام بشان "مؤامرة" حاكها خدم قد يكونون سجلوا محادثات رجال اعمال وسياسة في المطاعم التي يعملون فيها.
وقبل ذلك اقترحت وسائل اعلام وسياسيون ان التسجيلات قد تكون من فعل اجهزة خاصة روسية بهدف زعزعة استقرار بولندا على خلفية الازمة الروسية الاوكرانية.