[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/suodalharthy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سعود بن علي الحارثي[/author]
بعد أن استرد الموظف توازنه الذي فقده لأكثر من دقيقة بفعل ذلك التأنيب، وبعد أن خفت علامات الاستغراب والدهشة اللتين عقدتا لسانه، وهو الذي ـ لم يخرج عن إطار الأدب في طرحه لآرائه وملاحظاته أمام المسؤول، ولم يتجاوز حتى تعليمات المسؤول نفسه، ولم تختلف نواياه لحظة مع ما نطق به لسانه أمانة وإخلاصا وحبا للمؤسسة والمنتمين إليها ـ حاول بأدب جم وأسلوب يحمل كل علامات الاحترام والتقدير أن يبين ويؤكد أن مقصده بعيد كل البعد عما أشير له...

لا يمكن أبدا أن يكون صحيحا ما قلته للتو، لا بد من أن قولك يخالف الحقيقة ويجانبه الصواب أو تتزود في تقييمك للوضع وتبالغ في طرح الملاحظات العديدة التي ما تفتأ تؤكد عليها، إن الأخطاء والثغرات التي تذكرها وتشدد على سرعة معالجتها وتقدم تفصيلا مملا عن مسبباتها وآثارها السلبية، وتطرح الأفكار تلو الأفكار التي تزعم بأنها نافعة للمعالجة والإصلاح والتطوير قد سببت لي الإزعاج والغضب فعلا، وذلك من حيث، أولا: إنني مقتنع بأن ما ذكرته عارٍ تماما من الصحة، فالأخطاء التي أشرت إليها لا وجود لها على الإطلاق في مؤسستنا وأنا كمسئول أعلى فيها أتحمل نتائج هذا النفي، وقادر على تبيان الأوجه التي أستند إليها متى ما تطلب الأمر واحتاج إلى تبيان. ثانيا: لأنك قد سببت لي الإرهاق والإحراج معا وأنت تطرق مسامعي بتلك الملاحظات والآراء الناقدة في الاجتماعات الرسمية وأمام سمع وبصر الحاضرين، أما إذا كنت ترغب لأهداف ما في نفسك أن تلبسني الأخطاء، وتشيع عني من المساوئ الإدارية التي لا أقرها على نفسي فذلك أمر آخر وحماقة منك لا يمكنني السكوت عليها، خاصة إذا ما أصررت على التمادي في هذا الطريق الذي سوف يكلفك الكثير. ثالثا: إن مضمون الحديث الذي تسمعني إياه في إصرار واضح كلما واتتك الفرصة لا يحمل إلا معنى واحدا وهو أن إدارتي تعتمد على مناهج وأسس قديمة، وبأنها مقصرة في تلافي الأخطاء وفي مراجعة وتقييم واقع المؤسسة، وعاجزة عن خلق البيئة المناسبة وتهيئة الأجواء التي تساعد على التطوير والارتقاء، وهي اتهامات خطيرة تنالني بشكل شخصي، وتجاوز منك غير مقبول على الإطلاق، وعليك في الأيام القادمة أن تضع نفسك في إطارها الصحيح وأن تدرك مع من تتحدث. أخيرا: إن ما تدعيه من أن كل الموظفين في المؤسسة محبطون بسبب معاناتهم من عدد من الأخطاء الإدارية ونقص الحوافز ادعاء ينقصه الدليل خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار رواتب الموظفين المجزية مقارنة ببقية المؤسسات والعلاوات الاستثنائية والمزايا المختلفة التي لم يكونوا ليحلموا بها... إن إصرارك البغيض على إثارة هذه القضايا بحجة اهتمامك بمستقبل المؤسسة وإخلاصك لوظيفتك وحرصك على سمعتي هي مبررات واهية، تحركها غايات مبطنة تقصد منها توطيد مكانتك في المؤسسة.
بعد أن استرد الموظف توازنه الذي فقده لأكثر من دقيقة بفعل ذلك التأنيب، وبعد أن خفت علامات الاستغراب والدهشة اللتين عقدتا لسانه، وهو الذي ـ لم يخرج عن إطار الأدب في طرحه لآرائه وملاحظاته أمام المسؤول، ولم يتجاوز حتى تعليمات المسؤول نفسه، ولم تختلف نواياه لحظة مع ما نطق به لسانه أمانة وإخلاصا وحبا للمؤسسة والمنتمين إليها ـ حاول بأدب جم وأسلوب يحمل كل علامات الاحترام والتقدير أن يبين ويؤكد أن مقصده بعيد كل البعد عما أشير له في ذلك الخطاب المبطن بالاتهامات وعبارات التهديد والوعيد، موضحا مرة تلو المرة على أن حرصه على خدمة المؤسسة وعلى بقاء حبل الود غير منقطع مع المسؤول، وإيمانه العميق بأن الأيام كفيلة بإظهار الحقيقة كلها أسباب تحمله على التغاضي عن كل الإساءات التي وجدها... موقف أقنعه بأن التغيير الذي يحلم به بعيد كل البعد عن الواقع ما دامت الإدارة الحالية باقية على رأس المسؤولية في المؤسسة، موقف دفعه للانحناء للعاصفة ضامنا بأن راتبه الذي يعتمد عليه كلية في تصريف شؤونه وشؤون أسرته سوف يلقى طريقه نحو رصيده البنكي مع نهاية كل شهري ميلادي.

سعود بن علي الحارثي
[email protected]