[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/fayzrasheed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. فايز رشيد[/author]
بالتأكيد, فإن فقد التنظيم الإرهابي للآلاف من عناصره, وتحجيم منابره الإعلامية, كما الإعلام الموجّه ضده, دفعه إلى تبنّي طرق وأساليب جديدة للبقاء, وإعادة السيطرة منتهجا سياسة "حرب العصابات", وتكوين "بؤر" في مناطق نائية عن المعارك ضده. هذه السياسة ليست حديثة الاستخدام, بل معروفة منذ القرن الزمني الماضي, وسبق واستخدمها "داعش" أيضا للتملص من المواجهة المباشرة الخاسرة في جبهات كثيرة في سوريا والعراق في السنة الأخيرة تحديدا بشكل خاص..

بالتأكيد, فإن ما استنتجته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية, من أنه وفي ظل فقدان تنظيم "داعش" الإرهابي أراضي في سوريا والعراق, فإنه يتحول إلى شن هجمات منفردة في هذه المنطقة أو تلك, هجمات قاتلة ومباشرة على أهداف مدنية مثل سلسلة من التفجيرات الانتحارية التي وقعت بالعراق الأسبوعين الماضين وفي بعض المناطق السورية .ذلك يتماهى مع ما طرحه كاتب هذه السطور, في مقالة في العزيزة "الوطن", فحواها أن الانتصار على "داعش"، بل حتى أفوله لا يعني انعدام خطره. للأسف فإن "داعش" أيضا ليس فقط ما يمتلكه من أسلحة, لكنه فكر أيضا, استطاع أن يلم حوله الكثير من الشباب العربي, الذين يعيشون ظلما بأشكال مختلفة في بلدانهم, ووجدوا في هذا التنظيم الإرهابي متنفسهم!
وأضافت الصحيفة ـ في سياق تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني منذ أيام ـ أنه في ثلاثة أيام متتالية من التفجيرات في بغداد, قتل التنظيم الإرهابي أكثر من 100 شخص. وفي أعقاب الهجمات الإرهابية في لندن وفي الولايات المتحدة, قال مسؤولون غربيون وإقليميون: إنهم يرون مزيدا من الدلائل على عودة المسلحين مجددا إلى شن أنشطة التمرد على غرار حرب العصابات, التي تعتمد بشكل متزايد على الهجمات الانتحارية. من جهة أخرى, نقلت الصحيفة عن المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية العميد سعد معن, قوله: إن أحدث الهجمات الإرهابية في العراق تنبع من حاجة "داعش" أن يكون له تأثير, بعيدا عن ساحة المعركة.
وأضاف إنه: "من المعروف أنه كلما كان هناك انتصار عسكري ضد "داعش", فإنه يلجأ إلى ارتكاب هذا العمل الإجرامي الجبان باستخدام سيارات مفخخة أو انتحاريين لقتل الأبرياء", وذلك في معرض تعقيبه على ثلاثة تفجيرات انتحارية أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 88 شخصا, إضافة إلى هجوم انتحاري جرى في أحد مقاهي بغداد أودى بحياة 13 شخصا على الأقل. ولفتت الصحيفة الأميركية إلى أن "داعش" لا يزال عدوا لدودا في العراق وسوريا على الرغم من ما يقرب من 12 ألف ضربة جوية تلقاها.
بالتأكيد, فإن فقد التنظيم الإرهابي للآلاف من عناصره, وتحجيم منابره الإعلامية, كما الإعلام الموجّه ضده, دفعه إلى تبنّي طرق وأساليب جديدة للبقاء, وإعادة السيطرة منتهجا سياسة "حرب العصابات", وتكوين "بؤر" في مناطق نائية عن المعارك ضده. هذه السياسة ليست حديثة الاستخدام, بل معروفة منذ القرن الزمني الماضي, وسبق واستخدمها "داعش" أيضا للتملص من المواجهة المباشرة الخاسرة في جبهات كثيرة في سوريا والعراق في السنة الأخيرة تحديدا بشكل خاص, وهي تعتمد على المراوغة والتحول من جبهة خاسرة إلى جبهة يكون أكثر قوة فيها. "داعش" استفاد من دروس حركات التحرر الوطني مع الفارق الكبير بين الحالتين, فتلك حركات تحرر ضد الاستعمار, و"داعش" تنظيم إرهابي, أوجده أسياده للإساءة إلى الإسلام وتفتيت الدول العربية, وإشعال الحروب الطائفية في العالم العربي لصالح العدو الصهيوني وحلفائه.
بغض النظر عن الطرق الإرهابية المختلفة التي يمارسها "داعش", لكن الخبراء العسكريين صنفوها على أنها "حرب عصابات" (رغم الظلم والحالة هذه, الذي يلحق بحركات التحرر الوطني!) تختلف عن استراتيجيات وتكتيك الجيوش العسكرية المنظمة, لكن الخبراء أيضا, يضيفون: أن "داعش" تمكن من تطوير أساليب الحرب العصابية, كون عملياته الإرهابية أكثر إنهاكًا للجيوش النظامية نفسها, ذلك, لما حققته من نجاحات كبيرة في سنوات سابقة. تنظيم "داعش" انتهج أكثر من وسيلة في هجماته المفاجئة, فأحيانًا يلجأ لحرب الشارع والمواجهة المباشرة, وآخر للزحف ليلًا, ما جعله أشبه بـ"الحرباء" التي تغير لونها, لتنفذ مخططها بالاختفاء ومباغتة فريستها. يفترض كاتب هذه السطور, المستحيل, عندما يتمنى, لو أن "داعش" أخذ على عاتقه محاربة الجيش الصهيوني! ولكن "داعش" يحارب العرب والعالم, ولا يطلق طلقة واحدة باتجاه عدو الدنيا والدين!
تنوع أسلوب "داعش" وتكتيكاته العسكرية, وفقا للخبراء العسكريين, سواء في التنظيم أو في الهجوم أو الدفاع, منذ الإعلان عن إقامة دولته المزعومة عام 2014 في سوريا والعراق حتى الآن, وحرصه على نقل تلك الأساليب إلى الأماكن التي تتواجد فيها عناصره, وهو ما استنسخه الإرهابيون في سيناء "تنظيم أنصار بيت المقدس", في هجماتهم ضد قوات الجيش والشرطة المصرية, يجعل منه قوة إرهابية مؤثرة.
المقصود، القول إن "داعش" ينتهج تكتيكات عسكرية جديدة, في محاولة لإثبات قدراته ويده الطويلة, الأمر الذي يحتم على العالم العربي, ليس محاربته عسكريا فحسب, بل محاربة فكره وأيديولوجيته بوسائل فعالة تصل إلى عقول وقلوب الشباب العربي.