كل يوم يمر من عصر النهضة الزاهر الذي نعيش في أكنافه، يتأكد لنا عبر التطبيق العملي ذلك الحرص السامي من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ رائد النهضة الأول وموقد جذوتها على أن يحقق كافة الآمال والطموحات المنوطة بعملية التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية في كافة أبعادها، انطلاقًا من الثوابت والأهداف والغايات التي جاءت من أجلها النهضة المباركة، فمتوالية العطاءات والاهتمام من لدن جلالته ـ أيده الله ـ لا تزال ينابيعها تجري في ربوع هذا الوطن لتروي إنسانه وترابه، في مشهد يومي يزرع الطمأنينة والاستقرار والهدوء في الأنفس، ويؤكد الأمل في المستقبل بأن الاستراتيجية للتنمية ماضية في طريقها حتى التحقيق الكامل، وأن العاطفة الأبوية ومعايير الإنسانية لدى حادي مسيرة النهضة المباركة لهذا الوطن لها خصوصيتها واستثناءاتها في هذا الزمن، ولها ميزان آخر له خصائصه في العدالة والإنصاف، من حيث الالتزام الأبوي التام، والالتزام الأخلاقي والمسؤولية الوطنية تجاه هذا الوطن وأبنائه الأوفياء، وأهمية الوقوف على حاجاتهم والالتزام بالعمل على استيفاء هذه الحاجات، فيصدر أوامره السامية وتوجيهاته الرشيدة بتوفير سبل الراحة والعيش الكريم لكل من استمع إلى/أو علم متطلباته.
وانطلاقًا من هذا الالتزام الأبوي والعاطفة الجياشة، والمسؤولية الوطنية والأخلاقية تجاه أبناء عُمان الأوفياء، جاء تأكيد مجلس الوزراء في بيانه أمس بالمضي قدمًا في تنفيذ الخطوات الكفيلة بمواصلة رعاية شباب هذا الوطن العزيز، وتنمية قدراتهم والاستفادة من طاقاتهم للإسهام بفاعلية في مسيرة التنمية الشاملة التي تعيشها البلاد في هذا العهد الزاهر، واضعًا الخطط والبرامج لتهيئة فرص العمل المناسبة للقوى العاملة الوطنية، وعاكفًا طوال العام على إيجاد المعالجة المستدامة لهذا الموضوع من كافة جوانبه.
ولما كانت قضية الباحثين عن عمل من بين القضايا التي تحظى بالاهتمام من قبل القيادة الحكيمة ومن قبل مجلس الوزراء الموقر، فإنه ليس ثمة ما يبعث على القلق أو الخوف، خاصة وأن تنمية الإنسان العماني هدف للنهضة المباركة وأحد ثوابتها التي جاءت من أجلها؛ فالمجلس الموقر حريص على تحويل توجيهات جلالة السلطان المعظم ـ أبقاه الله ـ بالاهتمام بقطاعات الشباب وبتوجهات التعمين إلى واقع عملي ملموس، وعبر رؤية علمية موضوعية تنهض على أساس تهيئة هؤلاء الشباب وتسليحهم بالإمكانات التي تمكِّنهم من الفوز بأفضل فرص العمل المتاحة مهما كانت تخصصيتها أو تعقيداتها الحاصلة الآن والمرتبطة بالمناخ الاقتصادي الدولي العام الذي فرض تداعياته على الاقتصادات العالمية جراء انهيار أسعار النفط، وما تسبب فيه من تسجيل الموازنات العامة للدول من عجوزات ضخمة، وتراجعات في مستوى الأداء الاقتصادي، وهو ما يجب أيضًا أن يكون محل تفهم وتقدير.
ويأتي قرار مجلس الوزراء الموقر في جلسته المنعقدة يوم الثلاثاء الموافق الـ3 من أكتوبر 2017م بتوفير فرص عمل للقوى العاملة الوطنية لعدد (000ر25) خمسة وعشرين ألف باحث عن عمل كمرحلة أولى في مؤسسات الدولة العامة والخاصة، لفتة سخية من جلالة القائد الأب الكريم، وتعبيرًا صادقًا عن مدى الاهتمام السامي من لدن جلالته ـ أعزه الله ـ بأبنائه الأوفياء، وحرصًا من مجلس الوزراء على ترجمة هذا الاهتمام في سياقاته الوطنية، وأهدافه وغاياته السامية التي تنشد الخير والاستقرار والطمأنينة والعيش الكريم لأبناء هذا الوطن العزيز دون تمييز، وهو قرار له وقعه الكبير في الأنفس، وفي إشاعة مشاعر الارتياح وتجديد الولاء والانتماء لهذا الوطن ولقائده المفدى ـ حفظه الله ورعاه.
إن الحقيقة التي لا تقبل الجدال اليوم، ولا حتى القسمة على اثنين، والتي لا نزال نؤكدها مرارًا وتكرارًا هي أن مناخ السلام والأمن هو الأرضية التي لا بد منها لتنهض على ترابها صروح النهضة، وتترسخ إنجازاتها عامًا بعد عام، ويضاف إلى رصيدنا الحضاري صفحات جديدة في كتاب الزمن حتى تأتي الأجيال القادمة محملة بشعور الفخر والاعتزاز لما أنجزه الأولون، وليجدوا بنية أساسية قوية راسخة يقيمون عليها ما يستجد من مشروعات تنموية تتناسب وروح العصور القادمة. وإيمانًا بهذه الحقيقة لا بد أن ترتقي الخطوات العملية المتخذة لترسيخها، ولذلك نرى في دعوة مجلس الوزراء الموقر جميع المؤسسات الخاصة إلى المبادرة وتحمُّل مسؤولياتها الوطنية في مجال التشغيل وتوفير بيئة العمل الجاذبة للعمانيين، وإلى إيلاء التعمين والإحلال الأولوية القصوى في برامجها ومشاريعها، وتنويه المجلس بأن هناك إجراءات سوف تتخذ تجاه من لا يتعاون مع جهود الحكومة في مساعيها الرامية لدعم سياسات التشغيل والتعمين، نرى في ذلك خطوة جيدة على طريق تحقيق الآمال والطموحات والتقدم والتطور والاعتماد على الذات.
حفظ الله جلالة السلطان المعظم وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة، وأمد في عمره، وأسبل عليه ثوب الصحة والعافية.