[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/alibadwan.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]علي بدوان[/author]
وكالة (أونروا)، ورغم صراع الصدمات اليومية، مدعوة كل يوم للاستجابة للحالات والأوضاع الحرجة التي تُحيط بلاجئي فلسطين، وتوسعة تلك الاستجابة ما أمكن، في سوريا، وفي عموم الأرض المحتلة بشكل خاص. فوكالة (أونروا) مدعوة، للتحرك وبسرعة على كل المستويات الدولية، ومعها منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية وعموم الدول العربية والإسلامية، من أجل بلسمة جراح فلسطينيي سوريا..

بعيدا عن حجم التقصير والتراجع الذي يُسجل على عمل الوكالة في السنوات الأخيرة في مهامها المنوطة بها تجاه مجتمع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا ومناطق عملياتها الخمس، إلا أن دورها الملموس الأخير تجاه فلسطينيي سوريا بات واضحا، ويفترض أن يتطور أكثر فأكثر لجهة توفير ما هو مطلوب للفلسطينيين في سوريا في ظل محنتهم الأخيرة. فوكالة الأونروا، ووفق مسؤولياتها القانونية والأخلاقية والأممية، معنية بتقديم كل المساعدات المُمكنة للاجئين الفلسطينيين طبقا لقرار إنشائها عام 1949 بجوانبها المتعلقة بالإغاثة الاجتماعية والصحية والتعليمية.
لقد عَمِلت الوكالة على تقديم مساعدات مالية ومباشرة لكل أسرة فلسطينية لاجئة حسب عدد أفرادها بشكل دوري كل ثلاثة أشهر، مع تقديم مساعدات عينية من مواد تموينية وغيرها لعموم اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، إضافة للملابس والبطانيات وغيرها، إلا أن تلك المعونات العينية والمساعدات المالية ما زالت متواضعة قياسا لما هو مطلوب، وما زال مطلوبا من المجتمع الدولي التبرع والسخاء المالي للوكالة من أجل زيادة تلك المساعدات التي يجري تقديمها للاجئي فلسطين في سوريا ولعموم اللاجئين الفلسطينيين في المناطق الخمس لعمل الوكالة.
إنَّ وكالة الأونروا، قامت وما زالت تقوم بدور كبير ومؤثر، في المساعدة على التخفيف من وقع الأزمة وتداعياتها على أبناء فلسطين في سوريا، من خلال برامجها الطارئة والمستعجلة المطروحة على جدول أعمالها اليومي، في تقديم المساعدات النقدية، والمساعدات العينية الغذائية بشكل دوري ومستديم على أربع دفعات خلال العام الواحد، منذ منتصف العام 2012 وحتى الآن. عدا عن إدارتها لعدد من مراكز الإيواء الموجودة بدمشق، والتي يُقيمُ فيها مئات العائلات ذات العُسرِ الشديد من لاجئي فلسطين في سوريا، كمركز إيواء حيفا والمجدل بمنطقة المزة، ومركز إيواء الــ(DTC) التابع للوكالة بدمشق.
فوكالة الأونروا تُدير الآن وسط مجتمع لاجئي فلسطين في سوريا، برنامجين للتوزيع الطارئ: برنامج غذائي وبرنامج نقدي، وأن التبرعات المقدمة من المانحين مثل مكتب العمليات الأوروبي للحماية المدنية والمساعدات الإنسانية، تتيح للوكالة توزيع مخصصات نقدية للاجئي فلسطين المُعرضين للمخاطر في سائر أرجاء سوريا. حيث تقول مصادر الوكالة ومعطياتها المتوافرة إلى أن نحو (340) ألف فرد، منهم نحو (254) مُهجّرين داخليا، يعتمدون بالكامل على المعونة الطارئة النقدية والعينية التي تُقدمها وكالة الأونروا.
الوكالة تقوم أيضا بتنفيذ برامجها الاعتيادية التي لم تتوقف في الصحة والتربية والتعليم والإغاثة الاجتماعية، حيث قامت الوكالة بافتتاح عشرات المدارس البديلة عن المدارس التي دُمّرت أو تضررت في عدد من المخيمات والتجمعات الفلسطينية، واستطاعت بذلك أن تُصحح مسار التربية والتعليم بالرغم من هول الكارثة التي وقعت، والإضرار الكبرى التي طالت مؤسسات الوكالة وبناها التحتية كالمدارس والمستوصفات ومراكز التأهيل والمنتديات الاجتماعية في أكثر من مكان، وخاصة مخيم اليرموك، حيث طاولت عملية التدمير نحو أربعين من منشآت الوكالة، والتي كانت قد خرجت عن الخدمة أصلا منذ منتصف العام 2012 نتيجة استباحة مخيم اليرموك، وكذا الحال بالنسبة للعديد من المخيمات والتجمعات الفلسطينية فوق الأرض السورية.
ورغم ما قد يُسجّل ويُقال من ملاحظات، فإن عمل وكالة الأونروا، هام وضروري، واستمرار دورها أمر لا بد منه نظرا لما تحمله الوكالة في مضمون إنشائها من عنوان سياسي كبير وعريض يتعلق بحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة لأرض وطنهم التاريخي في فلسطين، فعمل الوكالة ينتهي مع تنفيذ القرار الدولي الرقم (194) القاضي بحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة. ومن هنا تبرز أهمية استمرار عملها وأدائها لوظيفتها المنوطةِ بها، عدا عن مايحمله وجودها واستمراها من معنى سياسي عميق باعتبارها الشاهد التاريخي، والأممي، والقانوني، على نكبة الشعب الفلسطيني وعملية التطهير العرقي والترانسفير التي جرت عام 1948 وما زالت فصولها تجرجر نفسها حتى الآن.
إنَّ الأعباء المُتزايدة على عمل وكالة الأونروا، تَظهَر الآن من خلال تراجع مداخيلها المالية المقدمة لها من الدول المانحة والجفاف المتواصل في إيراداتها، مع تزايد حاجات مجتمع اللاجئين الفلسطينيين، حيث يُعَدّ المجتمع الفلسطيني في سوريا على سبيل المثال مجتمعا فتيّا، تتسع قاعدته العمرية الصغيرة بإطّراد مع مرور الزمن. كما في بروز الأزمات المتتالية في واقع اللاجئين الفلسطينيين عموما، تارة في قطاع غزة بسبب من حصار الاحتلال، وتارة في لبنان.
وكالة (أونروا)، ورغم صراع الصدمات اليومية، مدعوة كل يوم للاستجابة للحالات والأوضاع الحرجة التي تُحيط بلاجئي فلسطين، وتوسعة تلك الاستجابة ما أمكن، في سوريا، وفي عموم الأرض المحتلة بشكل خاص. فوكالة (أونروا) مدعوة، للتحرك وبسرعة على كل المستويات الدولية، ومعها منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية وعموم الدول العربية والإسلامية، من أجل بلسمة جراح فلسطينيي سوريا، والعمل على إعادة بناء البنية التحتية المُدمرة في بعض المخيمات الفلسطينية فوق الأرض السورية في المرحلة التالية، ومنها مربعات مخيم اليرموك، وخاصة منها المربع الأول الواقع على مداخل اليرموك والملاصق لمدينة دمشق تماما من جهة الجنوب قليلا.
وعليه، إن لاجئي فلسطين في سوريا، ينتظرون اليوم قبل الغد، الجهود الاستثنائية المطلوبة من وكالة (أونروا)، بما في حزمة مالية جيدة تقدم لهم من المجتمع الدولي عبر وكالة (أونروا)، كي يستطيعوا إعادة بناء حياتهم ومنازلهم التي تم تدميرها في مخيم اليرموك وباقي التجمعات الفلسطينية فوق الأرض السورية.
إنَّ وكالة الأونروا تَعبُر مرحلة صعبة وحرجة في حياتها، بل ومنذ نشوئها وتأسيسها بقرار أممي عام 1949 نظرا للظروف القاسية التي تَعمل من خلالها في أقاليم عملياتها الخمس (سوريا، لبنان، الأردن، قطاع غزة، القدس والضفة الغربية)، وفي سوريا على وجه التحديد في الوقت الراهن، نتيجة الأعباء المتزايدة على عاتقها، ووجود دور خفي أميركي صهيوني يعمل على محاولة إنهاء وظيفة الوكالة وإحالتها للتقاعد. وبالتالي القضاء عليها كشاهد حي على نكبة فلسطين، ووأد حق العودة للاجئي فلسطين.
وهنا، إن حماية الشاهد الحي على الظلم التاريخي الذي وقع بحق الشعب العربي الفلسطيني، مسألة لا تقبل المناقشة، وعلى الحالة العربية الرسمية، والجهات الفلسطينية المعنية، الوقوف في وجه محاولات إنهاء عمل الوكالة، بل وتحفيز المجتمع الدولي على رفع مستويات دعمه المالي والعيني للوكالة، من أجل ضمان استمرارها في خدمة مجتمع اللاجئين الفلسطينيين إلى حين عودتهم إلى أرض وطنهم التاريخي وفقا لقرار قيام الوكالة عام 1949م.