[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/adelsaad.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]عادل سعد[/author]
من النصيحة أيضا لهؤلاء المعارضين السوريين أن تخشبهم وانغلاقهم وتطاولهم على الحقائق لا يمكن أن يخدمهم بأي حال من الأحوال، وسيجدون أنفسهم, بل وجدوها الآن عارية من كل الأوراق التي كانوا يسترون فيها رؤيتهم السياسية.

لو أن المنطق والحقائق على الأرض تحكم تصرف بعض أركان المعارضة السورية إزاء التطورات العسكرية المتلاحقة التي تجري لصالح الجيش العربي السوري، لكانت هذه الشخوص المعارضة قد غيرت قناعاتها باتجاه الانخراط في خريطة طريق واضحة لحل الأزمة، تنتهي بإيقاف مفردات الحرب والخصومة، والتأسيس لواقع سياسي جديد يضمن لجميع السوريين إعادة إعمار بلادهم التي خربتها الحرب.
لو أن بعض شخوص هذه المعارضة يتابعون بدقة المتغيرات الإعلامية التي تشير إلى انتصار الدولة السورية القائمة ـ رغم كل الضجيج والتشويه والتشويش المخالف لهذه الحقيقة ـ لكانوا قد غيروا مفردات تعاطيهم مع الحدث السوري بعيدا عن القناعات المسبقة التي ظلوا يعتاشون عليها إرضاء لأجندة إقليمية ودولية أرادت تهديم الوجود السياسي الشرعي السوري القائم لما يمثل من عبء عليهم في مقارنة مع أوضاعهم السياسية المتهرئة.
لو أن هؤلاء المعارضين السوريين يملكون الحد الأدنى من الحرص على بلدهم لما أدمنوا التسلي على الدماء التي تسيل فيه، ويمضون أوقاتهم أمام شاشات التلفاز يستحضرون خلالها كل نزعات التشفي والغل والغم، مستكثرين على دمشق أنها بقيت كما هي دون تتنازل عن حقها في الصمود وصد الهجمة الشرسة التي تعرضت لها.
لو أن هؤلاء المعارضين السوريين يملكون القدرة على قراءة اتجاهات الرياح وأسباب العواصف أو عوامل هبوب النسيم العليل، لكانوا الآن قد حزموا حقائبهم باتجاه طاولة الحوار بالنسخة الجديدة التي دعا إليها المبعوث الأممي دي مستورا، وتخلوا عن قراءة دفاترهم المستهلكة.
وبعيدا عن (لو أن) أقول لهؤلاء المعارضين السوريين: كفاكم كبرياء فارغة، وكفاكم أيضا أن تغلقوا أسماعكم وعيونكم عما يجري في المنطقة، وكفاكم التعنت بعدم الاعتراف بأن سوريا الآن ليست سوريا عام 2013 و2014 عندما كنتم تروجون لسقوط دمشق، وأنها ستكون في السلة التي نسجتموها.
إن من المنطق والفهم والشفافية التي يتطلبها الواقع أن تنظروا إلى ما قاله الإسرائيلي العنصري أفيجدور ليبرمان في تصريح نادر له, إن الأسد قد انتصر، وإن هناك دولا عربية وأوربية هي الآن تسعى للتعبير عن الود له.. وهذا اعتراف بفشل كل المشاريع التي مولتها إسرائيل لإسقاط الدولة السورية.
إن من النصيحة أن يستوقفكم تصريح ليبرمان لعدد من الأسباب، تلخيصها اعتراف واضح بهزيمة المخطط الإسرائيلي الذي كان يعول على إسقاط وتفتت الدولة السورية، مع ملاحظة أن من الصعب جدا، بل من المستحيل، أن يلجأ مسؤول إسرائيلي إلى هذا النوع من الاعتراف مما يشكل ذلك من ضغط نفسي يتعارض كليا ومنهج التعبئة الإسرائيلي الذي يقوم على ادعاء أن لا حدود لقدرة إسرائيل على تنفيذ أهدافها, وأن على الآخرين الانصياع إلى ما تريده، ولذلك ينبغي أن يُنظر إلى أن اعتراف ليبرمان في هذا الشأن هو سابقة كان لا بد منها، وألا تصبح القراءة الإسرائيلية خارج الحدث، وعندها تكون الخسارة الإسرائيلية مركبة بعد أن تأكد هذا الانتصار السوري، بل إن على المعارضة السورية أن تتعلم من المقاربة التي أطلقها وزير الدفاع الأميركي ماتيس وتراجع فيها عن أولويات أميركية بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران.
ومن النصيحة أيضا لهؤلاء المعارضين السوريين أن تخشبهم وانغلاقهم وتطاولهم على الحقائق لا يمكن أن يخدمهم بأي حال من الأحوال، وسيجدون أنفسهم, بل وجدوها الآن عارية من كل الأوراق التي كانوا يسترون فيها رؤيتهم السياسية.
ليست هزيمة لهم أن يعترفوا ويضعوا أنفسهم في خدمة خريطة السلام داخل بلدهم، وعليهم أن يستعينوا بفضيلة الاعتراف بالخطأ، وإذا كان من الصعب لهم التحلي بهذه الفضيلة، فعليهم على الأقل أن ينتزعوا أنفسهم من الورطة التي وضعوا حاضرهم ومستقبلهم فيها ويعتزلوا السياسة.