[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/adelsaad.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]عادل سعد[/author]
”هناك الآن أكثر من أربعين منظمة عمل عربي مشترك, بعضها مرتبط ارتباطا مباشرا بالجامعة، لأنها خرجت من رحم هذه المؤسسة القومية، والبعض الآخر جاء مخاضها في إطار معايشات إقليمية أو ثنائية، ثم أعلن انتسابها لهذه المؤسسة (الأم) على أساس مقاربة أن (حضن) جامعة الدول العربية (دافئ) ويستحق العيش في كنفه.”

من النصيحة إلى أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن يضع على قائمة أولوياته الآن, أين هي منظمات العمل العربي المشترك من دون أن يخشى ردودا غاضبة على تحريكه لهذا الملف إذا اعتمد دبلوماسية هادئة ودقيقة، هو أصلا من المتمرسين فيها، وبذلك يكون قد اشتغل على الطريق الموازي للطريق السياسي الحالي المملوء بالمطبات، وقطاع الطرق السياسية المدججين بالمزيد من استحضارات الخصومة والقطيعة والتأليب من أجل الافتراق.
بإمكان أمين عام جامعة الدول العربية أن يعطي جزءا من اهتمامه لهذا الموضوع، على الأقل لكي يكون على بينة، هل أصيبت كل تلك المنظمات بالشلل الكامل؟ وما هي المنظمات التي تحولت إلى جثث هامدة؟ والأخرى التي ما زالت تعاني موتا سريريا من دون أن يتم تحويلها إلى العناية المركزة؟ هل يمكن أن تعود إليها الروح بهامش معجزة, بل ولكي يعرف أن المقبرة التي يتولى حراستها (التوصيف له حسب ما قرأت) كم هو عدد قبور تلك المنظمات؟ وما الهياكل التي تستحق أن تكون في متحف أو التي تستحق الإشارة إليها على أن وفاتها جاءت مع سبق الإصرار والترصد الجنائي؟
للعلم أن هناك الآن أكثر من أربعين منظمة عمل عربي مشترك, بعضها مرتبط ارتباطا مباشرا بالجامعة، لأنها خرجت من رحم هذه المؤسسة القومية، والبعض الآخر جاء مخاضها في إطار معايشات إقليمية أو ثنائية، ثم أعلن انتسابها لهذه المؤسسة (الأم) على أساس مقاربة أن (حضن) جامعة الدول العربية (دافئ) ويستحق العيش في كنفه، ولكي لا يضيع أصلها القومي ضمن بعض الأصول الإقليمية، ولأن الاستراتيجية التنموية التي وضعت آلياتها القمة العربية التي انعقدت في العاصمة الأردنية عمَّان خلال عام 1980, تحتاج إلى منظمات من هذا النوع لإشباع حاجة العرب إلى ما يلبي (مصيرنا المشترك) الذي طال انتظاره وضاع الكثير من حيثياته في متاهات الجامعة دون أن يتكلف أحد في البحث عنها, ثم من الحسنة لأمين عام جامعة الدول العربية أن يتبنى مشروعا من هذا النوع, على الأقل لكي يحرر الجامعة من الاتهام السائد في الوقت الحاضر بأنها فقدت القدرة على قراءة بوصلة العمل العربي المشترك, أو على الأقل أيضا أن جامعة دول العربية ليست بمعزل عما تشهده الساحة الدولية من عزيمة لاعتماد الموازنات التشاركية التنموية الإقليمية والدولية, وإعادة تدوير اتجاهات التنمية على أسس واعتبارات تضع التنوع في مقدمة اهتماماتها لخدمة التنمية المستدامة.
إن فرضية الأطلال هي الأقرب إلى الواقع بشأن تلك المنظمات في ظل هزائم متوالية للمشروع التنموي القومي العام، ويحضرني هنا تشخيص للرئيس الفرنسي ماكرون اتهم فيها أوروبا بأنها تعاني من الضعف والبطء وعدم الفعالية وهكذا، ومن باب أولى أن يكون هذا التشخيص للواقع العربي المشترك إذا أخذنا بحقيقة أن الوحدة الأوروبية هي الآن ناشط فاعل في الميدان على عكس الوحدة العربية التي ما زالت مجرد حلم يدور الآن في أروقة النسيان، ويتحول من متاهة إلى أخرى بقصدية مفضوحة، وكأن هناك عددا من الشياطين الذين ليس لهم من مهمة إلا التشكيك بالمقدرات الاقتصادية.
أخيرا لا يحق لأي بلد عربي مهما امتلك من اعتداد ذاتي بقدرته الاقتصادية أن يستكثر على منظمات العمل العربي أن تكون وعاء له، وكفانا غيبوبة تنموية!