[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
أعجبني تعبير من أحد الأصدقاء العراقيين وصف فيه مشاعر الشعب العراقي بالآه المكتومة، رغم الشهداء الذين صاروا بالآلاف، وقبلهم بمئات الآلاف .. تلك الآه يشعرها أيضا الشعب السوري ونكاد لا نسمعها في أي مجال وموقع.
هنالك حزن بلا شك، صار معمقا وأصاب أجيال عربية، أحيانا يتفتق الألم الشديد عن إبداعات مفاجئة. أصعب ما جرى للسوريين أنهم كانوا في هناء فانقلبت حياتهم.. أما العراقيون فعاشوا الأزمات التي توالت من إلى حتى وصلوا إلى "داعش"، فإذا به ليس الرقم الأخير في المعاناة، بعدما أقدم مسعود البرزاني على خطوة تشبه إطلاق رصاصه في قلب العراق.
مع أني أكره كلمتي متفائل ومتشائم وأفضل عليهما المزيج بينهما كما كتبه أميل حبيبي وهو المتشائل، فإن المختبئ في عقل الإسرائيلي والأميركي ليس ما يسر العرب ولا أيامهم القادمة .. بالتجربة التي مرت، اكتشف الأميركي ومثله الإسرائيلي أن الفرصة باتت مناسبة لعدم إراحة الوطن العربي طالما أنه يتخبط في فوضاه وفي مصيره الوطني، ولذلك أفقد الأمل من أن تعود الأحوال إلى هدوئها السابق، بل هنالك مشاريع مؤامرات جديدة بأشكال مختلفة سوف تهبط علينا في وقتها.
خطوة الرئيس الأميركي ترامب تجاه النووي الإيراني واحدة من مقدمات تغيير المناخ في الشرق الأوسط وإعادة اللعبة الجهنمية إلى أولياتها. لقد باغت العالم بمقدماته التي بدأها منذ مدة وبالتمهيد لمشروعه الجديد .. ويبدو أن كل رئيس أميركي في البيت الأبيض له مشروعه الذي يمهد به لولاية ثانية في حكم أميركا، وفي الوقت ذاته في إعطاء ذاته حضورا وتألقا، فلا يجد سوى الشرق الأوسط موقعا لهذا الهدف، فكيف إذا كانت إيران هي المقصد!
صديقي العراقي أضاف أن الشعب العراقي ومثله السوري لن يقول الآه مهما طالت الأزمات وتجددت بأشكالها المتوقعة. عندما يكون هنالك تقرير مصير تصغر الأشياء في عيون الشعوب وتسهل التضحيات طالما أن الحب الوطني في قمة تجسده.
هنالك مشهد عربي ليس منسيا لكنه لا يحظى بالاهتمام الكافي وهو مشروع المصالحة بين حماس وفتح .. من المعيب استعمال كلمة المصالحة بين فصيلين يحملان شيئا من الغد الفلسطيني، لكن لكثرة المصالحات الكاذبة بين الطرفين لم يصدق الفلسطينيون ولا العرب أن هنالك نجاحا ثابتا هذه المرة. أعجبتني كلمة أبرز الشخصيات في حركة حماس وهو يحيى السنوار بقوله "سنكسر عنق كل من سيعمل على إسقاط المصالحة".
لا أعتقد أن تلك المصالحة مجانية وأنها لا تخفي وراءها أسبابا، خصوصا وأن إسرائيل لم تعرقلها حتى الآن، وكل ما ترضاه إسرائيل يعني أنها موافقة عليه، وبالتالي فأميركا أيضا. ويثبت الصمت الإسرائيلي يوما بعد يوم أن هنالك قطبة مخفية في المصالحة التي نرجو لها النجاح والاستمرار، وأن تكون آخر مطاف الصراع الفتحاوي الحماسي الذي أضر بالقضية الفلسطينية بل شرعها على أبواب جهنمية.
هي التناقضات في الصورة العربية الواحدة ويجب أن تكون كذلك كي لا تستهلك كثيرا من أعصابنا الحارة التي رغم البعد أحيانا في المسافات بيننا وبين المعارك الجارية، إلا أننا نكاد نسمع صوت الرصاص والقنابل، التأثير أيضا علينا كبير ونحن البعيدون عن المعارك، وهؤلاء المقاتلون سواء من الجيش العربي السوري أو شتى القوات العراقية المسلحة، فهم إخوتنا في الصميم، أرواحنا معلقة بهم، مستقبل أوطاننا رهن قدراتهم وتضحياتهم، نحن لسنا بشيء يذكر أمام عظمتهم.