[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
ثمة عقل صهيو ـ أميركي يدير اللعبة في شمال العراق (منطقة البرزاني) ويسعى قدر الإمكان لصدام عسكري مع القوات العراقية، هي عملية تهويل على الأكراد جميعا وفي أي مكان، بأن ثمة من يقتلهم ويذبحهم، فهبوا إلى القتال يا أكراد العالم، وبذلك يتحقق المبدأ الصهيوني حينما تجمعت حوله قوات من شتى بلدان العرب فكان دعمه من كل العالم، وهكذا تكرست إسرائيل.
عملان مضران في هذه المرحلة بالواقع في الشمال العراقي، وهما العزل والحرب. العزل كما يجري، تركيا وإيرانيا وعراقيا، يؤدي إلى المزيد من النزعة الشوفينية الكردية ويوحد الأكراد، والحرب ضدهم هم ينتظرونها بفارغ الصبر لأسباب قلناها. لن نقول كما قال شارل ديجول يوما أن حاربوهم بالإهمال، بل بالطرق التي تدفع الوضع الكردي إلى الانفجار داخليا، خصوصا وأن السليمانية ـ كما يبدو ـ لها رأيها الذي لا ينسجم مع أربيل البرزاني.
اختار الأكراد كركوك مسرحا لهم لأسباب مصالحية، وبذلك تم إبعاد مناطقهم عن الرصد اليومي والحسابات المتداولة، هكذا اختار العقل المدير لهم، أن أفضل الدفاع عن الذات الذهاب إلى مقتل الطرف الآخر، وكركوك قد تتحول إلى بؤرة انفجار، أو إلى مساحة حوار، المهم أن لا تخطئ الحكومة العراقية في قرارات الحرب التي هي الآن أثمن ما يريده البرزاني كي يجعل من الأكراد كتلة واحدة موحدة خلفه ومعه، ومن ثم يصرخ للعالم أن العرب يقتلوني لأني أسعى إلى "دولة".
ما زلنا في بدايات أزمة محكومة بسقوف ومخطط لها جيدا أن تخربط المنطقة وليس العراق وحده، وأن تدخل واقعا قيل فيه الكثير من المخاوف، وهو التقسيم .. فمن وضع الخطط تلك، أرسى معها كل الحسابات التي ستحصل، لأنه يريد لها أن تكتب النجاح في النهاية ..
رئيس الجمهورية اللبنانية الأسبق كميل شمعون أطلق في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي موقفه الشهير من مفهوم التقسيم في المنطقة معتبرا أن العراق هو من سيفتح بابه، وعلى العرب أن يتنبهوا بالتالي لهذا الجزء الهام منهم ..
الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله أكد في أحد خطاباته أن أفول "داعش" يعني إدخال المنطقة في واقع تدميري جديد وهو التقسيم .. وكاتب هذه السطور، ربما لا يخيفه "داعش" أكثر من مفهوم التقسيم باعتباره الأخطر على الأرض والشعب وعلى مستقبل الأجيال، بل مثلما سيقع هذا التقسيم من خلال حروب، سيكون هنالك حروب أخرى أعنف وهي إعادة التوحيد في زمن لا نعرفه لكنه سيأتي.
البرزاني يلعب بالنار، باشر مرحلته الثانية .. باتت خطواته مكشوفة منذ إصراره على الاستفتاء، فما أطلق مستشاريه ليقولوا إنه مجرد استفتاء على كلمتين نعم ولا، فيما الحقيقة تقول إن هاتين الكلمتين هما أصل اللعبة كلها لأنهما انتقلا من مجرد الإحساس إلى ترجمته في الواقع.
ليس العراق وحده في عين العاصفة الآن، هي المنطقة العربية بأسرها، بل هم العرب ومعهم الأتراك والإيرانيون .. المسألة محبط كبير يتحسس بلاده، ومساحته الجغرافية وشعبه وقواه .. من اختار شمال العراق مسرحا للفكرة الجهنمية في البداية، كان يعرف أنها الأشد تأثيرا على الواقع العربي وما هو خلفه .. هذه اللحظات هي الأخطر في عمر المنطقة، فنرجو استعمال العقل البارد كي لا يولد شمال العراق كما ولدت إسرائيل، فانتبهوا للتاريخ المتكرر.